«معركة الموصل»: تكتيك جديد يحرر دجلة والضفة اليمنى تنتظر أخطر المواجهات

نشر في 10-01-2017
آخر تحديث 10-01-2017 | 00:04
ضباط في حي الزهور أثناء معركة مع داعش في الموصل
ضباط في حي الزهور أثناء معركة مع داعش في الموصل
بعد توقف أشاع بعض الإحباط الشعبي، وخسائر اعتبرت مرتفعة في صفوف أفضل الوحدات الخاصة في القوات العراقية، نجحت تكتيكات جديدة حسب خبراء عسكريين، في استنزاف ملحوظ لانتحاريي تنظيم "داعش" وعرباته المفخخة، وعبرت نهرا متفرعا عن دجلة لتسيطر على أهم المناطق في الساحل الأيسر من الموصل، ثاني أكبر مدن العراق وآخر الحواضر السنية هناك، وتحقق التقدم بنحو متواتر ومفاجئ منذ فجر الجمعة.

وأعلنت القوات الأحد الماضي، وصولها الى نهر دجلة لأول مرة في القتال الذي اندلع قبل 12 أسبوعا، حيث بلغت الجسر الرابع في المدينة وسط الموصل، وهذا يعني أن عملية الشطر الأيسر تقترب من نهايتها، حسب مصادر عسكرية تهتم بتحليل التطور الميداني المتسارع.

وبدأت موجة التقدم فجر الجمعة، حين عبرت قوات مكافحة الإرهاب نهر الخوصر المتفرع من دجلة وقت الفجر، في مغامرة أثبتت نجاحها، وكشفت أن "داعش" جرى استنزافه بوضوح، حيث انخفض عدد انتحارييه ومفخخاته، حسب تقارير أميركية وعراقية، ولذلك بدا أنه ينهار منطقة بعد منطقة، وبنحو متسارع.

أما الأسلوب الفاعل في كل هذا، حسب المصادر العسكرية، فهو التكتيك الجديد لقوات النخبة الذي تمثل بالحركة في مجاميع صغيرة فاعلة بدأت تنجح وتقلل الخسائر الى حد كبير، بدل الاقتحام بقوات كبيرة وعربات ثقيلة يسهل رصدها، الى جانب ما أسمته قوات التحالف بـ "الاندماج المكثف لوحدات فرنسية وأميركية مع الجيش العراقي" يحدث للمرة الأولى.

ورغم أن وجود المستشارين وعناصر القوات الخاصة الغربية بقي محدودا وغير مرئي، فإنه ظهر في تطوير نوع المناورات والتكتيكات.

وبات الساحل الأيسر من دجلة في الموصل حاليا، ثلاثة أقسام منفصلة، إذ إن "داعش" لا يستطيع بعد اليوم الانتقال من قسم الى آخر، حيث إنه محاصر بشكل صارم وغير قادر على إمداد عناصره المحاصرين أو إغاثتهم.

وحسب المصادر، فإن الجيش سيبقى خارج المناطق التي لايزال "داعش" يتحصن فيها، اذ يجري انتظار الانتحاريين واستدراجهم الى مواقع القوات الحكومية، حينها تبدأ "حفلة صيد ربما تشارك فيها مروحيات الأباتشي الأميركية"، حسب وصف ضباط عراقيين.

ورغم أهمية ما حصل في الجانب الأيسر، فإن الشطر الأيمن من المدينة، حيث الأحياء العتيقة في هذه الحاضرة التاريخية، يظل الأكثر كثافة سكانية، ويعقد مهمة القوات بعد أن اتخذ "داعش" من السكان ما يشبه الدرع البشرية له، وهو أمر يحرج القوات العراقية والدولية كثيرا، ومع ذلك فإن تسريبات الجيش تشير الى سيناريو مختلف مفاده استخدام المروحيات الأميركية المتطورة للقيام بإنزال عناصر القوات الخاصة العراقية على الساحل الأيمن، وبدء عملياتها هناك استغلالا لانهيار في معنويات مقاتلي التنظيم، وهي عملية ستكون الأصعب وتعد بمنزلة "البداية الحقيقية لمعركة الموصل".

وتتصاعد محنة المدنيين في هذه الحرب، ولم يسبق للجيش أن تعامل مع مدينة كالموصل يقطنها نحو مليون ونصف المليون نسمة لم يخرج منهم منذ اندلاع المواجهات سوى 400 ألف نحو المناطق الآمنة، وتفيد التقارير حتى يوم الأحد الماضي، بأن نحو مئتي ألف مدني تجمعوا بكثافة قرب كورنيش الساحل الأيسر هربا من المعارك في قلب هذا الجزء من الموصل، بينما تعرض مشاهد لمأساة إنسانية عبر فيديوهات ينشرها جهاز مكافحة الإرهاب، حيث تؤدي المواجهات الى انهيار المساكن فوق رؤوس قاطنيها أحيانا، ويحاول الجنود إنقاذهم بصعوبة، وتتضاءل مخزونات المياه والطعام والدواء.

وتشير المصادر الى أن قتلى التنظيم أكثر بكثير من ضحايا القوات الحكومية لأول مرة منذ أسابيع بفضل تكتيكات القتال الجديدة.

وتشير التوقعات الى أن تماسك هذا الأداء خلال الأيام المقبلة سيعني أن القوات الحكومية ستحقق أهداف المرحلة الثانية من العمليات خلال أسبوع، وقد يسيطر الجيش على قلب الساحل الأيسر في حي الجزائر، وهو المركز التجاري الحديث للموصل، ويمكن القول إن 60 الى 70 في المئة من المناطق السكنية في الأيسر أصبحت في قبضة الحكومة، دون أن تلغي كل هذه المعطيات الإيجابية قدرة تنظيم "داعش" على صناعة "مفاجآت مروعة"، بسبب وصوله الى حافة اليأس، وتعذر إمكان هروب عناصره نحو سورية في منطقة محاصرة من جهاتها الأربع.

back to top