قال تقرير صادر عن شركة «رساميل» إن الأسواق العالمية شهدت العديد من الأحداث عام 2016، كان بعضها أكثر سلبية مقارنة مع التطورات الإيجابية، لكن رغم ذلك أنهت الأسواق المالية العالمية العام، بشكل إيجابي وأعدت نفسها بشكل جيد للعام الجديد.

ووفق التقرير، كان مؤشر «MSCI» للأسواق العالمية حقق خلال العام الماضي مكاسب بنسبة 5 في المئة، في حين تراجع مؤشر Stoxx600 بنسبة 1.2 في المئة، بينما ارتفع مؤشر «MSCI» لأسهم آسيا والمحيط الهادىء بنسبة 1.5 في المئة.

Ad

وفي التفاصيل، كانت الأسواق المالية في الولايات المتحدة أنهت العام بشكل إيجابي وسط تحقيق مؤشر S&P 500 مكاسب بنسبة 9.5 في المئة.

موقع أفضل

وعلى الرغم من أن العام كان صعباً على بعض الأسواق فإن الولايات المتحدة تبدو في موقع أفضل مما كانت في بداية عام 2016. وستكون الولايات المتحدة خلال هذا العام تحت إدارة جديدة برئاسة دونالد ترامب وهو الأمر الذي تفاعلت معه الأسواق المالية بشكل إيجابي منذ فوزه المفاجىء بالانتخابات الرئاسية على منافسته هيلاري كلينتون وتتوقع اعتماده على سياسة إنفاق مالي كبيرة خلال ولايته الرئاسية كما وعد خلال الحملة الانتخابية.

وكانت الولايات المتحدة ومن أجل الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية خلال الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2009 قد اعتمدت على سياسات مالية ميسّرة وبرنامج للتيسير الكمّي من أجل إعادة إطلاق عجلة اقتصادها.

ومع ارتفاع عدد العاملين بشكل حاد خلال السنوات التي تلت، وتحسّن أرباح الشركات قام مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بإنهاء برنامجه للتيسير الكمّي ورفع في وقت متأخر من عام 2015 سعر الفائدة.ومع ذلك، ومن أجل الحفاظ على النمو المطرد الذي يحققه الاقتصاد في وقت يعاني فيه النمو الاقتصادي العال

وشدد الفدرالي الأميركي على وقف رفع أسعار الفائدة طوال عام 2016. وعلى أن البيانات الاقتصادية هي التي ستحدد توجهه المستقبلي على صعيد الفائدة.

وبناء على ذلك وعندما أشارت المؤشرات الاقتصادية إلى وضع إيجابي وتحسّن مطرد في الوضع الاقتصادي قام الفدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت متأخر من 2016 وتوقع رفعها 3 مرات خلال عام 2017.

ومن المتوقع ارتفاع قيمة الدولار الأميركي في ظل هذه الزيادات المحتملة وهو ما سلطت الضوء عليه لجنة السوق المفتوحة في الفدرالي الأميركي «البنك المركي» وفقاً لمحضر اجتماعها.

ومنها أيضاً جود دولار قوي هو جيد بالنسبة للاقتصاد العالمي، لكن دولار قوي جدا يضع النمو في الولايات المتحدة محل سؤال لأنه يجعل منتجات الدول الأخرى أكثر جدوى. وقد نجحت أرباح الشركات في الولايات المتحدة بالصمود على الرغم من تداعيات وجود دولار قوي وانخفاض أسعار النفط العالمية بنسبة 50 في المئة منذ شهر يوليو 2014.

وفي حين عانت بعض الشركات في ضوء الظروف العالمية الصعبة، فإن بعضها الآخر ازدهر نتيجة زيادة الأجور وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي.

وتتراجع المخاوف من الظروف العالمية بفضل تحسّن الأوضاع الاقتصادية في أوروبا على ضوء إطلاق البنك المركزي الأوروبي برنامجاً للتيسير الكمّي والبيانات الاقتصادية الصينية الأخيرة التي أشارت إلى تحسن قطاع الصناعة.

وقد يؤدي ذلك إلى جانب التحسينات المستمرة في قطاع العمل والأجور وقطاع الصناعة في الولايات المتحدة إلى استفادت الشركات الأميركية والأسواق بشكل كبير من تراجع حدة المخاوف.

ويخطط الرئيس الأميركي المنتخب إلى الإنفاق بشكل كبير على قطاع البنية التحتية، وهي الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية والتي أن حصلت فإنها تأتي بعد السياسات النقدية المتعددة المذكورة آنفا.

مضاعفة النمو

ويتم تنفيذ هذه السياسات المالية بهدف مضاعفة النمو الاقتصادي وتحديث البنية التحتية القديمة للبلاد. وستساعد هذه السياسة، كما رأينا في أسواق الأسهم في الأسابيع التي تلت فوزه بالانتخابات، قطاعات الصناعة والمواد والطاقة، التي لم تحقق النمو الذي شهدته قطاعات أخرى منذ عام 2008.

