«منطقة محظورة»!
حسبما جاء في أحد مشاهد الفيلم فإن «منطقة محظورة: قصر البارون.. البداية» يُعد بمثابة الجزء الأول في مشروع يتبناه المنتج محمد عبد الخالق لتصوير سلسلة أفلام تستهدف تصوير المناطق التي يُحظر الاقتراب منها في مصر. لكن الجديد أن الجزء الأول يوضح أن الاهتمام لن يكون مقصوراً على الجانب الوثائقي أو التسجيلي، بل يمزج بين التسجيلي والروائي في إطار واقعي Reality، سواء في الحركة الحرة للكاميرا أو الأداء التمثيلي الذي يمثل الواقعية والارتجال، وربما العشوائية، جزءاً أصيلاً من نسيجه!{منطقة محظورة} أحد الأفلام التي تحاكي سلسلة الأفلام الأميركية الشهيرة التي تختلف عن أفلام الرعب بشكلها المعتاد، وجرى تصويرها في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، بكاميرات فيديو من النوع المتداول بين الهواة، سعياً وراء إضفاء إحساس أكبر بالواقعية، ورُصدت لها موازنة فقيرة لم تمنعها من تحقيق أرباح تفوق تلك التي تحققها أفلام تُقدر ميزانياتها بملايين الدولارات، وهو ما حدث في أفلام: {مشروع الساحرة وتش} The Blair Witch Project، {أحداث غير طبيعية} Paranormal Activity و{الشيطان في الداخل} The Devil Inside، التي تعتمد على فكرة ثابتة تقريباً يجتمع فيها شخصان أو مجموعة من الأشخاص في مكان واحد (شقة / قصر مهجور / غابة) لكن ثمة {شيء ما} يعكر صفو حياتهم، أو رحلتهم!
هذا ما حدث بالضبط في فيلم {منطقة محظورة}، الذي كتبه عادل عبد الرازق وقام ببطولته وإخراجه محمد فكري، وظهر فيه الأبطال بأسمائهم الحقيقية، وفي حياتهم الطبيعية. نجد المنتج {عبد الرحمن}، الذي أراد تعويض صديقه {فكري} عن السيناريو الذي تأخر في إنتاجه فعرض عليه إخراج فيلم وثائقي عن {قصر البارون إمبان} (قصر أسطوري غامض في ضاحية مصر الجديدة بالعاصمة المصرية انتهى تشييده عام 1911)، ويقع {فكري} في غرام السيناريو، نظراً إلى غموضه وغرابته وإثارة فكرته (بيت جواه سر لما بتشوفه من بعيد بيكون جواك فضول ممكن يدفعك للدخول بس الفضول مميت). لكنه يُفاجأ بأن جهاز أمن الدولة يرفض منحهم تصاريح دخول، وتصوير، القصر، ما يدفع الشاب إلى اتخاذ قرار بالتسلل، في الثانية صباح 6 يناير، ومجموعة العمل: {سارة} - السورية سارة نخلة - {ياسمين} - ياسمين عمر- {طارق} - طارق عبيد - {جهاد} - جهاد سلطان - {عبد الرحمن} -محمد عبد الرحمن - {عادل} - عادل عبد الرازق- ، إلى داخل القصر، الذي يحظر على العامة الحضور فيه بعد غروب الشمس، كما تقول اللافتة المعلقة على أحد جدرانه، ومع اختراق الحظر، عبر الأبواب الخلفية، تعتري الجميع مشاعر رهبة وخوف تزداد حدتها مع أساطير تُروى عن القصر الذي تصيب لعنته كل من اقترب منه، ونوبة الصرع التي كانت تنتاب صاحبة البارون أو ابنته، وحفلات الموسيقى الصاخبة التي كان ينظمها {عبدة الشيطان}!يعتمد الفيلم على السرد بطريقة {الفلاش باك}، حيث {سارة} التي تبدو وكأنها في جلسة تحقيق تقص وقائع ما جرى أثناء التصوير في القصر، وخلال القص تنهار باكية ما يشير إلى أن ثمة مأساة ألمت بفريق العمل، وهو ما نكتشفه فعلاً. لكن على عكس المتبع في هذه النوعية من الأفلام، لجأ المخرج إلى المؤثرات الصوتية والبصرية، وبدا اعتماده كبيراً على الحوار، والثرثرة، ومحاولة استفزاز المشاهد وإصابته بالتوتر، رغم فشله غالباً. كذلك جاءت الاستعانة بالإشارات الدالة على الزمن (2.30 صباح 31 ديسمبر) بالإضافة إلى {الفلاش باك} مُعطلة، وفي غير محلها، ولم تخدم دراما الفيلم بأي حال، كونها مرتبكة ومضطربة وأحدثت قدراً عالياً من التشويش (مونتاج أحمد حمدي) الذي تسبب في جر الفيلم إلى منطقة التفكك والترهل!في الأحوال كافة تعود أهمية فيلم {منطقة محظورة: قصر البارون... البداية} إلى اللحظة التي استعرضت فيها الكاميرا (تصوير يحيى فهمي) القصر الأسطوري، ورصدت كم التجاهل والإهمال الذي يعانيه، في ظل تبعيته للدولة ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، إذ بدا وكأنه تحوّل إلى خرابة أو مأوى للمتشردين والمدمنين، بالإضافة إلى نجاح المخرج في المزج الرائع بين الشقين التسجيلي والروائي، بعيداً عن مساحة الاستظراف في عدد من المشاهد المرتجلة، ورقص {سارة}، وتركيز الكاميرا على جسدها ومفاتنها، في مشاهد دخيلة لا علاقة لها بالتجربة التي تستحق التوقف عندها طويلاً.