إحالة أمناء «مكافحة الفساد» للتقاعد تثير إشكاليات قانونية
• إسقاط أي عضو يتطلب إجراء تحقيق بعد شكوى الأغلبية من ارتكابه مخالفة جسيمة
• مخالفة الإجراءات تبطل قرارات الإحالة وتعيد الأمناء إلى مناصبهم بقوة القضاء
إشكاليات قانونية، يواجهها مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي غداً، بشأن كيفية التعامل مع خلافات أمناء هيئة مكافحة الفساد، فالخيارات المرفوعة من وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. فالح العزب، متعددة، ولكنها جميعاً تشترك في قرار إحالتهم إلى التقاعد، وهو ما يصطدم بقانون إنشاء الهيئة رقم 2 لسنة 2016.وقالت مصادر قانونية لـ«الجريدة»، إن أمام المجلس أربعة خيارات، تتضمن إحالة الرئيس ونائبه إلى التقاعد، أو إحالة الأمناء الخمسة، أو المجلس كله، أما الخيار الأخير فنقلهم بحسب درجاتهم إلى جهات حكومية أخرى، موضحة أن كل هذه الخيارات تصطدم بأحكام المواد 3 و6 و9 و19 من قانون الهيئة، وهو ما سيؤدي إلى إبطال قرارات الإحالة للتقاعد وعودة الأمناء بقوة القانون في حال لجوئهم إلى القضاء.وأوضحت المصادر أن «قانون إنشاء الهيئة نص في مادته الثالثة على إنشاء هيئة مستقلة تسمى الهيئة العامة لمكافحة الفساد، يشرف عليها وزير العدل، وتؤدي مهامها واختصاصاتها باستقلالية وحيادية كاملة»، مبينة أن هذا يؤكد أن «المشرع اتجه إلى إصدار هيئة تتمتع باستقلالية، وأن إشراف وزير العدل تنظيمي فقط بهدف ربطها بالجهات الرسمية الأخرى، كإصدار مراسيم بتعيين رئيسها وأعضاء مجلس أمنائها وفق أحكام المادة 6 من قانونها، دون أن يمتد إلى إعطاء الوزير صلاحية التدخل في عمل الهيئة».
وأكدت أن «الإحالة للتقاعد تخالف أحكام المادة 6، فضلاً عن أن الفقرة الأولى من المادة 9 التي تنص على أن تكون مدة تعيين مجلس الأمناء أربع سنوات قابلة للتجديد مرةً واحدة، ومن ثم فإن وسيلة التعيين هي المرسوم، ووسيلة الإنهاء هي انقضاء السنوات الأربع الثانية، أو عدم التجديد بعد انقضاء الأربع الأولى»، لافتة إلى أن «المشرع نتيجة لاستقرائه الواقع المستقبلي لعمل مجلس الأمناء أجاز حال ثبوت وقوع الإخلال الجسيم من الرئيس أو نائبه أو أي عضو بواجباته، أن يتم إسقاط عضويته وعدم إكماله ما تبقى له من مدة العضوية». ولفتت المصادر إلى أن الفقرة الثانية من المادة التاسعة اشترطت تحقق ثلاثة أمور مجتمعةً لإسقاط عضوية أي من أعضاء مجلس الأمناء، أولها تقديم اقتراح من أغلبية الأعضاء إلى وزير العدل، بإسقاط هذه العضوية، والثاني أن يقرر الوزير، بناء على هذا الاقتراح، إجراء تحقيق مع المطلوب إسقاط عضويته للتحقق من إخلاله الجسيم، مع ضمان حقه في الدفاع عن نفسه، وحيادية لجنة التحقيق، أما الأخير فأن يكون إخلال العضو الجسيم متعلقاً بواجبات وظيفته.ورأت أن إقدام الحكومة على إحالة الرئيس أو نائبه، دون اجتماع الشروط الثلاثة السابقة، «يعد افتئاتاً على الإجراءات المنصوص عليها في المادة التاسعة»، مضيفة أن الإحالة تتناقض مع أحكام المادة 19، التي أعطت للهيئة استقلالية مالية وإدارية، «بمنح مجلس الأمناء صلاحية ديوان الخدمة المدنية على موظفي الهيئة دون الأعضاء، أما الأعضاء فتنطبق عليهم المادة 6 والفقرة الأولى من المادة 9، ولا تطبق عليهم قواعد قانون الخدمة المدنية بشأن الإحالة للتقاعد».وبينت المصادر أن المشرع «لم يسمح بإمكان إحالة الرئيس أو نائبه إلى التقاعد بذريعة عدم الانسجام، والحل هو قيام الرئيس أو النائب أو الأعضاء بالدعوة إلى اجتماع لمجلس الأمناء لاتخاذ قرار بشأن إسقاط العضوية»، مشددة على أن الإقدام على الإحالة للتقاعد دون مراعاة الضمانات المنصوص عليها يعد «إهداراً لاستقلالية الهيئة التي حرص القانون على عدم العبث أو المساس بها».