حيثيات الحكم: التنازل محظور حتى على الشعب
كشفت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة المستشار أحمد الشاذلي، عن أسباب حكمها الصادر أمس، برفض طعن الحكومة، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (أول درجة) ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين مصر والسعودية، أنه "وقر في يقينها، وهي التي تستوي على القمة في مدارج محاكم مجلس الدولة، أن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتين في خليج العقبة، بالبحر الأحمر، ثابتة بأدلة دامغة".وقالت المحكمة، في حيثياتها، إن "لديها أدلة استقتها من مصادر عدة وممارسات داخلية ودولية شتى، قطعت الشك باليقين بأنهما خاضعتان لسيادة مصر، وحدها دون غيرها، على مدار حقب من التاريخ، وأن دخولهما ضمن الإقليم المصري يسمو لليقين"، مؤكدة أنه "يحظر على سلطات الدولة، بل والشعب ذاته، بأمر الدستور، إبرام معاهدة أو اتخاذ إجراء يؤدي إلى التنازل عن الجزيرتين". وأشارت إلى أن "الحكم المطعون فيه (حكم أول درجة) صدر مرتكزا على صحيح حكم القانون"، مؤكدة أن "مصر تمتعت عبر تاريخها وعلى اختلاف أنظمتها بأهلية قانونية دولية كاملة، تجاه جزيرتي تيران وصنافير، ولم يعتريها ما يمنعها عن مباشرتها سيادتها في هذا الشأن".
وشددت على أنه وفقا لاتفاقية "رفح 1906"، لترسيم حدود سيناء الشرقية، وخريطة العقبة المطبوعة في مصلحة المساحة عام 1913، تأكدت مصرية جزيرتي تيران وصنافير، كما أنه لا وجود لسيادة أخرى تزاحم مصر في هذا التواجد، بل إنه لم تكن هناك دولة غير مصر تمارس أي نشاط عسكري على الجزيرتين.وذكرت المحكمة أنه "يدعم ما سبق بشأن اعتبار أرض الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية، ما ورد على لسان المندوب المصري أمام مجلس الأمن في جلسته رقم 659 بتاريخ 15 فبراير 1954 أن سيادة مصر على الجزيرتين المذكورتين باعتبارهما ضمن الإقليم المصري، وأن مصر تفرض سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير منذ عام 1906".وأوضحت أن "مصر لم تكتف فحسب بإصدار المراسيم والقوانين واللوائح بسيادتها على الجزيرتين، وإنما طبقت ممارستها لمظاهر سيادتها الكاملة عملا على مسرح الحياة الدولية، ومنعت بالفعل السفن الأجنبية التي خالفتها من المرور في مضيق تيران، إذ قرر المندوب الأميركي في الاجتماع رقم 1377 أمام مجلس الأمن أن إغلاق مضايق تيران كان السبب الجوهري لحرب 1967، وأن العودة للسلام تتطلب ضمانا لحرية الملاحة في مضيق تيران".وقال القاضي، في جلسة النطق بالحكم، إن "جيش مصر لم يكن ابدا قديما أو حديثا جيش احتلال، ولم تخرجه مصر خارج حدودها إلا دفاعا عن أرضها".