«الإدارية» تلغي قرار «الداخلية» إحالة مدعٍ عام للتقاعد لإخلالها بمبدأ المساواة
أكدت عدم التذرع بالمصلحة العامة وأن القضاء هو الملجأ والملاذ
ألغت المحكمة الإدارية، أمس، برئاسة المستشار محمد بهمن قرار وزارة الداخلية إحالة أحد المدعين للتقاعد وألغت الآثار المترتبة على قرار الإحالة للتقاعد، وأعادته الى وظيفته مجددا لعدم سلامة القرار الصادر، وقضت بتعويضه مبلغ 5001 دينار عن الأضرار التي أصابته.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، أن جهة الإدارة أحالت 156 مدعيا عاماً إلى التقاعد، من بينهم المدعي، ولم تذكر أي سبب يبرر قرارها في الواقع والقانون، كوجود رسوب وظيفي أو تكدس في عدد المدعين العامين، بما يزيد على حاجة العمل ويخل بالمصلحة العامة، كما أنها لم تذكر سبب إحالة المدعي إلى التقاعد وإبقاء عدد من زملائه في الوظيفة، على الرغم من أنهم أكبر منه سناً وأقدم.
وأضافت أن الأوراق خلت مما يثبت أن أياً من زملاء المدعي ظاهر التميز بعناصر ثابتة ومستمدة من واقع أعماله وإنجازاته في الوظيفة مما يبرر تفضيله عليه، ولا ينال من ذلك أن جهة الإدارة أحالت بعضهم إلى التقاعد بعد صدور القرار المطعون فيه، لأن العبرة في تقدير مدى مشروعية السبب الذي بُني عليه القرار تكون بمراقبة السبب الحقيقي الذي استند إليه القرار وقت صدوره، بصرف النظر عما يستجد بعده من أمور.وولفتت إلى أن المشرع من جهة أخرى حدد في المادة (32) من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية أسباب انتهاء خدمة الموظف وجعل الأصل فيها أن يكون ذلك ببلوغه سن الخامسة والستين، وهي السن المقررة لترك الخدمة، أما إحالة الموظف إلى التقاعد قبل بلوغه هذه السن فهي استثناء من الأصل، وليس من شك في أن جهة الإدارة توسعت في استعمال سلطتها التقديرية بإحالة هذا العدد الكبير من المدعين العامين إلى التقاعد، بدون أي مبرر مقنع وبالمخالفة للقانون، لاسيما أن الارتفاع الملحوظ للكافة في عدد قضايا الجنح يتطلب زيادة أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات لا العكس.وبينت المحكمة أن تمسك جهة الإدارة بأن الإحالة إلى التقاعد من الأمور التي تترخص في إجرائها وتتمتع فيها بسلطة تقديرية واسعة باعتبارها المهيمنة على تسيير المرافق العامة، فهو مردود عليه بأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وأن التطبيق الخاطئ لنصوص القانون يفضي إلى عدم المشروعية مما يستلزم إخضاعه لرقابة القضاء الإداري بوصفه قضاء الحقوق والحريات العامة والملجأ والملاذ لكل صاحب حق أبخسته جهة الإدارة الكيل والميزان، كما أنه لا يجدي جهة الإدارة التذرع باستهدافها تحقيق المصلحة العامة لأن هذا الأمر يتعلق بركن الغاية التي يجب أن يستهدفها كل قرار إداري ولا يغني عن ركن السبب باعتبار أنه لا يجوز إصدار أي قرار بغير سبب، وبناءً عليه يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سببه الصحيح في الواقع والقانون ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة، ومن ثم تقضي المحكمة بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.