في خطوة من شأنها تخفيف حدة التوتر بين تركيا والعراق، على خلفية النزاع الدبلوماسي بشأن وجود قوات تركية في معسكر بعشيقة شمال العراق، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، خلال استقباله نظيره التركي بن علي يلدريم في بغداد أمس، التوصل إلى اتفاق مع أنقرة بشأن سحب قواتها من المعسكر الواقع شمال البلاد، إلا أن يلدريم قال إن الاتفاق على موعد الانسحاب سيتم لاحقاً.وقال العبادي في مؤتمر مشترك مع يلدريم، إن «العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع تركيا»، فيما شدد الوزير التركي على أن بلاده لن تسمح بأي عمل يهدد سيادة العراق ووحدة أراضيه.
وجاءت زيارة يلدريم كأول زيارة لمسؤول تركي رفيع منذ اندلاع النزاع، بشأن القوات التي تقوم بتدريب عناصر من «الحشد العشائري» و«البيشمركة» الكردية، وتصر أنقرة على أنها دخلت بطلب من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني. ووصل الوزير التركي أمس إلى بغداد في زيارة تستغرق يومين، ومن المرتقب أن يجتمع خلال زيارته التي يبحث خلالها دعم بلاده للعراق في حربه على الإرهاب واستعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم «داعش»، برئيس الجمهورية فؤاد معصوم، قبل التوجه للقاء رئيس البرلمان سليم الجبوري.كما سيلتقي يلدريم في بغداد مسؤولين حزبيين، وسياسيين وعددا من قادة الرأي وممثلي تركمان العراق. وعقب انتهاء مباحثاته في بغداد سيتوجّه يلدريم إلى أربيل، عاصمة الإقليم الكردي، ليلتقي فيها البارزاني.ويرافق يلدريم خلال الزيارة الرسمية، وزراء الدفاع فكري إشيق، والتربية عصمت يلماز، والطاقة والموارد البشرية براءت ألبيرق، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والجمارك والتجارة بولنت توفنكجي.ووسط انتقادات من قوى شيعية لزيارة يلدريم، دعت الجبهة التركمانية في البرلمان العراقي، الكتل السياسية إلى إعطاء «الدور الأكبر» للحكومة لتخفيف «حدة التوتر» بين بغداد وأنقرة، بدلاً من وضع العراقيل أمام زيارة الوفد التركي.
«شيشانيو الموصل»
ميدانياً، أحرزت القوات العراقية المشتركة تقدما ميدانيا في حملتها لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، بمحافظة نينوى، من عناصر تنظيم «داعش»، بالوصول إلى أقرب نقطة لها من نهر دجلة، الذي يقسم المدينة إلى شطرين.وأشارت تقارير إلى وصول القوات قرب الجسر الرابع الذي يصل ضفتي الساحل الأيمن والأيسر من المدينة، حيث أصبح مطار الموصل ضمن مدى أسلحتها. وتمكنت قوات مكافحة الإرهاب في الأسبوع الثاني من المرحلة الثانية لعملية تحرير المدينة من السيطرة على مركز مخصص لـ«المجاهدين الشيشان»، وعثرت فيه على خرائط متعلقة بتنفيذ الهجمات المسلحة ومركز اتصالات وسجنين اثنين.وأعلنت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى»، أمس، أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب حررت حي الرفاق في الساحل الأيسر للمدينة، وتسيطر على أجزاء كبيرة منه، إضافة إلى مستشفى السلام وكلية الطب ومستشفى الشفاء.وقالت إن قوات الرد السريع التابعة للشرطة الاتحادية تمكنت من السيطرة على حي الغفران.في موازاة ذلك، كشف قائد العمليات اللواء نجم الجبوري عن صد أربع هجمات لـ«داعش» في المحور الشمالي من الموصل.وتشهد نينوى منذ 17 أكتوبر الماضي عمليات عسكرية واسعة النطاق، لاستعادة السيطرة على الموصل التي اجتاحها التنظيم المتشدد في يونيو 2014.«النجباء»
