5 أعوام على رحيل صاحب «مالك الحزين» إبراهيم أصلان

ذكراه مرّت بهدوء من دون اهتمام رسمي

نشر في 11-01-2017
آخر تحديث 11-01-2017 | 00:04
إبراهيم أصلان
إبراهيم أصلان
كشخصيات رواياته وقصصه التي استوحاها من عالم المهمشين والمنسيين مرّت الذكرى الخامسة لرحيل الأديب إبراهيم أصلان في السابع من يناير الجاري بهدوء بغير اهتمام رسمي للاحتفاء به، على عكس ما يليق بمبدع كبير أثرى الحياة الأدبية والثقافية طوال حياته ومسيرته الأدبية. ينتمي أصلان إلى جيل من الروائيين المصريين الذين نشطوا في نهاية الستينيات وحقبة السبعينيات من القرن الماضي، وحصلت روايته «مالك الحزين» على شهرة واسعة.
وضع إبراهيم أصلان المولود في يوم 3 مارس 1935 منطقتي «إمبابة» و«الكيت كات»، وهما من المناطق المهمشة في القاهرة، في قلب الحركة الأدبية من خلال الكتابة عنهما واستلهام غالبية شخصياته منهما، وظلّ لهذين المكانين أكبر حضور في أعماله.

لم يحقق أصلان تعليماً منتظماً منذ الصغر. التحق بالكُتّاب، ثم تنقّل بين مدارس عدة حتى استقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد، لكنه تركها للدراسة في مدرسة صناعية. كذلك التحق في بداية حياته المهنية بهيئة البريد، وعمل لفترة ساعي بريد ثم في أحد المكاتب المخصصة للبريد، وهي تجربة ألهمته مجموعته القصصية «وردية ليل».

عمل في أوائل التسعينيات رئيس القسم الأدبي في جريدة «الحياة» اللندنية إلى جانب رئاسته تحرير إحدى السلاسل الأدبية في «الهيئة العامة لقصور الثقافة». إلا أنه استقال منها إثر ضجة رواية «وليمة لأعشاب البحر»، وتُوفي في 7 يناير عام 2012 عن عمر ناهز 77 عاماً.

حصل أصلان على جوائز عدة، أبرزها: جائزة «طه حسين» من جامعة المنيا عن رواية «مالك الحزين» 1989، وجائزة «الدولة التقديرية في الآداب» 2003 – 2004، وجائزة «كفافيس» الدولية 2005، وجائزة «ساويرس» في الرواية عن «حكايات من فضل الله عثمان» 2006.

خبرة الحياة والكتابة

أكّد الروائي الكبير سعيد الكفراوي أن صديقه الراحل إبراهيم أصلان أحد أهم الكتاب المصريين، مشيراً إلى أنه كان يحترم ذاته، لذا احترم الكتابة والقارئ، وكشف عبر نصه الشخصيات المهمشة.

كذلك شدّد الكفرواي على أن أصلان أحد الكتاب الذين ربوا أنفسهم بأنفسهم، فالرجل بلا مؤهل علمي تقريباً، ولكنه استطاع أن يكّون وعيه الثقافي على درجة رفيعة من المعرفة، وكان مهتما كثيراً بالنقد الأدبي إلى جانب موهبته الفطرية.

تابع الكفراوي: «كان أصلان غزير الثقافة وصاحب ذوق إبداعي يليق بأحد الكتاب الذين أضافوا إلى الوصف النصي والروائي الكثير. عاش بخبرة الحياة وكانت له شخصيته وشكله ولغته، فالناقد والقارئ يتعرفان إلى نص أصلان حتى لو لم يذيله الأخير باسمه».

الأديب الكبير إبراهيم عبدالمجيد رأى أنه رغم قلة المنتج الأدبي الذي أبدعه أصلان، فإنه كان بإمكان الأخير تقديم أضعاف أضعاف ذلك، لكنه كان حريصاً طوال الوقت على أن يكون صاحب شخصية فريدة على المستوى الأدبي، فأبدع مدرسة في كتابة القصة القصيرة، وجدّد كثيراً في فنون كتابة القصة.

كذلك اختار أصلان، بحسب عبدالمجيد، لغة مرئية في كتابته وهي لغة جديدة في عالم الأدب، وسار على نهجه أدباء كثيرون من مصر، والعالم العربي عموماً.

أضاف عبد المجيد: «تميزت كتاباته بالبساطة والواقعية، وكانت أعماله مرآة مجتمعه، فهو كان يفضل الواقعية والتركيز في السرد، وكل عمل له يمثّل جوهرة ثمينة بحد ذاتها، لا سيما أن طريقة ميّزته عن غيره في تحويل شخوصه إلى كائنات حية ملموسة تشعر بأنها جزء من حياتك».

«عندما نقرأ أعماله نشعر بأننا نشاهد فيلماً مصوراً، وهو أبرز ما كان يميز الراحل إبراهيم أصلان، خصوصاً في كتابته القصة»، قال عبد المجيد.

الروائي والأديب الشاب طارق إمام الذي كان على صلة وثيقة بالأديب الكبير الراحل، أوضح أن حبّ الأخير للفن التشكيلي أفاده كثيراً في التعبير عن الصورة البصرية التي كان يسعى إلى نقلها إلى القارئ، مشيراً إلى أنه كان يتعامل مع نصه الأدبي تعامل النحات مع التمثال والرسام مع اللوحة.

وشدّد إمام على أننا نجد في أعمال أصلان تعبيرات مجازية شعبية عدة يفهمها المثقف وغير المثقف، مع تلقائية في مزجه بين الفصحى والعامية لا يحس القارئ معها تكلفاً أو عبئاً، إذ كانت لغة الراحل تدلّ على وعي الكاتب بمفردات القاموس الشعبي المصري، كما عاشه وعايشه وتوحّد معه.

بدوره ركّز الناقد الأدبي مدحت الجيار على أن كتابات أصلان تتميّز بالبساطة، والروح الشعبية، والقدرة على استثمار المكان وتوظيفه كخلفية مكانية شعبية محببة للمتلقي، واستخدام تفاصيل الواقع المحيط به في صناعة هذه النصوص، إلى جانب تسرّب حياته الخاصة، ومهنته داخل هذه الأعمال، لافتاً إلى أنه كان يريد أن يبتكر واقعاً اجتماعياً مميزاً، مثلما فعل نجيب محفوظ بحي «الجمالية» على سبيل المثال.

قال الجيار: «لم ينس أصلان مهنته الأساسية كـ«بوسطجي» في هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية في روايته «وردية ليل»، فحاصرنا الكاتب من بداية النص إلى آخره بين شارع 26 يوليو، وشارع الجلاء، وسوق الجمعة في إمبابة». وأضاف: «كان يحرص كاتبنا الكبير الراحل على التؤدة وعدم التسرع في نشر الأعمال وإخراج ما يكتبه في صور بسيطة قادرة على تمثيله ككاتب له مذاق خاص».

وضع منطقتي «إمبابة» و«الكيت كات» المهمشتين في قلب الحركة الأدبية

أصلان حصد جوائز عدة أبرزها جائزة «طه حسين» عن رواية «مالك الحزين»
back to top