ترامب يحتضن «علي بابا» لتوفيرها مليون وظيفة أميركية

رغم إدراجها في قائمة «الشركات السيئة السمعة»

نشر في 21-01-2017
آخر تحديث 21-01-2017 | 00:03
جاك ما ودونالد ترامب بعد اجتماعهما في 9 يناير الجاري
جاك ما ودونالد ترامب بعد اجتماعهما في 9 يناير الجاري
حدثان في غضون أسابيع قليلة سلطا الضوء على مدى قوة ومدى ضعف العلاقات التي تربط ما بين عملاق التجارة الإلكترونية في الصين علي بابا والولايات المتحدة. كما أبرزا أيضاً مدى قوة ومدى ضعف التزامات الولايات المتحدة إزاء الصين. وكما هو الحال مع العديد من حالات التعميم، يبدو أن في الأمر أكثر مما هو ظاهر للعيان. في 21 ديسمبر الماضي قرر الممثل التجاري الأميركي ادراج موقع التسوق العملاق C2C online shopping- Taobao الخاص بمجموعة علي بابا على قائمة مراقبة "الأسواق رديئة السمعة" التي تسوق سلعا مستنسخة.

وشكل ذلك صفعة مؤلمة لعملاق الصين، ولكن بعد أقل من ثلاثة أسابيع وتحديدا في التاسع من شهر يناير الجاري التقى الرئيس التنفيذي لعلي بابا جاك ما الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اجتماع مع "بونهومي"، حيث سادت الابتسامات عندما قال جاك ما إن صادرات الولايات المتحدة الى الصين عبر منصات علي بابا للتجارة الالكترونية ستدعم مليوناً من الوظائف الجديدة في أميركا، كما أن ترامب احتضن ما كما لو أنه كان أخاه الذي افتقده منذ زمن طويل.

قرصنة الملكية

والسؤال هو عن أي علي بابا نتحدث؟ هل علي بابا الشركة التي تدعم، أو تقبل على الأقل، قرصنة حقوق الملكية، أم علي بابا الشركة التي تدعم الصادرات من الولايات المتحدة وفرص العمل التي تنجم عنها؟ وعلى نفس السياق، أي ولايات متحدة نحن نشاهد؟ الولايات المتحدة التي تلعب بشكل أساسي دور شرطي مرور يحرر المخالفات (وربما بصورة غير عادلة) للآخرين، أم الولايات المتحدة التي تحاول تعضيد ودعم النمو والصادرات؟

الجواب باختصار هو: الاثنتان. اذ إن هناك تحديات قرصنة في علي بابا، كما أن هناك كل أنواع الأنباء الجيدة والفرص أيضاً. (ومن وجهة نظري فإن الأنباء الجيدة والفرص تتفوق بشكل بارز على التحديات). وفي ما يتعلق بالحكومة الأميركية توجد بالتأكيد حاجة الى تنظيم وضبط عمليات سرقة حقوق الملكية الفكرية ولكن مع التركيزعلى النمو أيضاً. ومن وجهة نظري قد يحسن أن تركز الحكومة معظم جهودها على النمو الذي يسهم في حد ذاته في تحسين تداعيات القرصنة بشكل جزئي.

ولننظر أولاً الى الأنباء السيئة، من خلال قرصنة حقوق الملكية. وفي حقيقة الأمر، فإن تقليد السلع واستنساخها بات وباء عالميا يؤثر على العديد من أكبر أسواق الاون-لاين، لا على المواقع الصينية فقط.

وعلى الرغم من ذلك فإن مركز الصين كمصدر للكثير من بضائع العالم المستنسخة يثير القلق بين التجار والمصنعين، الذين يشعرون بقلق من أن تصدير منتجاتهم الى الأسواق الصينية، سيعرضها لخطر الاستنساخ. وكما هو حال مؤسس لشركة تساعد باعة التجزئة الغربيين على البيع اون لاين إلى المستهلكين الصينيين أعتقد أن التجار الذين يستبعدون الصين بسبب هذا القلق فقط قد حصدوا نتائج عكسية.

وكتبت كثيراً خلال السنوات الماضية عن هذه القضية والدرس الأساسي، هو أن الأداة الأكثر فعالية لمحاربة القرصنة في الصين تكمن في اقامة مخزن رسمي للتجارة الالكترونية في الصين، حيث يستطيع المستهلكون العثور على المنتجات القانونية. واذا بقيت خارج السوق فأنت تسلمه بأكمله الى القراصنة.

