يتألف كتاب «مقتربات القوة الذكية الأميركية كآلية من آليات التغيير الدولي: الولايات المتحدة الأميركية أنموذجاً» من أربعة فصول: «الإطار المفاهيمي لمقتربات القوة الذكية والتغيير الدولي، يتمحور حول الأسس التي يقوم عليها البناء العلمي لمقتربات القوة الذكية الأميركية وآليات التغيير الدولي، لفكّ اللبس في المفاهيم والرموز التي تتعلق بها، لا سيما أنّ تلك المفاهيم والمصطلحات ليست موضع اتفاق، فضلاً عن اختلافها من مجال إلى آخر، كذلك في الاختصاص الدقيق من العلم نفسه. وفي ضوء ذلك، تناول مؤلف الكتاب الباحث العراقي سيف الهرمزي بالتفصيل مقتربات القوة والمفاهيم المقاربة وأبعادها، ومفهوم القوة الذكية ومصادرها كمتغير مستقل، والتغيير الدولي كمتغير تابع.

في الفصل الثاني «القوة الذكية الأميركية: الأصول الفكرية والمقومات المادية والدوافع المبلورة»، يعرض الهرمزي الأصول الفكرية الأميركية للقوة الذكية، انطلاقاً من فحوى منطلقات أفكار المدرسة الواقعية التقليدية و«النيوواقعية» التي جاءت، وفقاً للحاجة الماسة إلى المرحلة، سواء كان ذلك في الطرح أو في التطبيق، في القرن الحادي والعشرين. كذلك يعرض المقومات المادية للقوة الذكية الأميركية، والدوافع التي تبلورها، متناولاً دورها في تنفيذ بنود القوة الذكية في النسق الدولي.

Ad

إخفاقات وسلبيات

 في الفصل الثالث، «القوة الذكية الأميركية كإستراتيجية أداء: المتضمنات الاقتصادية والتوظيف والتحديات»، يتناول الباحث المعيارَ التطبيقي في ممارسة القوة الذكية الأميركية في الأداء الشامل، للانطلاق في معالجة الإخفاقات والسلبيات، وفقاً لمتطلبات واقع التغيير الدولي، من ثمّ «سدّ الثغرات من خلال مصادر القوة المتنوعة وتوظيفها، بما يخدم الأهداف الإستراتيجية الشاملة». وفي السياق ذاته، تمّت «دراسة التحديات التي تقف في وجه تقنيات القوة الأميركية بصورها ومسمّياتها المختلفة التي تسعى إلى اجتياز تلك الموانع أو تحييدها، وكلٌ بحسب المرحلة الزمنية والظرف المكاني، وصولاً إلى الاستجابة الأميركية للتحديات من منطلقات القوة الذكية».

 يوضح أنّ الإدراك الإستراتيجي الأميركي للشرق الأوسط جعل من الصعوبة استخدام القوة الناعمة في تلك المنطقة «لأسباب كثيرة تتعلق بالفروق الثقافية الكبيرة بين الولايات المتحدة وبين الشرق الأوسط، ونزعة العداء المتنامية للأولى بسبب السياسات الأميركية في حقل الصراع العربي- الإسرائيلي، فضلاً عن حربَي العراق وأفغانستان. ورغم وجود جوانب كثيرة في الثقافة الأميركية يحبها أبناء الشرق الأوسط باعتبارها أساساً جيداً للقوة الناعمة، أثبتت الولايات المتحدة إخفاقها في استغلال هذه الفرص».

الفصل الرابع «مستقبل القوة الذكية في ظل مقومات القوة الأميركية» يخصصه الباحث لاستشراف مستقبل القوة الذكية الأميركية، متناولاً مكانة الدراسات المستقبلية في المدرك الأميركي، والقوة الذكية الأميركية بين مشهدَي التراجع والاستمرار، ومقترب تطور إستراتيجية القوة الأميركية. يقول الهرمزي: «لعل من أول واجبات استشراف المستقبل الأميركي في ظل التغيير الدولي، تلك الواجبات التي تكمن في تحديد المقاصد من البُعد الإستراتيجي للقوة الذكية لأجل تأطير التغيير الذي يوضح الرؤية التي عمدت لأجلها المدركات الأميركية إلى توظيف المتنافسات وتحفيز المتناقضات، فخرج ذلك المدرك بنتيجة هي أنّ صناعة المستقبل تعتمد على امتلاك القوة الذكية، الأمر الذي دعا إلى تحديد مكانة المستقبل في مدرك صانع القرار الأميركي».

 يشير إلى أن الدراسات المستقبلية اعتمدت المشاهد لتحديد الأطر والفرص لما ستؤول إليه الأمور أو الحوادث في خضم التغيير المتسارع. ومن أكثر المشاهد رواجاً في الأوساط الأكاديمية التراجع الذي يعتمد على نقاط الضعف وتحليل الكوابح التي تعرقل المشروع أو الإستراتيجية، ومشهد الاستمرار الذي يعبّر عن الفرص التي تعضد خيار الديمومة والدينامية في ظل التغيير وتقدمه، ومن ثمّ «وُضِع مشهدان لمستقبل القوة الذكية الأميركي: التراجع والاستمرار، لفهم كل اتجاه وتعليله».

 

توصيات

يختتم الهرمزي كتابه بتوصيات أهمها: ضرورة تنويع استخدام مصادر القوة كآلية للتغيير الدولي، التشديد على أهمية القوة الاقتصادية في دعم مقومات القوة الأخرى، ضرورة قيام توافق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لضمان نجاح القوة الذكية واستمرار أدائها، ضبط إيقاع انتشار القوة وتوسعها بإستراتيجية ثابتة الأهداف، استلهام دروس حربَي العراق وأفغانستان، خصوصاً أنّ التفرد بقيادة النظام الدولي أمرٌ مكلف جداً على المستويين الاقتصادي والعسكري، وأنّ القدرة لا القوة هي ما يحدد مكانة الدولة. وهكذا، فإنّ «روح المجازفة والمبادرة في التوظيف هي التي تحقق مردودات ناجعة على الصعد المختلفة».

نبذة

سيف الهرمزي، متخصص في العلوم السياسية والشأن الأميركي. حاصل على شهادة دكتوراه في العلاقات الاقتصادية الدولية. صدر له كتاب «الحرب الأميركية على العراق: الدوافع الإستراتيجية والأبعاد الاقتصادية».