إحياء رياضة المعاق الذهني بعد وأدها
نعم ستحيا بحكم، فسنّة الحياة التطور والمثابرة والعزيمة، وقد بدأت تظهر من التراب بعد أن أثارت الغبار من حولها،ففي هذه الأيام يفترض أننا في المراحل الأخيرة من مأساة رياضة ذوي الإعاقة الذهنية (ولم يعد لدينا وقت لضياع أكثر مما ضاع)، حيث بدأت بوادر العمل بإصلاح الوضع عندما بادرت هيئة الرياضة بأحد أدوارها كطرف معني بانتكاسة رياضة هذه الفئة إثر توقيف الكويت منذ عام 2013 حتى شطبها مؤخراً، حيث وجهت أسئلة للأولمبياد الخاص الإقليمي وإلى وكيله بالكويت النادي الكويتي الرياضي للمعاقين، تسألهم عن أسباب التوقيف والشطب، ثم تكوين لجنة لرياضة ذوي الإعاقة. والمطلوب الآن أخذ العبرة من إفادة هذه الجهات لهدف الإصلاح فقط، وأقول الإصلاح لأنه ليس من المصلحة ولا من عادتنا تمضية وقت ثمين في البحث وتصيد الأخطاء والتشفي بتحميل المسؤولية لأي كان، لأن الدول لا تتطور بطرق كهذه إنما بالتركيز على السلبيات المعطلة لأخذها كمنطلق للعلاج، فمأساة رياضة هذه الفئة نتحمل جميعا مسؤوليتها كل من جهته أو زاويته. إجابة الأولمبياد الخاص ألقت اللوم على تقصير نادي المعاقين وكيله في الكويت، وذلك لعدم الالتزام بشروطه، فسحب التوكيل منه وشطبت الكويت، والعبرة هنا تتمثل مستقبلا بالاعتماد على من يقدر على الالتزام بالشروط.
إجابة نادي المعاقين الذي كان يصرّ لسنوات على أن فصل ذوي الإعاقة الذهنية عنه يعتبر تفكيكاً لرياضة المعاقين وافق بها أخيرا على الفصل بعد سحب التوكيل منه، معتبراً أن هذه الفئة متخلفة عقلياً ومعرضة للاكتئاب والانتحار، والعبرة هنا في الاعتماد مستقبلا على تسليم الأنشطة لمتخصصين هدفهم المباشر مصلحة ذوي الإعاقة الذهنية وأسرهم. الآن بعد وضوح الرؤية بالتزامن مع توجه الدولة لتخصيص أراضٍ لأندية ذوي الإعاقة، ومع وجود لجنة رياضية لهم تتبع هيئة الرياضة، ومع وجود جمعيات نفع عام كثيرة ووجود أولياء أمور يدرسون بالجامعة، ووجود متخصصين ومهتمين حملة دكتوراه، ولهم معرفة بالأولمبياد الخاص، وبوجود وعي عام أحد مظاهره توقيع كثير من الأسر على مناشدة للحكومة بتوفير أرض بمساحات مفندة لكل الألعاب التي يوفرها الأولمبياد الخاص. ومع زيادة أعداد هذه الفئة، ومع وجود الأولمبياد الإقليمي الذي لا بد أنه سيساعد الدول المنتسبة إليه في تحقيق أهدافه الإنسانية، وبعد موافقة الأولمبياد على تنظيم البطولة العالمية القادمة لعام 2019 في أبوظبي، فإن الأمر الآن يتطلب الاستفادة من هذه المعطيات للوصول إلى طريق ليس فيه تغريزات (الغوص بالرمال بالعربية الفصحى). فلم يعد لنا متسع من الوقت لمزيد من حرمان هذه الفئة، وأقلها أن يتمكن أولاد الكويت وبناتها من المشاركة في هذه البطولة عن طريق الحصول على أكبر كمّ من الأفكار من أكبر كمّ من العقول لاستعراضها واستخلاص البدائل والحلول، ولو بخطوة مؤقتة تؤهل لنجاح الخطوة التالية عندما ينشأ نادٍ كبير بمستوى راقٍ. ومن ضمن الأفكار المتواضعة كبداية لجر المهتمين والمتخصصين لتقديم الأفكار البناءة أرى على سبيل المثال: 1- عمل إدارة في هيئة الشباب تستكمل دور نادي المعاقين، وتعطى الصلاحيات اللازمة لاحتضان الأولمبياد الخاص، حيث الهيئة لها تجربة ناجحة بذلك عندما تم حل أحد مجالس إدارات نادي المعاقين.2- أو اختيار جمعية أو مدرسة لها القدرة على تأهيل البنات والأولاد ولو في بعض الألعاب مؤقتا.3- طرح عروض لأصحاب رؤوس الأموال ممن لديهم أبناء من هذه الفئة والمهتمين، وتوفير أراضٍ مؤقتة لهم والسماح لهم بالاستعانة بمرافق الدولة الرياضية، واحتواء هذه الفئة بشروط وأسعار رمزية، على أن تتفق مع الأولمبياد الخاص بالعمل حسب شروطه أو بالشراكة مع إدارته ومدربيه، أو أي صيغة تحقق الهدف، للحصول على توكيله.4- التواصل مع نادي المعاقين للاستفادة من خبراته وملفاته مع الأولمبياد الخاص، ولا أظن الإخوة في نادي المعاقين سيقفون ضد مصلحة تهم الكويت وأبناءها، خصوصاً أن لديهم أبناء من هذه الفئة.5- على نادي المعاقين أن يطالب بضم أحد أعضائه للجنة رياضة المعاقين، فلا بد أن لهم نواحي وتجارب إيجابية يستفاد منها.وآمل أن يشارك الكثيرون في طرح ما لديهم من أفكار لإثراء تصور عام تستفيد منه لجنة رياضة المعاقين، كما أتمنى تجميع الأفكار المقدمة وإعادة نشرها لإطلاع الجميع وإثراء الدراسة قبل القرار الأخير، فقد يعاد الحق الرياضي لهذه الفئة أسوة بالمعاقين حركياً والصم والبكم والمكفوفين، وبأقرانهم من غير ذوي الإعاقة، وأسوة بأقرانهم بالدول الخليجية والعربية والأجنبية، حيث إن الكويت هي البلد الوحيد الذي تم شطبه من تجمع رياضي عالمي إنساني ليس له علاقة بتنظيمات الرياضة العامة المتأرجحة بين سياسة وصراعات ووجهات نظر وخلافات.