اثار تدمير تنظيم داعش لاثار جديدة في مدينة تدمر السورية ردود فعل دولية غاضبة، فصنفته الامم المتحدة بـ"جرائم حرب" ووصفته موسكو بـ"المأساة الحقيقية".

وبعد اكثر من شهر على استيلائه مجددا على مدينة تدمر الاثرية وسط سورية، عمد تنظيم داعش الى تدمير التترابيلون الاثري، كما الحق اضرارا كبيرة بواجهة المسرح الروماني.

Ad

وقالت المديرة العامة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ايرينا بوكوفا "هذا التدمير المتعمد جريمة حرب جديدة. انها خسارة كبيرة للشعب السوري وللانسانية".

واضافت "هذه الضربة الجديدة الموجهة الى التراث الثقافي (...) تثبت مدى استهداف التطهير الثقافي الذي يقوم به المتطرفون للحياة البشرية والمعالم التاريخية من اجل حرمان الشعب السوري من ماضيه ومن مستقبله".

واكدت أن "حماية التراث لا تنفصل عن حماية الحياة البشرية".

وفي اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس الجمعة، قال مدير عام الاثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم "دمر تنظيم داعش كما تلقينا من اخبار منذ عشرة ايام التترابيلون الاثري وهو عبارة عن 16 عمودا".

واضاف "كما اظهرت صور اقمار اصطناعية (...) اضرارا لحقت في واجهة المسرح الروماني".

وبدا من خلال صور الاقمار الاصطناعية وكأن الدمار طال الجزء الاكبر من واجهة المسرح الروماني. وهو الذي طالما استضاف مناسبات موسيقية ومسرحية، ويعد من أبرز المعالم السياحية في سورية، اذ ظهرت صوره في العديد من الحملات الترويجية والبطاقات البريدية.

ولكنه شهد ايضا على اعمال الجهاديين الوحشية. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن قيام تنظيم داعش الاربعاء باعدام 12 شخصا بينهم من تم قتلهم وقطع روؤسهم في المسرح الروماني.

واستولى تنظيم داعش في 11 كانون الاول/ديسمبر مجددا على مدينة تدمر بعد اكثر من ستة اشهر من سيطرة الجيش السوري عليها وطرد الجهاديين منها.

وكان التنظيم استولى المرة الاولى على تدمر في ايار/مايو العام 2015، وارتكب طوال فترة سيطرته عليها اعمالا وحشية، بينها قطع رأس مدير الاثار في المدينة خالد الاسعد (82 عاما) وعملية اعدام جماعية لـ25 جنديا سورية على المسرح الروماني.

كما دمر اثارا عدة بينها معبدا بعل شمسين وبل وقوس النصر واخرى في متحف المدينة.

وفي روسيا، وصف ديمتري بسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما حصل بأنه "مأساة حقيقية من وجهة نظر التراث الثقافي والتاريخي. الارهابيون مستمرون في اعمالهم الهمجية".

وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف بدوره "الهمجيون يبقون همجيين. مثل هذه الافكار والممارسات لا مكان لها في الحضارة الحديثة".

ويعود تاريخ مدينة تدمر المعروفة بـ"لؤلؤة الصحراء" الى اكثر من الفي سنة.

وكانت الطائرات الحربية الروسية لعبت دورا كبيرا في سيطرة الجيش السوري على تدمر في اذار/مارس الماضي، قبل ان يفقدها مجددا.

وتشتهر تدمر التي تقع في قلب بادية الشام وتلقب ايضا بـ"عروس البادية" باعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها.

واعرب عبد الكريم عن خوفه من المستقبل طالما بقي تنظيم داعش في المدينة. وصرح "قلنا منذ اليوم الاول ان هناك سيناريو مرعبا ينتظرنا"، مضيفا "عشنا الرعب في المرحلة الاولى، ولم اتوقع ان تحتل المدينة مرة ثانية".

واضاف "معركة تدمر ثقافية وليست سياسية (...) لا افهم كيف قبل المجتمع الدولي والاطراف المعنية بالازمة السورية ان تسقط تدمر".

وتعتبر سورية مخزن كنوز اثرية من ثقافات مختلفة تتراوح بين المساكن والأسواق من عصور ما قبل التاريخ، وصولا الى الآثار اليونانية والرومانية والحصون الصليبية.

وان كان لتنظيم داعش دور كبير في تدمير جزء من هذا التراث، فان المعارك التي شهدتها سورية الحقت الدمار ايضا بالكثير من المواقع الاثرية، وابرزها المدينة القديمة في حلب.

وشكلت المدينة القديمة في حلب منذ العام 2012 خط تماس للمعارك.

واعلنت اليونسكو الجمعة ان "الدمار الكامل" طال 30 في المئة من المدينة القديمة جراء المعارك، فيما لحقت "اضرار بالغة" بما تبقى منها.

وارسلت اليونسكو بعثة الى حلب بين 16 و19 يناير، تبين خلالها "الضرر البالغ" الذي لحق بالقلعة الصليبية وبالجامع الاموي الذي انهارت مئذنته العائدة الى القرن الحادي عشر.