مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار الهش في سورية أسبوعه الثاني، هدد وزير المصالحة الوطنية علي حيدر بأن دمشق مستعدة لخوض "معركة مفتوحة" في محافظة إدلب، مشدداً على أن النظام لن يسمح ببقائها في يد مقاتلي المعارضة إلى الأبد.

وفي مقابلة مع "رويترز"، قال حيدر، المسؤول المنوط بمفاوضات أدت إلى تخلي مقاتلي المعارضة عن مساحات من الأراضي كانت تحت سيطرتهم: "إذا لم يكن هناك من توافق دولي على حل الأزمة السورية يخرج المسلحين الأجانب ويقطع الطريق على الإمداد والتمويل والتسليح وإن بقي هذا الظرف الموضوعي قائماً وبقيت إدلب ساحة لهؤلاء فالخيار الآخر هو الذهاب إلى معركة مفتوحة معهم في تلك المناطق".

Ad

وأضاف: "الدولة السورية واضحة في سياستها عندما قالت إنها لن تتخلى عن أي بقعة من بقاع سورية وأظن أن إدلب هي من الساحات الحارة القادمة التي تضطلع الدولة السورية بمسؤوليتها في مواجهة الإرهابيين في تلك المساحة"، مؤكداً أن المقاتلين الأجانب يجب أن يغادروا ويجب أن تقطع خطوط الإمداد عبر تركيا.

واعتبر حيدر أن "انسداد الأفق أمام المسلحين نتيجة انجازات الجيش ونتيجة صمود الدولة وصمود الشعب، هو الذي دعا البعض منهم إلى القبول بمغادرة دمشق وأريافها وباقي المناطق، التي أنجزت بها مصالحات"، مشيراً إلى أن "تجربة داريا سرعت الاقتناع النهائي من المسلحين بأن الدولة لا تُواجَه إلى ما لا نهاية وأنه لا بد من إيجاد حل وأنه جزء من هذا الحل إما بالتسوية والمصالحات أو بالخروج إلى ساحات أخرى بعيدة".

درعا والقنيطرة

وقدر حيدر أن نحو عشرة آلاف من مقاتلي المعارضة استفادوا من منحهم ممراً آمناً إلى إدلب حتى الآن من مناطق غير حلب وقال: "نستطيع أن نتكلم حتى الآن عن حوالي عشرة آلاف مقاتل. قد يكون العدد أكثر في الفترات القادمة. طبعاً دون حلب لأن حلب وضع آخر. بعد حلب لم ينجز الحساب الأخير".

وتوقع أن يكون هناك عدد مواز لذلك خلال الأشهر الستة المقبلة وقال: "أظن هذا العدد يوازي هذا العدد إذا أكملنا ساحة المصالحات على مستوى ريف دمشق ودرعا والقنيطرة".

وأشار أيضاً إلى أن اتفاقاً محلياً يمكن التوصل إليه قريباً في وادي بردى قرب دمشق حيث تحارب القوات الحكومية وحلفاؤها مقاتلي المعارضة حاليا. وقال "أظن أن وادي بردى سينجز وقد ينجز خلال فترة قصير جداً ليست بالأشهر".

مفاوضات «أستانة»

واتهم حيدر السعودية وقطر بمحاولة عرقلة الاجتماع المقرر في "أستانة" عاصمة كازاخستان، فيما قال عن موقف تركيا "مجموعة عوامل جعلت التركي يبحث عن مخرج له بعيداً حتى عن حلفاء السابق السعوديين والقطريين وفي منافسة صريحة مع المصري على المنطقة. هذا الواقع الذي استفاد منه الروسي بشكل جيد وطرح مساراً يؤدي إلى جنيف في النهاية".

وتابع: "حتى الآن أستانة هي تعبير عن نوايا إيجابية، ولم تترجم هذه النوايا إلى أفعال حقيقية"، لكنه أضاف أن من الممكن عقد أول اجتماع بنهاية هذا الشهر، وقال "أظن أنه من الممكن أن يعقد في نهاية هذا الشهر ولو الجولة الأولى من هذا الحراك".

وداي بردى

في غضون ذلك، صعّدت قوات النظام غاراتها وقصفها بالبراميل المتفجرة على منطقة وادي بردى قرب دمشق أمس، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد "إلقاء الطيران الحربي صباحاً عشرة براميل متفجرة على الأقل على المنطقة".

ويشهد وادي بردى منذ 20 ديسمبر معارك مستمرة بين الطرفين، إثر بدء قوات النظام وحلفائها هجوماً للسيطرة على المنطقة التي تعد خزان مياه دمشق. وتسببت المعارك وفق المرصد بتضرر إحدى مضخات المياه الرئيسية ما أدى إلى قطع المياه عن العاصمة منذ أكثر من أسبوعين.

وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عن قطع المياه، في وقت شددت الأمم المتحدة، أمس الأول، على أن أعمال التخريب والحرمان من المياه تعد "جرائم حرب".

قتلى ورد

وأحصى المرصد مقتل طفل برصاص قناصة من قوات النظام في وادي بردى، تزامناً مع مقتل ثلاثة آخرين بينهم طفل جراء قصف لقوات النظام استهدف منطقة الغوطة الشرقية لدمشق، التي تشهد معارك بين قوات النظام وفصائل معارضة موقعة على اتفاق الهدنة.

وردت الفصائل المعارضة وفق المرصد، باطلاق قذائف صاروخية على دمشق، سقطت إحداها في منطقة العباسيين وتسببت بوقوع عدد من الجرحى.

وعلى رغم الهدنة وهي الأولى بغياب أي دور لواشنطن، تشهد بعض الجبهات وتحديداً في ريف دمشق خروقات متكررة. ويقول عبدالرحمن إنه على "رغم الخروقات هناك إصرار من تركيا وروسيا على أن تبقى الهدنة على قيد الحياة".

الرقة والباب

على صعيد ذي صلة، أعلن المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية "قسد" طلال سلو انتزاع الفصائل ذات الغالبية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، أمس الأول، السيطرة على قلعة "جعبر" على ضفاف بحيرة الأسد.

وقال سلو: "كل توجه القوات باتجاه منطقة سد نهر الفرات"، التي تهدف "قسد" إلى السيطرة عليه أيضاً في المرحلة الحالية من حملتها، مشيراً إلى أن تقدم القوات تباطأ بسبب ضباب كثيف أتاح لمقاتلي "داعش" استخدام أساليب الاندساس لمهاجمتها.

في المقابل، أكد وزير الدفاع التركي فكري إشيق أن فصائل الجيش الحر المنضوية في عملية "درع الفرات" يخوضون حرب شوارع مع عناصر "داعش" في مدينة الباب، مبيناً أن التقدم للسيطرة على المدينة تباطأ بسبب الحرص على عدم سقوط ضحايا من المدنيين.

وانتقد إشيق الدعم الأميركي للمسلحين الأكراد في سورية، معتبراً أن تركيا والمنطقة تدفعان ثمن اختيار الولايات المتحدة لـ"وحدات حماية الشعب" شريكاً في المعركة ضد "داعش".