نمو الطبقة الوسطى

ويعني نمو ثراء الطبقة الوسطى في الصين أن هذا الاتجاه سيكون مناسبا، فالمستهلك الصيني يزيد من طلبه على السلع، وهو لم يعد يحتمل البضائع الرديئة، بل بات يهتم بالبضائع الأجنبية الأصلية. وقد حققت مواقع الإنترنت الرسمية حصة سوقية متنامية بينما فقدت السوق السوداء جاذبيتها.

وثانياً، من الفرص المتاحة، هناك الإمكانية الهائلة للأسواق في الصين. وفي التقرير السنوي الذي أصدرته أخيراً قالت تي مول غلوبال وهي ذراع موقع التسوق الخاص بالعملاق الصيني علي بابا بي 2 سي تي مول إن عدد الماركات الدولية التي تبيع الى المستهلكين الصينيين عبر منصاتها قد ارتفع بنسبة 169 في المئة في السنة الماضية ليصل الى 14500 مرتفعاً عن 5400 في نهاية عام 2015. كما أن أكثر من 80 في المئة من تلك الماركات الدولية – التي تشمل أسماء معروفة جداً مثل ميسزMacy’s وتارغت Target – لم يكن لها أي حضور في الصين قبل اطلاقها على تي مول غلوبال.

ولا تسهم هذه الماركات فقط في الدفاع ضد تزييف الماركات، فقد تجاوز سوق المستهلك الصيني الولايات المتحدة في هذه السنة ليصبح الأكبر في العالم، ويمثل فرصة هائلة لباعة التجزئة الذين يرغبون في استثمار الوقت والمال في تنمية قاعدة المستهلكين في ذلك البلد. ويبلغ عدد الطبقة المتوسطة في الصين 300 مليون نسمة أي ما يقارب عدد سكان الولايات المتحدة قاطبة والبيع اون لاين مباشرة هو الطريقة الأكثر فعالية للوصول الى تلك الطبقة.

شريحة الشباب

والأكثر من ذلك أن متسوقي "اون لاين" في الصين هم من شريحة الشباب الذين يعرفون التقنية والمهتمين بصورة متزايدة بالمنتجات الأجنبية، لأنهم يعتقدون أنها توفر درجة أكبر من الأمان والجودة بقدر يفوق البضائع المحلية. وليس مفاجئاً أن منتجات التجميل التي يأتي معظمها من اليابان وكوريا كانت الفئات الأكثر شعبية على تي مول غلوبال في العام الماضي. واحتلت الماركات الأميركية المركز الثاني (بعد اليابان) بفضل الطلب على الأطعمة الصحية ومكملاتها ومنتجات الأطفال والغذاء البديل.

طلب البضائع الأجنبية

وينمو الطلب على البضائع الأجنبية الأخرى أيضاً. ولدى تي مول غلوبال الآن 3700 فئة من المنتجات وقد أضيفت 1700 منها في سنة 2016. وتتوقع شركة بحوث السوق اي ماركتر أن ترتفع مبيعات الصين عبر التجارة الإلكترونية في سنة 2020 الى 150 مليار دولار مرتفعة عن 85 مليار دولار في هذه السنة. والطريقة المباشرة بقدر أكبر للاستفادة من هذا النمو هي اقامة متجر للتجارة الالكترونية في أحد أكبر الأسواق الصينية.

وعبر إشارتي الى هذه المزايا وآفاق الأسواق الصينية أنا لا أقلل من المتاعب التي يسببها المزيفون. وقد حققت "علي بابا" تقدماً في خفض عدد شركات التزييف على تاوباو وفي تطوير أدوات تقنية مثل تعريف الصورة، بهدف المساعدة في هذا الشأن ولكن الشركة تقر بوجود الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

وعلى الرغم من ذلك يتعين على الماركات التي تفكر في دخول الأسواق الصينية ألا تعطي وزناً في غير محله للخطر الذي يمثله التزييف. والعثور على توازن بين المجازفة والمكافأة سمة محيرة دائماً، ولكن امكانية المكافأة في الصين بالنسبة الى الماركات الأميركية تزداد بصورة لافتة.

back to top