قال النائب الوزير السابق أحمد باقر إن مشروع القانون الحكومي بشأن إنشاء مدينة الحرير وجزيرة بوبيان وميناء مبارك يحتوي على ملاحظات فنية وقانونية عديدة، تجعل من الجهاز المنوط به إدارة هذا المشروع دولة مستقلة داخل دولة الكويت، بما يناقض الدستور ومبادئ الإدارة السليمة والحوكمة، وتتجاوز اختصاصاته أي سلطة اخرى بما فيها مجلس الوزراء.

وأضاف باقر، في حوار لـ«الجريدة»، أن من بين الملاحظات الأساسية في هذه المشروع توسع القانون في استثناء الهيئة من جميع قوانين الدولة تقريباً من جهة، مع إمكانية استثنائها من باقي القوانين مستقبلاً بمراسيم لا بقوانين من جهة أخرى.

Ad

إضافة مناطق

وأكد أن مشروع القانون رغم تحديده نطاق الهيئة بميناء مبارك ومدينة الحرير وجزيرة بوبيان، فإنه نص على امكانية اضافة مناطق اخرى بمرسوم لا بقانون، بمعنى انه يمكن اضافة مناطق غير واردة في القانون الاساسي مستقبلا بمرسوم مثل باقي الجزر الكويتية، وأبرزها جزيرة فيلكا او مدينة العبدلي او حتى مشروع المطلاع السكني، وهنا يجب ملاحظة خطورة امكانية تغيير القانون بمرسوم خاص، مما يعد تجاوزا على جودة التشريع وآليات اصدار القوانين.

ثلثان وثلث

وبين أن الملاحظات تضمنت اشتراط القانون الا يزيد عدد ممثلي الحكومة من الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في مجلس امناء الجهاز عن نصف اعضاء المجلس المعينين من خارج الحكومة، اي ان ثلثي هؤلاء الأعضاء سيكونون من ممثلي القطاع الخاص، مما يثير العديد من الاسئلة عن دور وسلطة الحكومة في ادارة مناطق حيوية مساحتها تتجاوز اكثر من ثلث الكويت إذا كان مجلس الامناء تحت سيطرة القطاع الخاص، خصوصا في ظل توسع اختصاصات المجلس بشكل لم يسبق له مثيل.

اختصاصات الحكومة

وأشار باقر إلى أنه حسب مواد القانون، وخاصة المادتين 5 و30، نجد ان مجلس الامناء يتولى كل اختصاصات الوزارات الحكومية والهيئات العامة لاسيما بلدية الكويت والمجلس البلدي ومعظم وزارات الدولة وجهاز المناقصات المركزية وكذلك قوانين اجهزة المشاريع خاصة للكهرباء والماء وقانون الشركات وقوانين الرسوم والعمالة الاجنبية ومشاريع bot والاستثمار المباشر وإصدار التراخيص الخاصة بالتجارة والشؤون وإقرار المخطط الهيكلي، فضلاً عن اعفاء الجهاز الخاص بالمشروع من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، واستثنائه من قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون المراقبين الماليين وقانون العمل الأهلي.

اقتراض وفساد

وقال إن المادة 5 أتاحت للجهاز أيضا حق الاقتراض وإصدار السندات، وهي صلاحية لا تملكها حكومة الكويت الا بقانون يوافق عليه مجلس الامة مسبقا او بناء على قانون لمؤسسات عامة محددة الاغراض.

واستغرب بعض الاعفاءات غير المنطقية اطلاقا، كاستثناء اعضاء مجلس الامناء من قانون هيئة مكافحة الفساد، وبذلك تعطى الهيئة صلاحيات مطلقة وهائلة خارج الرقابة وخارج نطاق الدولة بشكل غير مبرر.

شكوك دستورية

وأكد باقر ان المادة 5 من القانون لم تعط الهيئة سلطات الاجهزة الامنية والسلطة القضائية وكذلك الخارجية والبيئة، إلا ان الفقرة 8 من المادة نفسها أجازت صدور مرسوم (لا قانون) في وقت لاحق يعدل هذه الاختصاصات وينقص او يزيد منها، اي يمكن مستقبلا (وبمرسوم فقط) اضافة "الامن" و"القضاء" و"الخارجية" و"البيئة" إلى اختصاصات الهيئة وهو أمر مشكوك في دستوريته!

وغني عن القول أن هذه الاستثناءات من مؤسسات عديدة مهمة جدا كديوان المحاسبة والمراقبين المالية و"مكافحة الفساد" ستفضي لاحقا إلى أخطاء وتجاوزات واستثناءات أوسع وأكبر وربما أخطر.