في هذه الأثناء، أعلنت ميليشيات «النجباء»، المنضوية ضمن فصائل «الحشد الشعبي» الشيعي، منع عبور قوات أميركية لمناطق تحت سيطرتها في جبال مكحول شمال محافظة صلاح الدين. وحذرت الميليشيات القوات الأميركية من «الاقتراب مرة أخرى من مواقعها العسكرية»، وأكدت استعدادها لمواجهة أي تقدم أميركي باتجاه مناطقها. واتهمت القوات الأميركية بـ«محاولة عرقلة تقدم القوات الأمنية والحشد الشعبي نحو الموصل».في السياق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، القوات الأمنية الموجودة في نقاط التفتيش إلى التعامل بـ«حزم مع الجميع»، مؤكداً أنه ليس من حق أحد الاعتداء على عناصر نقاط التفتيش حتى لو كان ممن يرفعون شعار «الحشد الشعبي» أو غيره.وقال الصدر إن «كل من يستهين بالقانون ليس منا بل هو عدو العراق، ويجب أن يحاسب ويعاقب ويتعامل معه بحزم بحيث يرتدع عن الخروقات».انهيار سد الموصل
في سياق منفصل، أكدت وزارة الموارد المائية العراقية، أمس، أنه لا توجد مؤشرات مختلفة بشأن «سد الموصل» عما كان سائدا بالعام الماضي.وقال الوزير حسن الجنابي في بيان، إن «أعمال تشغيل وصيانة السد المائي تجري بصورة طبيعية على مدار الساعة».جاء ذلك بعدما نشرت شبكة «سي إن إن» الإخبارية، تقريراً، استند إلى زيارة ميدانية وتقارير لمسؤولين وفنيين ومهندسين بموقع السد، نبه إلى النتائج «الكارثية» التي ستقع في حال انهيار سد الموصل بعد التحذيرات العديدة من مسؤولين عراقيين وخبراء أجانب من خطر التجاويف المستمرة أسفل السد، واحتمال انهياره بأي وقت.وجاء في تقرير الشبكة الأميركية أن وضع السد «أشبه بالجنون، فلدينا سد بطول ميلين، وبارتفاع 400 قدم، وخلفه 11 مليار متر مكعب من الماء، هو أشبه ببحيرة ضخمة، وإذا انهار السد والمخاوف من وقوع ذلك، فإن ما سيحدث هو تسونامي هائل على مسافة 100 ميل سيغرق كل شيء في طريقه».وتابع قائلا: «الموصل وهي مدينة يسكنها مليونا شخص ستغمر تحت 24 متراً من المياه خلال ساعة، وهذا يعني أنه لا يوجد وقت لإخلاء السكان، وسيصل الماء إلى بغداد خلال ثلاثة أيام، وستكون العاصمة تحت أربعة أمتار من المياه على أقل تقدير، وذلك منسوب سيغرق أغلب المباني والمطار الدولي في العاصمة التي تؤوي 6 ملايين شخص».قيادي كردي: فلنرجع إلى ما قبل «سايكس بيكو»
تواصلت الردود الكردية، على تصريح نائب رئيس الجمهورية العراقي نوري المالكي من طهران، الذي دعا فيه قوات «البيشمركة» الكردية الى العودة الى حدود ما قبل هجوم «داعش» الواسع على شمال العراق في 2014. في هذا السياق، قال القيادي في قوات البيشمركة، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، كمال كركوكي، إنه «لا يمكن أن تعود قوات البيشمركة إلى الوراء، كما أن على الجيش العراقي والحشد الشعبي الخروج من حمرين وشمالي تكريت، والانسحاب إلى حدود ما قبل اتفاقية سايكس بيكو».ورأى كركوكي أن تصريحات المالكي «تعبير واضح عمّا يدور في أذهان الأشخاص الذين يقودون السلطة في بغداد، كما أنها تُحتم على الأكراد أن يتيقظوا أكثر، فإذا لم يحققوا استقلالهم، فسيأتي يوم يتعرضون فيه للهجوم والقتال».وشدد على «ضرورة خروج الجيش العراقي والحشد الشعبي من الأراضي الكردية، والعودة إلى حدود ما قبل اتفاقية سايكس بيكو». وتابع: «على القوات العراقية الخروج من شمالي منطقة هيت وتكريت أيضاً، لأننا سنحررها منهم سواء بالتوافق أو بالقوة».وأكد أنه «من غير الممكن أن نُسلم الأراضي الكردية مجدداً للجيش العراقي الهزيل لكي يهرب كما فعل مع داعش. لن نسمح بأن يصبح شعبنا عبيداً بيد تنظيم داعش، ومن المستحيل أن نترك مصيرنا بأيدي العراقيين».