تظل مشكلة الحقول النفطية المشتركة بين دول الجوار تثير أكثر من سؤال وإشكال حول عوائد هذه الحقول للطرفين، ومدى أحقية كل طرف في استثمارها، وينبغي أن تؤخذ هذه المواضيع من زاوية مهنية، وخصوصاً أن الحديث فيها يتطلب الاطلاع على شؤون النفط والعلاقات الدولية.

وزار وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، الذي عين في أغسطس 2016، الكويت في نهاية ديسمبر الماضي لغرض تحريك ملف الحقول المشتركة بين البلدين، وإحياء مشروع توريد الغاز للكويت، إضافة إلى تشجيع الشركات الكويتية على الاستثمار في العراق.

Ad

وتم الاتفاق على تشكيل لجان فنية للنظر في هذه الموضوعات، على أن تتم الاستعانة بشركة عالمية تحدد كميات إنتاج كل طرف، علماً أنه منذ 2009 والأطراف تدرس استغلال هذه الحقول، ويتم تشكيل الفرق، لكن الجهود الفنية تتعطل بسبب الأوضاع السياسية.

وعن هذا الموضوع، قال مصدر نفطي كويتي، إن أي قرار في أي مجال اقتصادي لابد أن يتعلق بالسياسة، ولا يمكن عزل الاقتصاد عن السياسة، مشيراً إلى أن النفط والطاقة ومصادر الطاقة هي محور رئيسي من مصادر الاقتصاد، لكن القرار السياسي يجب أن يكون متماشياً مع القرار الفني، أو يؤخذ بعين الاعتبار القراران الفني والاقتصادي.

ووفق المصدر، وعلى مر التاريخ شهدت دول كثيرة قرارات سياسية بغضّ النظر عن المصالح الاقتصادية، والآن لابد أن تكون هناك مرحلة جديدة يُقدم القرار الاقتصادي، ويؤخذ بالاعتبار ضمن القرار السياسي، بالتالي يكون القرار أكثر صواباً من أي قرارات منعزلة.

صفحة جديدة

وأضاف أن «العلاقة بين الكويت والعراق يحكمها كثير من القضايا، والعراق جار تعايشنا معه سنوات طويلة، والآن يجب أن ننظر إلى المستقبل، فالعراقيون والكويتيون كانوا ضحايا لنظام دكتاتوري، ويفترض أن نفتح صفحة جديدة مع العراق الذي يتمتع ببعد جغرافي وسياسي».

ولفت إلى أنه «كلما تعايشنا مع جارنا في سلام، وتبادل مشترك بالقضايا الرئيسية، كان ذلك خطوة في الطريق الصحيح، وخصوصاً إذا كان هناك حسن نوايا»، مضيفاً أنه يجب النظر إلى الواقع وعدم النظر إلى الماضي وما حصل بين البلدين. وأشار إلى أنه رغم ما عانته الدول الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، فإنها بعد زمن معين ألغت الحدود بينها، والآن تتعايش اقتصادياً وسياسياً، ويجب على الكويت التفكير في مثل هذه الجوانب، مشدداً على أنه مهما طال الزمن فسيبقى العراق جاراً للكويت، وما حصل في السابق خارج عن إرادة العراقيين الموجودين في السلطة الآن.

وعن الحقول المشتركة بين البلدين، قال إن «العراق لديه من النفط ما يكفيه، والكويت كذلك، والحقول المشتركة بين البلدين يمكن حلها، وفقاً للقوانين الدولية، ولدينا مثال مع الشقيقة السعودية بحيث يأخذ كل بلد حقه»، مشيراً إلى أن الكويت ساهمت كثيراً في العراق سابقاً، وهذا يدل على عمق جذور التعاون بين البلدين، وإذا أبدى العراق حسن النية، فعلينا أن نخطو معه في اتجاه التنمية».

وأكد أن الاقتصاديين والساسة العقلاء يرون ضرورة أن تكون هناك علاقة ثابتة بين البلدين تقوم على الأخوة وحسن الجوار والمصالح المشتركة.

مصالح مشتركة

وأكد المصدر النفطي أن هناك فرقا متشائمة، موضحا أن «هناك مجموعة من أعضاء مجلس الأمة، مع الأسف، لا تفقه في السياسة أي شيء، ولا تعي أنه لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم، وأن هناك مصالح مشتركة تتغير مع الظروف».

وأضاف أن «هناك لجاناً فنية بين البلدين تجتمع دائماً لإنهاء هذا الموضوع، وللكويت تجربة مشابهة مع الحقول السعودية المشتركة» المتوقفة حالياً منذ أكثر من عامين، مؤكداً أن «العراق سوق كبير وواعد، ولديه احتياطي نفطي كبير، لذا على الكويت أن تحسن علاقتها معه، وأن تتعاون أكثر مع الدول المجاورة لها مثل السعودية وإيران».

وطالب المعنيين في الكويت بمقابلة خطوة الشراكة مع العراق بإيجابية، لأنها ستفتح آفاقاً كبيرة للكويتيين في العراق، مناشداً الحكومة تسويق مثل هذه المشاريع إعلامياً بشكل مكثف في العراق، وبالأخص مشاريع نقل الغاز للكويت، إذ إن المشروع سيفتح آفاق عمل للكويت والعراق على حد سواء.

من جانبه، أكد مصدر نفطي آخر، أن موضوع الشراكة بين البلدين في الاستثمارات لن ينجح، مشيراً إلى أن الوضع بالعراق بدأ يتحسن نوعاً ما، وهناك استثمارات كبيرة في القطاع النفطي لتطويره، ومن المتوقع زيادة إنتاجهما من النفط وأسعاره مرتفعة وإيراداتهما ستكون ضخمة، وسيكون لديهما فائض.

وأكد أن فكرة الشراكة بين البلدين ستواجه صعوبة ما لم تستقر الأوضاع السياسية بين البلدين.

وعما إذا كان البرلمان الكويتي سيكون عائقاً أمام المشاريع المشتركة بين البلدين، قال، إن البرلمان لن يكون عائقاً، وسياسة «طاح الحطب» في الوقت الحالي صعبة جداً، لكن قد تكون هناك معارضة من البرلمان العراقي أكثر من الكويتي، إذ إن سياسة العراق خارجية أكثر منها داخلية، فالوقت مازال طويلاً لإيجاد مشاريع مشتركة بين البلدين.