جنسية الأمناء

وكشف باقر ان القانون لم ينص صراحة على ان عضو مجلس الامناء، وهو الجهة الاعلى، يجب ان يكون كويتيا، بل حددها في المادة 6 (فقرة 3) بـ"ذوي الخبرة والكفاءة المحلية والعالمية"، في حين ان عضوية مجلس الادارة نصت صراحة على كويتية العضوية، وهو ما يفتح المجال لتساؤلات عن سبب إغفال الجنسية الكويتية في مجلس الامناء، والنص عليها في مجلس الادارة، وعن طبيعة هؤلاء الاعضاء، فهل يمكن ان يتولى اجانب سلطة منطقة شمال الكويت بكل ما في الامر من أبعاد امنية ومالية وسياسية واقليمية؟

التصرف في الأراضي

وأضاف أن المادة 7 "فقرة 11" في القانون تنص على أن مجلس الامناء له الحق في "إقرار قواعد التصرف بالبيع او الايجار للأراضي والعقارات داخل المدينة والجزيرة والميناء، وتقرير حق الانتفاع او الاستغلال"، وهذا حق غير ممنوح اصلا لحكومة دولة الكويت التي يقيدها قانون 105/ 1980 في عمليات البيع او الايجار للاراضي بالمزايدة، فضلاً عن حق الانتفاع وهو التثمين، الى جانب ان مجلس الامناء، في المشروع وفي المادة نفسها (فقرة )14، يمارس صلاحيات مجلس الخدمة المدنية (وهو المكون من سبعة وزراء) عبر اختصاصه في "اعتماد النظام الوظيفي والهياكل والكوادر والترقيات وسائر الأحكام المتعلقة بالخدمة المدنية للعاملين في الهيئة والمستعان بهم فيها"، وهي اختصاصات تعزل هيئة الامناء عن مختلف المؤسسات وتجعل لها نظما وقواعد خارج صلاحيات الدولة، وبقرار من وزير واحد على ارض تعدل ثلث مساحة الكويت.

وأشار إلى أن المادة 7 نصت على أن قرارات مجلس الأمناء ترفع إلى الوزير المختص للتصديق عليها خلال 15 يوماً من تاريخ موافقة المجلس عليها، ولا تكون نافذة إلا بعد المصادقة عليها، أي إن هذه الهيئة بضخامتها ستكون تحت اختصاص وزير واحد وليس مجلس الوزراء.

حظر واستثناء

واستغرب باقر من نص المادة 15 الذي حظر على أعضاء مجلس الامناء ورئيس مجلس الادارة ونائبه وأعضاء مجلس الادارة والعاملين بالهيئة وأزواجهم والاقارب حتى الدرجة الثانية ان يكون لأي منهم خلال مدة عضويته أو عمله اي علاقات تجارية او منفعة بصورة مباشرة او غير مباشرة مع الهيئة او المؤسسات او الشركات العاملة في المدينة او الجزيرة او الميناء، وحظر القيام بأي عمل تجاري او استثماري يتعلق بمشروعات الهيئة، لكن المادة نفسها في فقرة لاحقة اجازت لمجلس الوزراء الترخيص لأي منهم بمزاولة اي نشاط من الانشطة المحظورة اعلاه... بمعنى ان المادة 15 منعت تعارض المصالح وفي الوقت نفسه سمحت لمجلس الوزراء باستثناء هؤلاء الأعضاء من أحكام القانون!

اختلاف عن التخطيط

وختم باقر بأن المشروع الحكومي للهيئة يختلف تماما عما اعد في احدى لجان المجلس الأعلى للتخطيط من الأساتذة د. عادل الطبطبائي ود. عبدالله الحيان ود. رشيد العنزي للهيئة والجزر، والذي كان اكثر دقة وتوازنا والتزاما بالدستور والقوانين.

مراقب حسابات

قال باقر إن الشركات المساهمة حتى ذات الحجم المتوسط تعين على الاقل مراقبي حسابات اثنين الا ان المادة 19 سمحت لمجلس ادارة الهيئة بتعيين مراقب حسابات واحد على الاقل مع ان انشطة الهيئة وتوابعها كالميناء والجزيرة والمدينة اضخم بكثير من حجم اي شركة في الكويت.

وحذر من التوسع في الاستثناءات لهيئة تدير مشاريع حيوية ومالية على مستوى مدينة الحرير وجزيرة بوبيان وميناء مبارك الكبير؛ لما لهذه المشاريع من مصالح واحجام مالية ضخمة واهمية للاقتصاد الوطني، خصوصا في ظل الترتيب المتدني للكويت في مؤشر الفساد العالمي، وبالتالي لا يدفع هذا التصرف في اتجاه حوكمة المؤسسات. وكان الافضل مراجعة القوانين المعوقة او التي تؤدي الى طول الدورة المستندية، وإصلاحها بدلا من استثناء هذه الهيئة منها.

• إمكانية تغيير القانون بمرسوم خاص خطر على جودة التشريع وآليات إصدار القوانين

• الاستثناءات من قوانين مؤسسات مهمة جداً ستؤدي لاحقاً إلى تجاوزات أوسع وربما أخطر

• حق الاقتراض وإصدار السندات للجهاز لا تملكهما حكومة الكويت إلا بقانون يوافق عليه البرلمان

• القانون لم ينص صراحة على وجوب أن يكون عضو مجلس الأمناء كويتياً وهو أعلى جهة!

• للهيئة الحق في بيع أو إيجار الأراضي والعقارات وتقرير حق الانتفاع وهو ما ليس ممنوحاً للحكومة أصلاً

• المادة 15 حظرت تعارض المصالح وسمحت في الوقت نفسه بالاستثناء من أحكام القانون!

• التوسع في الاستثناءات لهيئة تدير مشاريع حيوية ومالية لا يخدم ترتيب الكويت في مؤشر مكافحة الفساد

• الأفضل مراجعة القوانين المعيقة للدورة المستندية وإصلاحها بدلاً من التوسع في الاستثناء

• ما أعد في إحدى لجان «الأعلى للتخطيط» كان أكثر دقة وتوازناً والتزاماً بالدستور والقوانين

• المشروع الحكومي لا يدفع في اتجاه حوكمة المؤسسات