"أكبر دولة تدخل لها المخدرات وتوابعها هي الكويت. أرقام رهيبة والكويت أصبحت مركزاً لإعادة التوزيع. المدارس "متروسة" (ممتلئة) مخدرات، ارجعوا للإحصائيات والأرقام لتعرفوا عدد المتعاطين وكميات المخدرات التي تدخل الكويت، والوزارة وحدها لا تستطيع حل مشكلة المخدرات". (تصريح وزير الداخلية داخل قاعة عبدالله السالم أثناء تعليقه على تشكيل "لجنة الظواهر السلبية" 27 ديسمبر 2016).وبصرف النظر عن أن مصطلح "الظواهر السلبية" يحتاج إلى ضبط، فليس كل حدث أو تصرف يعتبر ظاهرة، وما يراه شخص ما تصرفا سلبيا قد يراه شخص آخر إيجابيا، وبغض النظر أيضاً عن موقف الحكومة من تشكيل لجنة برلمانية مهمتها مراقبة سلوك الناس وتصرفاتهم وتقييد حرياتهم الشخصية التي يكفلها الدستور وتنظمها القوانين، فضلاً عن تدخلها في تفاصيل العمل الحكومي الخاص بتنفيذ السياسات العامة. بصرف النظر عن كل ما سبق، فإن اعتراف وزير الداخلية بانتشار المخدرات وبأن الكويت أصبحت مركزاً لإعادة التوزيع، وأن الوزراة لا تستطيع مكافحة المخدرات لوحدها، يحتاج إلى وقفة وطنية جادة، ومساءلة عامة كي تُحمّل المسؤولية لكل طرف من الأطراف ذات العلاقة كلٌ بحسب سُلطته.
وفي هذا السياق، فعندما تلقي الحكومة أو المجلس باللائمة في انتشار المخدرات على الأُسر فذلك تهرب من تحمل المسؤولية. للأسرة، من دون شك، دور في التربية والتوجيه، ولكن دورها في مكافحة المخدرات محدود حيث يقضي الطالب جُلّ وقته خلال النهار في المدرسة أو الجامعة، وأثناء عطلة نهاية الأسبوع يقضي معظم الشباب لا سيما الفئة العمرية التي تقل عن عشرين عاماً أوقاتهم، إما أمام شاشات الفضائيات أو في المجمعات التجارية، فأماكن الترفيه المفيدة والخاصة بالشباب محدودة. مسؤولية مكافحة المخدرات تتحملها بشكل أكبر الحكومة أولاً ثم مجلس الأمة، فالأُسر لا تصنع السياسات، ولا تتخذ القرارات العامة المتعلقة بقضايا الشباب وهمومهم وحل مشاكلهم العامة، وهي، أي الأُسر، غير مسؤولية عن أن الكويت قد أصبحت مركزاً لإعادة توزيع المخدرات. وإذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقة بين تعاطي المخدرات والبطالة، التي من المرجح ارتفاع معدلاتها بين الشباب في السنوات القليلة القادمة، فإنه من المهم التحرك الجاد والمسؤول لمعالجة أزمة البطالة بين الشباب، لا سيما أن ما يقارب ثلثي إجمالي عدد المواطنين هم من فئة الشباب. أضف إلى ذلك ضرورة توفير أماكن ترفيه مناسبة للشباب فأغلب المنتزهات هي "للعوائل فقط"! فأين يذهب الشباب لتمضية أوقات فراغهم؟! المخدرات خطيرة للغاية، وانتشارها بين الشباب له أسباب كثيرة، والمهم الآن بعد الخطوة المهمة وهي الاعتراف الرسمي بوجود المشكلة والفشل في معالجتها، هو التحرك السريع على المستويات الشعبية والرسمية كافة من أجل وضع حلول عملية لظاهرة انتشارها، لا سيما بين الشباب في المدارس والجامعات، على أن يشارك الشباب أنفسهم في وضع الحلول، مع الاستفادة من التجارب العالمية.
مقالات
الشباب وآفة المخدرات
11-01-2017