ظلت أسعار السلع الأساسية حتى المنتجات التي تصنعها الصين مروراً بأسعار الوقود في أوروبا والولايات المتحدة منخفضة لسنوات، لكنها في نهاية المطاف تبدو متجهة للصعود، فهل يعد هذا الأمر جيداً؟

فبعد فترة طويلة من شعور محافظي البنوك المركزية بالقلق إزاء الانكماش والاضطرار إلى اتباع أساليب غير تقليدية مثل معدلات الفائدة السالبة ستكون إجابة السؤال السابق هي «نعم»، بحسب تقرير لـ«بلومبرغ».

Ad

لكن تحديد ما إذا كان تسارع نمو الأسعار يعني تعافي الاقتصاد العالمي من الكساد العظيم، يتطلب استكشاف ما سيحدث لاحقاً.

وفي الحالة الوردية الأكثر تفاؤلاً، قد يحقق الاقتصاد العالمي انتعاشاً بدعم من ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل النفط الخام والحديد، إلى جانب آفاق تحسن الطلب والإنفاق في الولايات المتحدة مع رئاسة دونالد ترامب.

بينما في سيناريو آخر، فإن سلسلة من المخاطر السياسية على رأسها ترامب نفسه إلى جانب التخبط المحتمل من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تعرقل هذه الآفاق الجيدة مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار ونمو الأجور.

في ألمانيا ارتفعت الأسعار بنسبة 1 في المئة إلى 1.7 في المئة خلال ديسمبر، وهي أكبر زيادة كبيرة، وأسهمت في تعزيز مؤشر الأسعار في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياته منذ 2013.

وارتفعت أسعار المنتجين بمنطقة اليورو للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، مسجلة نمواً قدره 0.1 في المئة خلال نوفمبر، في حين تسارع التضخم في أسعار المنتجين في الصين إلى أعلى مستوياته منذ عام 2011 وارتفع مؤشر مجلس الاحتياطي الفدرالي للتضخم بنسبة 1.4 في المئة على أساس سنوي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وهي أسرع وتيرة منذ عام 2014.

وأسهمت هذه التحولات، بالإضافة إلى توقعات تسارع النمو في الولايات المتحدة الأميركية والتحفيز النقدي المستمر في أوروبا، في انتشال الاقتصاد العالمي من دوامة الانكماش، حيث يعتقد محللون بأن عام 2016 شهد نهاية الضغوط الانكماشية العالمية.

- يتوقع بنك «إتش إس بي سي» ارتفاع النمو والتضخم على صعيد الاقتصاد العالمي خلال الأعوام الثلاثة من 2016 حتى 2018، ويرى أن التضخم في الاقتصادات المتقدمة سيبلغ 1.9 في المئة خلال العام المقبل.

- في اليابان حيث كان الصراع مع الانكماش حاداً للغاية، يؤمن صناع السياسات، أن تحسن الثقة سيسهم في تعافي الاقتصاد العالمي، ويرون أن بلادهم في طريقها لإنهاء الانكماش خلال هذا العام بفضل تنامي الثقة.

- في الولايات المتحدة، تعهد ترامب بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق المالي، مما عزز من آفاق التضخم، في حين أشار العديد من المسؤولين بالاحتياطي الفدرالي «البنك المركزي» إلى زيادة فرص خفض البطالة إلى ما دون المستوى الطبيعي.

- نتيجة لذلك، قد يحتاج الفدرالي لرفع سعر الفائدة بسرعة أكبر مما كان متوقعاً للحد من التراكم المحتمل للضغوط التضخمية.

- من المؤكد أن الصورة ليست موحدة والبيانات الرئيسية للتضخم قد تكون مضللة، فالبعض يرى أن الانتعاش الحاصل هو ارتداد لأسعار السلع الأساسية المنخفضة، وليس انتعاشاً قوياً بالأساسيات، وقد يكون الارتفاع غير مستدام.

- في منطقة اليورو حيث تقبع معدلات البطالة قرب 10 في المئة يصعب تصور إمكانية تحويل هذا الارتفاع بالتضخم إلى أحد المكاسب القوية للأجور التي يمكن أن تساعد في خلق حلقة نشطة بالاقتصاد.

- حينما يرتفع مؤشر الأسعار الرئيسي قرب مستهدف البنك المركزي الأوروبي عند 2 في المئة سنوياً، فإن معدل التضخم الأساسي باستثناء أسعار الطاقة والغذاء يبقى عالقاً قرب مستواه الحالي عند 1 في المئة.

- مع ذلك، يرى البعض أن الانتعاش الهيكلي سيستمر لفترة طويل، مع إظهار منطقة اليورو مرونة غير متوقعة في مواجهة مجموعة من التهديدات منها تباطؤ النمو في الصين وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.