عن دور الحكومة ومسؤوليتها
وفقاً للمادة (123) من الدستور، فإن الحكومة تُهيمن على مصالح الدولة، وتقوم برسم السياسة العامة ومتابعة تنفيذها، بمعنى آخر فإن الحكومة مسؤولة مباشرة عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وعندما تتخلى عن ذلك فإن دورها يصبح هامشياً، وربما تفقد مبرر وجودها، وفي هذا السياق فإن الأمثلة التالية تثير تساؤلات حول دور الحكومة، ومدى تخليها عن مسؤولياتها: 1- قيام الديوان الأميري بتنفيذ مشاريع كبرى وإنشاءات عامة، كمركز جابر الأحمد الثقافي أو دار الأوبرا، وترميم "استاد جابر" مثالاً لا حصراً، على الرغم من أن الديوان جهاز إداري لا علاقة له بتنفيذ المشاريع والإنشاءات التي تدخل ضمن اختصاص الحكومة كسلطة تنفيذية، وبالذات وزارة الأشغال العامة، هذا ناهيك عن موضوع الرقابة المالية والإشراف الإداري على مشاريع الدولة.
2- تبني خطط الحكومة "التنموية" وأيضاً وثيقتها الاقتصادية-المالية للتوجه الاقتصادي النيوليبرالي الذي يقوم على تصفية دور الدولة في النشاط الاقتصادي، والإلغاء التدريجي للدعم الاجتماعي الضروري، علاوة على تنفيذ برامج خصخصة شاملة للمرافق والمؤسسات العامة وهي تشمل التعليم، والصحة، والنفط، والموانئ، والمطارات، والكهرباء والماء، والصرف الصحي، والاتصالات، والبريد والخدمات العامة، وهو الأمر الذي سيُحوّل وظيفة الحكومة إلى مجرد حراسة الملكية الخاصة.3- مشروع القانون الحكومي بشأن إنشاء "مدينة الحرير" وجزيرة بوبيان، وميناء مبارك، والذي أعفى الهيئة المشرفة عليها من رقابة ديوان المحاسبة، ومن قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورقابة المراقبين الماليين وهيئة مكافحة الفساد. ومثلما أشار النائب والوزير السابق أحمد باقر فإن مشروع القانون الحكومي "يجعل الجهاز المنوط به إدارة هذا المشروع (تبلغ مساحته أكثر من ثلث مساحة دولة الكويت) دولة مستقلة داخل دولة الكويت، حيث تنص المادة (7) "فقرة 11" على أن مجلس الأمناء (ثلثيه من القطاع الخاص ولم يُنصّ صراحة على أن يكونوا من الكويتيين)، له الحق في "إقرار قواعد التصرف بالبيع أو الإيجار للأراضي والعقارات داخل المدينة والجزيرة والميناء، وتقرير حق الانتفاع أو الاستغلال"، وهذا حق غير ممنوح أصلاً لحكومة دولة الكويت التي يقيدها قانون (105/1980) في عمليات البيع أو الإيجار للأراضي بالمزايدة، فضلا عن حق الانتفاع وهو التثمين. وقد أعطت المادة (5) للجهاز حق الاقتراض وإصدار السندات، وهي صلاحية لا تملكها حكومة دولة الكويت إلا بقانون يوافق عليه مجلس الأمة أو بناء على قانون لمؤسسات عامة محددة الأغراض. علاوة على التوسع في استثناء الهيئة من جميع قوانين الدولة تقريباً، مع إمكانية استثنائها من باقي القوانين مستقبلاً بمراسيم لا بقوانين، وهو ما يناقض الدستور، ومبادئ الإدارة السليمة والحوكمة، حيث تتجاوز اختصاصات الهيئة أي سلطة أخرى بما فيها مجلس الوزراء". ( جريدة "الجريدة" 11 يناير 2017).