وجهة نظر : في مواجهة الخلل بالتركيبة السكانية
![عبدالمجيد الشطي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1585060710781827700/1585060731000/1280x960.jpg)
وتستهدف الخطة الحالية ضمن عدد آخر من الأهداف المتعلقة بالتنمية البشرية خفض متوسط معدل نمو السكان الوافدين إلى 2.4 في المئة من 3.58 في المئة، كما كان في سنوات الخطة السابقة. وتتوقع الخطة أن يبلغ متوسط نمو السكان الكويتيين 2.7 في المئة خلال نفس الفترة، وسيترتب على ذلك خفض نسبة الوافدين من 70 في المئة، كما هي حالياً إلى 68.7 في المئة، وهي لا شك نسبة ضئيلة، إلا أنها تمنع المزيد من تدهور الوضع. وباعتقادي أن هذه نسبة معقولة وواقعية بالرغم من ضآلتها، واتفق مع ما ذكرته معالي وزيرة الشؤون الاقتصادية بأننا نحتاج الى 15 عاما لنصل الى نسبة 40 في المئة الى 60 في المئة بين الكويتيين وغيرهم.وبالنظر إلى مجتمع الوافدين نجده يتسم بأغلبية ذكورية، حيث تبلغ نسبتهم 67 في المئة من مجموع الوافدين. وبسبب طبيعة عمل معظم العمالة الوافدة فإننا نجد تدني مستوى تعليمها، إذ تبلغ نسبة من أتم تعليمه المرحلة المتوسطة ودونها 71 في المئة، كون غالبية العمالة الوافدة تشتغل في قطاع التشييد والبناء والخدمات الأسرية. وهذا يصعب من إحلالهم بالعمالة الوطنية. ومن بين الوافدين هناك حوالي 5 في المئة من هم مخالفون لقانون الإقامة عام 2014، كما ورد في بيانات وزارة الداخلية. إن التعامل مع الخلل في التركيبة السكانية يتطلب تعاون الجميع وبواقعية، فهناك كثير من الحلول المطروحة تم تكرارها واعتمادها في الخطط الإنمائية المتعددة، معظمها لم ير النور. فلابد من إعادة النظر في فلسفة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، ولابد من تطوير التعليم والاهتمام به بشكل أفضل وربط مخرجاته بمتطلبات سوق العمل.لقد استغل البعض المواطنة للتكسب الريعي من الاتجار بالإقامات والرخص التجارية. وأتمنى أن تكون الدولة جادة في محاربة تجارة الإقامات، حيث ضمنتها ضمن إجراءاتها في الخطة الخمسية الحالية، وألا يكون أسلوبها نفس أسلوب مكافحتها للفساد في البلدية، وعلى النواب محاسبتها إن تراخت عن ذلك. ولابد أيضا من إلغاء نظام الكفيل المعمول به حاليا، وإيجاد نظام أكثر كفاءة وأقل فسادا. فنظام الكفيل يساهم في اختلالات سوق العمل وتشوه الأجور، ويسيء لسمعة الكويت. ولابد من الجدية في القضاء على الفساد وحل مشكلة البدون. وعلينا أيضا أن نغير نمط معيشتنا، فلا يعقل اعتمادنا على هذا الكم من الوافدين في بيوتنا وتربية أبنائنا، ونطالب الدولة بتعديل التركيبة السكانية.إن الأطروحات البائسة، مثل فرض رسوم على تحويلات الوافدين وغيرها، غير مفيدة، وستخلق سوقا سوداء وسوقا ثانويا يصعب التحكم فيه، وستكون تكلفة تنفيذ ومراقبة ذلك أعلى من المنفعة المترتبة عليها.إن التعامل مع الخلل في التركيبة السكانية بأطروحات "ترمبية" وإجراءات وقوانين "شعوبية" إقصائية ليس دون جدوى بل مكلفة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. فحاجتنا الى العمالة الوافدة ستستمر وبأعداد كبيرة بسبب الطلب المتنامي على الإسكان والنمط المعيشي للأسر الكويتية، واعتمادنا وبشكل كبير على خدمات الوافدين في حياتنا اليومية وحاجتنا الى الخبرات المختلفة من معلمين وأطباء ومهندسين. إن الحاجة الى الوافدين ضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولابد من التعامل مع الخلل في التركبية السكانية على هذا المبدأ. * اقتصادي كويتي