عندما يتسلم ترامب منصبه بصفته الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، سيراقب الجميع طريقة تفاعل إدارته مع الكونغرس الخامس عشر بعد المئة، ففي السنوات الأخيرة باتت المناورات بين البيت الأبيض والكونغرس مستهلكة ومتوقَّعة، إلا أننا نشهد راهناً ديناميكية جديدة، وقد يكون لها عواقب تاريخية.

عجز أوباما خلال عهده عن بناء الائتلافات، فسادت حالة من الجمود، كان أوباما يقع بسرعة في الحيرة، فقد اعتبر أي نوع من المعارضة غير منطقي، لذلك اعتاد الاستسلام في الحال، ونتيجة لذلك لم تحرز واشنطن أي تقدّم، فكان مجلس النواب يسن تشريعات يدرك جيداً أن مجلس الشيوخ لن يمررها وأن الرئيس لن يوقعها، وهكذا تحولت تشريعات كثيرة إلى مجرد شكليات، ومحاولات استعراض، ومواقف سياسية بدل أن تشكّل جهداً حقيقياً لإنجاز هدف مهم، ولكن بعد أقل من شهر من اليوم ستُتاح للمرة الأولى منذ عام 2009 فرصة حقيقية لتمرير مشاريع قوانين حقيقية في كلا المجلسين ليوقعها الرئيس ترامب بعد ذلك وتتحول إلى قوانين سارية المفعول.

Ad

ثمة عدد كبير من الجهود التشريعية التي يستطيع الكونغرس بقيادة الجمهوريين بذلها بطريقة تجمع كلا الجزبين، أعلنت القيادة الجمهورية أن الإصلاح الضريبي، والإصلاح التنظيمي، ورزمة البنية التحتية، وعملية إعادة تنظيم ضخمة لبرنامج أوباما الصحي ستحتل المراتب الأولى على قائمة أولوياتها، ويبدو الجمهوريون متفائلين حيال قدرتهم على التقدم بسرعة في عدد من هذه المسائل، في حين ستتطلب أخرى، مثل إلغاء برنامج أوباما الصحي واستبداله، وقتاً أطول كي تثمر.

ولكن كما أشار معلّق "واشنطن بوست" بول كاين، تسلم عدد كبير من الرؤساء منصبهم وهم مستعدون لإجراء تغييرات كبيرة في الحال، "إلا أنهم سرعان ما اصطدموا بمجلس الشيوخ الأميركي"، ولا شك أن واقع مجلس الشيوخ سيشكل تحدياً لترامب خلال أيامه المئة الأولى في منصبه، ولكن ثمة أخبار جيدة لإدارة ترامب: أولاً يملك زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (ممثل كنتاكي الجمهوري) خطة دوماً، متفوقاً على أي شخص آخر أعرفه في واشنطن، وسينتهي المطاف بكل ما تريده إدارة ترامب وكل ما يحلم به محافظو الحزب الجمهوري إلى عتبة بابه. ثانياً سيواجه 23 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ، فضلاً عن عضوَين مستقلَين أيدا الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية، انتخابات منتصف الولاية عام 2018، وينتمي 11 من هؤلاء السيناتورات الخمسة والعشرين إلى ولايات فاز فيها ترامب في انتخابات عام 2016 (أو فاز فيها جزئياً، كما في ميامي). نتيجة لذلك سيقلق أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء بشأن إعادة انتخابهم في ولاياتهم، إذا شكّلوا أداة تعطيل في يد زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر ولم يدعموا بعض التغييرات في واشنطن على الأقل.

تعتمد فاعلية الديناميكية الجديدة في واشنطن في المقام الأول على ترامب وفريقه. صحيح أنه ما من رئيس منذ عهد دوايت د. أيزنهاور تسلّم منصبه وهو يتمتع بهذا المقدار الكبير من القوة السياسية الخام كما الرئيس ترامب، إلا أن معرفة الممكن، وحشد الأصوات وإحصاءها لن تكون سهلة. لنكن واقعيين: لا يُعتبر ترامب رئيساً موحِّداً، إلا أنه يبرع في عقد الصفقات. يشكّل مصطلحة "التوحيد" على الأرجح كلمة مستهلكة ومفهوماً مبالغاً فيه. فضلاً عن ذلك لا تقوم الفاعلية دوماً على التصرف بلطف وتوحيد الناس، ولا شك أن ترامب سيخضع لامتحان بهدف تحديد ما إذا باستطاعته استعمال المتوافر له (من تويتر إلى صلاحيات الرئاسة الأميركية) ليقدّم بعض النتائج بإعادة واشنطن إلى فاعليتها.

* إد روجرز

* «واشنطن بوست»