في مطلع حقبة الألفية قرر الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج دبليو بوش أن الوقت قد حان لإقامة علاقات أوثق بين بلديهما. وكانت صناعة النفط المكان الواضح للبدء بهذه الخطوة. وكانت الولايات المتحدة تستورد نحو ضعفي النفط الذي تنتجه، وقد أرادت تنويع مصادره بعيداً عن موردي الشرق الأوسط. وكانت احتياطيات روسيا الضخمة من النفط غير المستخدم في حاجة إلى شيئين يتوفر لدى الشركات الأميركية الكثير منهما: المال والتقنية. وفي شهر أكتوبر من عام 2002 انعقدت في هيوستن أول قمة للطاقة التجارية الأميركية– الروسية– وخلال يومين حضر أعضاء من الحكومتين، ومديرون تنفيذيون من 70 شركة نفط وغاز وأجروا محادثات عمل. وبعد أحد عشر شهراً انعقدت قمة ثانية في مدينة سانت بطرسبرغ حيث تركزت المحادثات على تحسين مناخ استثمارات الطاقة في روسيا. وبدا أن علاقات أوثق أخذت تتطور ولكن لم تنعقد قمة ثالثة.
تأميم قطاع الطاقة
وبحلول عام 2004 بدأ الكرملين بتأميم أجزاء من قطاع الطاقة الخاص في روسيا، وكان الأبرز في هذه الخطوة مصادرة أصول أكبر شركة نفط تدعى يوكوس. وفي الولايات المتحدة كانت شركات الحفر تطور تقنية التكسير لاستخراج النفط والغاز من التشكيلات الصخرية، وكانت تلك الشركات مترددة ازاء مشاطرة مالديها من معرفة مع الروس. وقال ايغور يوسوفوف، الذي شغل منصب وزير الطاقة في روسيا خلال الفترة من 2001 الى 2004 والمشارك الرئيسي في قمتي الطاقة المذكورتين "أصبحت الولايات المتحدة حذرة تماماً وبذلك فقد تزعزت أسس اقامة هذه العلاقة الودية".ويأمل يوسوفوف الذي يدير الآن صندوقاً لاستثمارات الطاقة في أن يعاود الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الاجتماعات العالية المستوى. وقد تعهد ترامب بتحسين العلاقات مع روسيا واختار لمنصب وزير الخارجية ركس تيلرسون الذي كان المدير التنفيذي لشركة اكسون موبيل. ولدى تيلرسون خبرة مع روسيا تفوق أي تنفيذي آخر في الولايات المتحدة، نظراً لأنه تفاوض حول مشروع مشترك بقيمة 500 مليار دولار مع شركة روسنفت التي يسيطر الكرملين عليها في سنة 2011.منتدى دافوس
قد تكون امكانية اقامة عصر جديد من العلاقات البناءة بين الولايات المتحدة وروسيا موضع نقاش في أروقة مدينة دافوس، حيث يشارك أبرز مشاهير صناعة النفط. ويتوقع أن تصبح الولايات المتحدة دولة مصدرة للطاقة في العقد المقبل، بحسب مصادر في ادارة معلومات الطاقة الأميركية. وقد تنافس صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة في حينه الإمدادات الروسية، ما يفضي الى الضغط على أسعار النفط العالمية. والطاقة الرخيصة ليست جيدة تماماً بالنسبة الى الكرملين الذي حرم من الدخل منذ الانهيار في أسعار النفط. وستتمثل الخطوة الأولى في أي تقارب في رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها ادارة باراك أوباما رداً على اجتياح روسيا للقرم وأوكرانيا. وقال ستيفن بايفر، الذي عمل نائباً لمساعد وزير الخارجية في مكتب الشؤون الأوروبية والأوراسية مع المسؤولية عن روسيا وأوكرانيا من 2001 الى 2004 "اذا أراد ترامب علاقات أفضل مع روسيا يستطيع البدء برفع العقوبات". والسؤال هو ما الذي ستحصل الولايات المتحدة عليه في مقابل ذلك. وقال بايفر "اذا رفعت العقوبات فلن تكون لديك قوة ضغط. كما أن تيلرسون قال في كلمته أمام جلسة استماع تثبيته في 11 يناير إن العقوبات تشكل "أداة قوية"، ولكنه أضاف أن العقوبات السيئة التصميم يمكن أن تكون أسوأ من عدم وجود عقوبات على الإطلاق.الهجمات السبرانية
يقول كارلوس باسكوال الذي ترأس مكتب وزاة الخارجية الأميركية لموارد الطاقة في الفترة من سنة 2011 إلى 2014، إن أي عملية اعادة تقييم للعلاقة مع روسيا يتعين أن تشمل قضية الهجمات السبرانية والوضع في سورية، ودور روسيا في الشرق الأوسط. ويوجد أيضاً السؤال المتعلق بما إذا كانت وزارة الخارجية في عهد تيلرسون ستعمل بالتنسيق مع شركات أميركية تحاول استغلال فرص في روسيا. وقال ريتشارد مورننغستار إنه عندما كان سفيراً للولايات المتحدة لدى جمهورية أذربيجان من سنة 2012 الى 2014 "كانت وزارة الخارجية وشركة اكسون مثل سفينتين تمران خلال الليل" على الرغم من أن المعسكرين كانا يعملان على تعميق انخراطهما في قضايا الطاقة في روسيا والمنطقة المحيطة.ويتساءل ريتشارد مورننغستار الذي يدير في الوقت الراهن المركز العالمي للطاقة في المجلس الأطلسي في واشنطن ما اذا كانت ادارة دونالد ترامب ستولي أولوية لإقامة علاقات أوثق مع روسيا بقدر يفوق القضايا الجيوسياسية معها. ويسأل "هل سيهتم ترامب بنوع الدور الذي تلعبه روسيا كمورد رئيسي للغاز الى أوروبا؟ وتوجد أيضاً مسألة كيفية التعامل المحتمل مع روسيا بالنسبة الى رغبة الولايات المتحدة في بيع المزيد الى أوروبا".ويستبعد يوسوفوف الحديث عن المنافسة فيما يشدد بدلاً من ذلك على الطريقة التي يمكن للبلدين التعاون من خلالها من أجل استقرار أسواق النفط المتقلبة والمتفجرة. وأضاف "في وسعنا توحيد جهودنا من أجل وضع أسعار للنفط تكون مفيدة بالنسبة الى البلدين". وسيكون مدى 60 دولاراً إلى 80 دولاراً لبرميل النفط عالياً بما فيه الكفاية بالنسبة الى الكرملين لسد الفجوة في ميزانيته وبالنسبة إلى شركات التكسير في الولايات المتحدة للبدء بالاستثمار في مشاريع جديدة – على الرغم من عدم ارتفاع تلك الأسعار الى مستويات عالية بحيث تلحق الضرر بالسائقين في الولايات المتحدة. وقال يوسوفوف "يمكن أن يكون هذا أساس وجوهر النقاش في قمة طاقة أميركية – روسية كما كان الحال قبل 15 سنة".والخلاصة هي أن الولايات المتحدة وروسيا قد تعملان جديا من أجل رسم صورة للتعاون في ميدان الطاقة، بعد أن أصبحت أميركا الآن دولة كبيرة منتجة للنفط والغاز أيضاً.* ماثيو فيليبس