تقوم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتصنيف دول العالم من حيث جودة التعليم، وتتصدر الدول الآسيوية القائمة العالمية، وتتربع سنغافورة على المركز الأول في العالم من حيث جودة التعليم، وجاءت دولة الإمارات في المركز 45 عالمياً والأول عربياً عام 2015م، ومن المؤسف أن دولة الكويت لم تحصل على أي مركز في هذا التصنيف. من المؤكد أن قياديي وزارة التربية على علم بهذا التصنيف، فهل أجريت دراسة وافية لمعرفة أسباب هذا الفشل ومعالجته والنهوض بمستوى التعليم في الكويت؟ فجميع الدول التي حصلت على مراكز وضعت خطة استراتيجية شاملة تتشارك فيها وزارات أخرى مع وزارة التربية لتشمل جميع جوانب الحياة الحديثة، فهل تملك وزارة التربية خطة استراتيجية شاملة واضحة المحاور والمؤشرات والأهداف، تشمل جميع محاور العملية التعليمية (معلم، متعلم، مبنى مدرسي، إدارة مدرسية، مجتمع)؟
حتى لو كانت تمتلك هذه الخطة فهل تُطبق ويتابع الأداء فيها؟ لا أعتقد ذلك لأننا للأسف في كل عام دراسي نشهد تغيرات في النظام، مصدرها وجهة نظر وزير مؤقت، كما حدث في هذا العام الدراسي، حيث ألغى وزير التربية السابق الفترات الدراسية الأربع، واعتمد نظام فترتين دراسيتين فقط، تاركاً المتعلم فصلاً دراسياً كاملاً دون اختبارات تقويمية، فيقطع المتعلم كماً كبيراً من المنهج دون تقويم فعلي، فيُصدم باختبارات تقيس مستوى التذكر لديه ولا تقيس مستوى التفكير الأعلى، مثل إصدار حكم وتقويم وتحليل. وهذه القرارات الفردية غير المدروسة هي سبب تدني نسب النجاح في الكويت، وتدني مستوى التعليم، فكل وزير يتسلم الوزارة يصدر قرارات، ثم يتم تغييره في التشكيل الوزاري، فتترك الآثار السلبية المترتبة على قراره عبئاً جديداً على الوزير القادم، فلماذا لا تكون هناك خطة استراتيجية شاملة لا تتغير بتغير الوزير، خطة ثابتة واضحة المعالم، ونظام متكامل يحمي مستقبل أبنائنا من عبث التكسب السياسي وأدوار البطولة الوهمية للوزراء العابثين في تعليم أبناء الوطن؟ الخطوة التي اتخذها الوزير السابق بإلغاء الفترات الدراسية الأربع لم تكن متلائمة مع المناهج الدراسية الحالية، فمناهج وزارة التربية التي تتصف بالكثافة العلمية وكمية المعلومات الهائلة من المصطلحات والمعلومات إضافة إلى أن المتعلم يدرس في العام الدراسي الواحد عشرة مقررات دارسية، تحتاج إلى عام دراسي كامل لإنهائها، فلو كان القرار مدروساً لما كان تطبيقه بين عشية وضحاها. فيجب أن يكون القرار متلائماً مع المناهج وطرق التدريس الحديثة ومستوى المتعلم ومستوى أداء المعلم، وإن ما يجعلنا في آخر التصنيف هو أسلوب القرار الواحد، وما يجعل غيرنا في المقدمة هو أسلوب التخطيط والتنظيم ومعالجة الفجوات، فيجب أن يتحمل قياديو وزارة التربية مسؤولية هذه التغيرات العشوائية، وأيضا اللجنة التعليمية في مجلس الأمة مسؤولة عن محاسبة الوزراء وعدم السماح لهم بالعبث في النظام التعليمي حسب أهوائهم، بل يجب أن تكون هناك خطة واضحة يحاسب الوزير على تنفيذها ومتابعتها، لا أن يقوم الوزير بإصدار قرارات غير مدروسة فقط. العملية التعليمية تحتاج إلى معالجة جادة من الوزير الحالي لتجنب أخطاء الماضي، فلم يعد الوضع يحتمل في هذه الوزارة، فإلى متى يتم النظر إلى أبنائنا على أنهم ببغاوات حافظة وناطقة، دون مخرج تعليمي يؤهلنا للمنافسة في السوق العالمي، لذا علينا العمل من أجل إعداد هؤلاء الأبناء تكنولوجياً ومهارياً واقتصادياً وتغيير هذه المناهج العقيمة المتكدسة.هذه رسالة إلى وزير التربية الحالي واللجنة التعليمية في مجلس الأمة للنهوض بالتعليم في الكويت، لنكون أكثر اطمئناناً على مستقبل أبنائنا.
مقالات - اضافات
تجربة الأنظمة التعليمية المتلاحقة
14-01-2017