من الشخصيات العسكرية التي التحقت بالجيش الكويتي عند بداية تكوينه اللواء ركن متقاعد العم جاسم محمد عبدالله الشهاب، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في 1 يناير 2017.

وأجد نفسي منكباً على إنصاف هذا الرجل الجاد، والإنسان المؤمن، الذي كانت حياته سجلاً كاملاً للعمل الدؤوب، ومحبة الناس، وحب الوطن، والولاء الكامل لبلده الكويت.

Ad

وُلد رحمه الله في الحي الشرقي بمدينة الكويت عام 1935، وذكرياته حول فريجه الذي نشأ به وهو "فريج هلال" ومسيرة حياته سجلتها على لسانه في لقاء تلفزيوني بثته قناة الشاهد عام 2013، وكانت أسرته تسكن فريج الزهاميل، ومن قبله فريج الشيوخ قبل ذلك.

جده عبدالله الشهاب نوخذة غوص له "جالبوت" وتوفي عام 1945 تقريباً، وله من العمر 90 عاماً. ووالده محمد الشهاب أيضا نوخذة غوص له شوعي يسمى "البدري"، وتوفي عام 1964، ومنه تعلم وتشرَّب العم "بوناصر" حب البحر وكل ما هو مرتبط به، فتجده عندما يتحدث عن البحر وكأنه نوخذة أو عالم من علماء البحار، فتسمعه يسمي أجزاء السفينة بأسمائها الصحيحة، ويستخدم مفردات بحرية جميلة في الحديث عن الأحداث التي مرَّ بها، واستمرت ثلاث سنوات وهو على ظهر السفينة.

التحق بالجيش الكويتي مدنياً في بداية الأمر عام 1958، ثم التحق بمدرسة المشاة في العام نفسه، وأصبح عسكرياً تحت إمرة أحد مؤسسي الجيش الكويتي، وهو يعقوب البصارة، رحمه الله. لكن مسيرة العم جاسم الشهاب الطويلة في الجيش أخذت منعطفاً كبيراً في 1 يناير 1959 عندما سافر إلى بريطانيا للدراسة العسكرية مع مجموعة من زملائه، منهم: ناصر عبدالعزيز إسماعيل، ناصر يوسف التناك، عبدالعزيز الخراز، إبراهيم المعتوق، ومحمد فايز الذربان.

وتمر بعد ذلك ثلاثة عقود من الزمان كان جاسم الشهاب فيها مثالاً للضابط والمسؤول العسكري الكويتي المخلص، فقد شارك مع القوة الكويتية في مواجهة التهديد العراقي عام 1961، وشارك مع لواء اليرموك الكويتي ضمن القوة العربية للدفاع عن مصر عام 1967، وقاد القوة الكويتية المستنفرة في جزيرة بوبيان أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، وشارك في المواجهة ضد قوات الغزو العراقي عام 1990، ثم شارك في حرب التحرير عام 1991. وتقلد خلال مسيرته العسكرية المليئة بالإنجازات مناصب عسكرية عديدة كان آخرها كمعاون لرئيس الأركان للخطط والعمليات الحربية، وتقدم بطلب تقاعده من الخدمة عام 1992 بعد حوالي 35 عاماً من الخدمة العسكرية. عُرف رحمه الله تعالى بطيبة قلبه، وتواصله مع أقاربه ومع الناس، وتدينه وحرصه على الصلاة في المسجد، وكان حلو المعشر، محباً للحديث ورواية الأحداث، وتمتع بذاكرة طيبة حتى آخر أيامه. وكان عاشقا لثلاثة أمور: العسكرية وخدمة الوطن، والنخل، والبحر، فتجد حديثه لا يكاد يخرج عن هذه الأمور. عُرف بالتزامه العسكري وانضباطه المهني وجديته الكاملة في حياته وسعيه في خدمة من يلجأ إليه للمساعدة في قضاء حاجاته، وكان محباً لزوجته وأبنائه، وخير من طبَّق قول الرسول (ص) "خيركم خيركم لأهله".

وهنا أود أن أدعو أصحاب الشأن من المسؤولين في الدولة إلى تخليد اسم هذا البطل المخلص، بتسمية منشأة عسكرية باسمه، أو شارع في منطقة النزهة، حيث منزله وأسرته، وهو أمر ضروري، للوفاء بمسيرة رجل أحب وطنه وخدمه في الميدان 35 سنة.