مشكلة الكويت منذ بداية الألفية كانت ومازالت هي انتشار الفساد بشكل كبير، وهو ما دفع إلى انطلاق الحركات الشعبية لمقاومة الفساد منذ منتصف العقد الماضي، التي كانت تهدف إلى الإصلاح العاجل، بداية من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكان أولها حركة تعديل الدوائر الانتخابية 2006، إلى ما سمي بالحراك الشعبي 2010، نتيجة تفجر عدة قضايا فساد متمثلة في قضية الإيداعات، وتضخم حسابات نواب وشخصيات عامة، وانكشاف قضايا الداو واختلاسات التأمينات الاجتماعية... إلخ.

البلد كان على كف عفريت، وكاد يضيع كما أوضحت قيادات البلد، وكان أهم إجراء طمأن المواطنين هو تبني رئيس الدولة سمو أمير البلاد قانون مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية لقيادات الدولة الذي صدر في 2012، وتنفسنا جميعاً الصعداء كون هذا القانون سينقذ البلد من براثن الفساد الذي ينخر في جسد الأمم ويسقطها عاجلاً أم أجلاً.

Ad

ودون استعراض مراحل تطبيق هذا القانون و"المطبات" والعراقيل التي وضعت للأسف من متمرسين في رعاية الفساد لهذا القانون ليتم تعطيله، لاسيما أن مسؤولين كانوا يبطنون خلاف ما يظهرون لإحراق هذا القانون وتدجينه ليصبح ديكوراً دون فاعلية، حالياً الكويتيون ليسوا معنيين بالاتهامات بل بالعلاج الذي لا يملكه إلا نواب الأمة عبر عمل سريع ومباشر رقابي وتشريعي لإنقاذ هذا القانون، وتقويم من ينفذه، فلا يمكن أن تكون هيئة لمكافحة الفساد تحت سلطة ورقابة حكومة من المفترض أن تراقب الهيئة أداء ونزاهة أعضائها.

وضع "مكافحة الفساد" يجب أن يعالج بأفكار جديدة لحيادية الهيئة واستقلاليتها، وأسلوب تعيين القائمين عليها، فمشاكل الكويت كلها بما فيها الرياضة منبعها الفساد، لكن من أين تأتي الأفكار والمعالجة السريعة ونوابنا الأفاضل مشغولون بـ"الطمباخية"، ويهدرون جلسة من أجلها، بالطبع الرياضة والفنون هي أسس رقي الأمم وسموها، لكن هناك أولويات لدى المجتمعات، ولا يمكن في وضع الكويت الحالي أن نقول إن الرياضة على رأس تلك الأولويات.

بالتأكيد، معالجة قضايا الفساد والمفسدين ستكون إحدى ثمارها معالجة الوضع الرياضي، ولا أعتقد أن المجتمع الكويتي متوقف الآن عن أخذ أنفاسه انتظاراً لمشاركتنا في كأس آسيا لكرة القدم، وهو عنوان يستغل لنخضع لشروط من أوقف الرياضة، ومن سيجعل قرار البلد وأمواله التي تدفع للهيئات الرياضية الكويتية مهدرة وتحت وصاية فاسدين في الهيئات الرياضية الدولية، بينما تقوم الدول الخليجية المجاورة بالتعيين والتصرف في كل اتحاداتها وأنديتها الرياضية دون أن يستطيع أحد التدخل في شؤونها.

الرياضة كان حلها بسيطاً لو أجريت انتخابات الأندية بالقانون الجديد بالصوت الواحد، وتشكلت جمعيات عمومية جديدة تغير وجه قاعدة الوسط الرياضي، لكن هناك قراراً متردداً بشأن ذلك، ولذلك يهدر وقت ثمين من جلسات الأمة والحكومة في قضايا صراعات بلا طائل، ويضيع شهران من عمر المجلس الحالي رغم كل وعود النواب خلال الحملة الانتخابية دون إنجاز، وإهدار جلسات بلا مضمون، كان الأولى أن تستثمر في عقد جلسة طارئة وسريعة لمعالجة وضع هيئة مكافحة الفساد قبل أن تطير الطيور الجديدة بأرزاقها، بدل إضاعتها في صراخ ومهاترات حول "الطمباخية" وصراع أطرافها المتجبرين.