بدأ البرلمان التركي، أمس، مناقشة مشروع التعديل الدستوري الرامي إلى تحويل نظام الحكم إلى النظام الرئاسي بمنح رئيس الجمهورية السلطات التنفيذية، بدلا من النظام المعمول به حاليا، والذي يكرس السلطات بيد رئيس الحكومة المعين من قبل الحزب الفائز بأكبر كتلة برلمانية.

وجاء بدء نقاش التعديلات، التي ستعزز صلاحيات الرئيس رجب طيب إردوغان، تمهيدا لإقرارها بعدما أقرتها لجنة برلمانية قبيل نهاية 2016.

Ad

وقد يتيح التعديل الدستوري لإردوغان المنتخب رئيسا للجمهورية عام 2014 البقاء في السلطة حتى 2029 بعد 3 ولايات على رأس الحكومة (2003-2014).

وينص المشروع على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة في نوفمبر 2019، على أن يتم انتخاب الرئيس لولاية من 5 سنوات قابلة للتجديد مرة.

وفي حال إقرار التعديل، لن يضطر الرئيس إلى قطع روابطه بحزبه السياسي عند انتخابه، وستشمل صلاحياته تعيين الوزراء وإقالتهم، وسيكون له نائب رئيس أو أكثر، كما سيكون بوسعه إصدار مراسيم.

وينص التعديل على رفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 وتخفيض سن التأهل للترشح من 25 عاما إلى 18 عاما.

سابقة ومخاوف

وفي حال إقرار النظام الرئاسي، فستكون هذه سابقة في الجمهورية التركية التي تعتمد حاليا دستورا يعود إلى ما بعد انقلاب 1980.

وتثير مسألة تعزيز صلاحيات إردوغان مخاوف معارضيه الذين يتهمونه بسلوك منحى استبدادي، وخاصة منذ محاولة الانقلاب الأخيرة في 15 يوليو الماضي وحملة التطهير المكثفة التي تلتها.

لكن القيادة التركية تقول إن مثل هذا النظام ضروري لضمان الاستقرار على رأس الدولة، وسيجعل النظام في تركيا شبيها بالأنظمة في دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا. وتجرى مناقشة نص التعديلات، التي يتوقع أن يمررها النواب، على مرحلتين في الجمعية العامة للبرلمان في آلية تستغرق 13 إلى 15 يوما. وينبغي أن يحصل التعديل الدستوري على موافقة 330 نائبا من أصل 550 من أجل طرحه في استفتاء شعبي.

ويملك حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الحركة القومية" الذي يدعم التعديل، معا 355 نائبا في البرلمان.

ويتعين بعد الإقرار تنظيم استفتاء بعد 60 يوما من تصويت البرلمان، أي في نهاية مارس أو بداية أبريل المقبلين.

ويعقد البرلمان جلسته في وقت تشهد أنقرة وضعا سياسيا مضطربا، ولاسيما بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة، ما تسبب في تراجع الليرة التركية التي فقدت 18 في المئة من قيمتها مقابل الدولار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

في المقابل، يواجه الإصلاح الدستوري رفضا شديدا من حزب "الشعوب الديمقراطي"، أكبر الأحزاب الكردية، وحزب "الشعب الجمهوري"، وهما حزبان معارضان يتهمان إردوغان باغتنام حال الطوارئ المفروضة في البلد لتغيير النظام السياسي فيه. وقال نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري" بولنت تزجان إن الاصلاح "سيعيد إلى القصر الصلاحيات التي جرد منها السلطان العثماني قبل قرن". واعتبر تزجان، وهو نائب عن حزبه، أن إقرار التعديلات "سيعني حل كل ما أنجزته جمهوريتنا"، مؤكدا أن مشروع الإصلاح الدستوري يفتح الطريق لـ "دكتاتورية رجل واحد".