كما يخطط الرئيس المنتخب لزيادة الحجم التجاري للولايات المتحدة. ويرى ترامب أن الولايات المتحدة لا تحصل على حصة عادلة من التجارة العالمية، ولذلك فهو يخطط لتمرير تشريعات بهدف حماية القطاع الصناعي في الولايات المتحدة في التجارة العالمية. وشهدت الولايات المتحدة منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر 2016 تأجيل بعض الشركاتخططها لبناء مصانع خارج الولايات المتحدة.

ومع ذلك، يبدو أن خطط الرئيس المنتخب واسعة وعامة، ولم يتم حتى الآن الإعلان عن أساليب تنفيذ هذه الخطط وبالتالي يستمر الغموض الذي كان سائداً بشكل كبير في عام 2016.

وعلى سبيل المثال يعتزم الرئيس المنتخب خفض العجز وزيادة الإنفاق على البنية التحتية في الوقت نفسه، وما تزال آلية تنفيذ ذلك غير معروفة. كما أن موقفه من التجارة العالمية، الذي قد يكون بشكل ما مفيداً لبعض القطاعات الاقتصادية الأمريكية، يهدد شركات قطاعات أخرى بسبب اعتمادها على تكلفة صناعية منخفضة خارج الولايات المتحدة من أجل تحقيق الأرباح لاسيما شركات قطاع صناعة الملابس وتكنولوجيا المعلومات. قد تتأثر بعض الشركات الأمريكية الأخرى نتيجة مبادرات الرئيس المنتخب لتشجيع التصنيع في الولايات المتحدة.

منطقة اليورو على موعد مع نمو منخفض

على صعيد منطقة اليورو، نتوقع تحقيق اقتصادها نمواً بمستويات منخفضة خلال 2017، ونحن نرى أن الركود الذي تعاني منه منطقة اليورو هو نتيجة تراكم الركود الذي شهدته على مدى العقد الماضي.

ويفترض مع تراجع الركود قليلاً في منطقة اليورو أن تبدأ الضغوط الانكماشية بالتراجع وكذلك مستويات البطالة على أن تبدأ عجلة الاقتصاد الأوروبي بالدوران بشكل أكثر استقراراً.

من المتوقع ونحن ندخل عام 2017 أن نشهد تحولاً مهماً على صعيد القوة المحركة للنمو في أوروبا، ربما أهمها ستكون سياسات مالية ميسّرة بشكل أكبر، ونتيجة لذلك، فإن السبب الرئيسي لتكون منطقة اليورو قادرة على تحقيق النمو بنسبة تتجاوز التوجهات هي السياسات المالية الميسّرة مع دعم مالي على أن يكون الطلب في صلبها.

ولعل أكبر المخاطر السلبية تأتي من الجانب السياسي وليس الجانب الاقتصادي والمالي. وبما أننا سنشهد انتخابات في بعض الدول الأوروبية الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا خلال عام 2017، ونظراً إلى استطلاعات الرأي، التي تشير إلى أداء قوي جداً من قبل الأحزاب الشعبوية و / أو المتشككة تجاه الاتحاد الأوروبي فإن هناك مخاطر تهدد اختلال توازن القوى السياسية التي كانت طوال العقود الماضية مؤيدة لأوروبا.

مما لا شك فيه أنه سيكون لذلك تأثير على الأسواق وتوقعات الاقتصاد الكلي لأوروبا. ومع ذلك فإن الإعداد المؤسسي في أوروبا يعني أن تلك الأحزاب الشعبية لديها طريق طويل لتقطعه قبل امتلاك قوة ذات مغزى في معظم الدول الأوروبية الكبرى.

وفي المملكة المتحدة، فمن المتوقع تسجيل الاقتصاد البريطاني نفس نوع التباطؤ المعتدل كالذي ستحققه أجزاء أخرى من أوروبا. يعكس ذلك حقيقة أن ارتفاع معدل التضخم نتيجة انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني عقب الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي على الأرجح إلى تقويض الدخل الحقيقي للأسر وربما تقييد الاستهلاك.

وفي الوقت نفسه، فإن حالة عدم اليقين حول علاقة المملكة المتحدة مع بقية أوروبا هو أمر من شأنه ترك أثر على استعداد الشركات للإنفاق الرأسمالي وقرارات التوظيف في المملكة المتحدة أو أوروبا.

وتبقى الصورة الكبيرة في أوروبا مكوّنة من جانبين أحدهما يظهر فيه استمرار النمو الاقتصادي بوتيرة كافية للحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد ولكن في الوقت نفسه ليس بالمستويات التي تتيح إيجاد حلول لنقاط الضعف المؤسسية الأساسية في منطقة اليورو والضعف الهيكلي في الاقتصاد الأوروبي، والتي سوف تتيح لأوروبا بالنجاة من الوضع الذي يسوده النمو المنخفض والثقة المنخفضة.