1.6 مليار دينار مخالفات العلاج بالخارج خلال 8 سنوات
تقرير المراقبين الماليين سجل 19849 مخالفة تؤكد وجود تعدٍّ على المال العام واختلاسات في «الصحة»
بلغت مصروفات العلاج بالخارج خلال السنوات الـ 8 الماضية ما يجاوز المليار دينار بخلاف 654 مليون دينار محولة للمكاتب الصحية الخارجية لا تتمكن الوزارة من تسويتها محاسبيا لسنوات طويلة.
سجل جهاز المراقبين الماليين 19849 مخالفة مالية ضد وزارة الصحة، وقال تقرير خاص بالمراقبين الماليين إن وزارة الصحة لم تقدم لديوان المحاسبة مستنداتها الدالة على بدء اتخاذها لإجراءات تسوية الملاحظات المسجلة والبالغ عددها 58 ملاحظة، رغم اجتماعها مع الديوان أخيرا، علماً أن اللجنة قد أعطت الجهات الحكومية ذات الميزانيات الضخمة فرصة شهر كامل تقريباً وأخطرت كتابيا ووديا بذلك.وشدد التقرير، الذي حصلت الجريدة على نسخة منه، على ضرورة إعادة النظر بالتشريعات الطبية لتقادم أغلبيتها لتواكب التطورات والزيادة السكانية بما فيها مرسوم انشاء وزارة الصحة المعمول به منذ 38 سنة، والمقتصر على مفهومي معالجة المرض والعجز، في حين أن مفهوم الصحة عالميا تغير جذرياً، ولا يكون ذلك عبر زيادة التشريعات عدديا او إسنادها لمجالس عليا متخم قياديوها بالمسؤوليات، بل التركيز على نوعيتها وملاءمتها.وقال التقرير إن عدد التشريعات الطبية حاليا 30 تشريعا منها 20 تشريعا خاصا بوزارة الصحة، مقابل اكثر من 1.617 اقتراحا نيابيا طوال الحياة النيابية الكويتية.
وأكد أن هناك 357 استمارة ممتنع عن توقيعها من جهاز المراقبين الماليين لاسباب كثيرة أبرزها عدم وجود اعتمادات مالية في الميزانية للغرض الذي ستصرف الوزارة من أجله، وعدم وجود موافقات مسبقة من الجهات الرقابية لأعمال قامت بها الوزارة. وقال: تعتبر ملاحظات ديوان المحاسبة انعكاسا للسلوكيات الـ 7 التي تنتهجها وزارة الصحة والتي تكثر فيها المخالفات المالية المسجلة من قبل المراقبين الماليين لتصل إلى آلاف المخالفات المالية في كل سلوك على حدة.وكشف التقرير عن وجود 5317 مخالفة أبرزها تداخل اختصاصات إدارات الصحة مع بعضها البعض في تنفيذ المشتريات وترسية العقود والتعاقد مباشرة بدلا من الادارة المعنية بذلك، والقيام بالصرف المالي والتسويات المحاسبية بالاعتماد على نسخ المستندات الأصلية، ومنها ما يخص مصروفات المكاتب الصحية بالخارج، وعدم ارفاق المستندات الدالة على موافقات الجهات الرقابية لأن الوزارة تجاوزتها اصلا بـ 5.032 مخالفة.وكشف عن مخالفة الضوابط المالية للائحة العلاج بالخارج تم تغييرها في عهد الوزير الجديد وعدم التزام المفوضين بالوزارة بالتوقيع ضمن حدود صلاحياتهم بـ 3495 مخالفة وصرف مكافآت وبدلات دون موافقة ديوان الخدمة المدنية وخاصة للاطباء الزوار والاطباء غير الكويتيين المتدربين بـ1334 مخالفة، إضافة إلى مخالفات ضوابط التخزين وأبرزها عدم ارفاق اقرارات الفحص والاحصاء للمواد الداخلة او الخارجة من المخازن بـ 1088 مخالفة، مما تسبب بخلل على رقابة الادوية المخزنة والمقدرة بـ 272 مليون دينار. فضلا عن وجود خلل في تنفيذ العقود وخاصة في مجالي الادوية والاجهزة الطبية بـ 986 مخالفة ابرزها عدم تقديم متعهدي العقود لما يثبت تقديم خدمات الصيانة والتدريب للوزارة.وأكد التقرير تجاوز الوزارة كثيرا للجهات الرقابية والتنظيمية وصلت في بعضها الى تقديم بيانات غير صحيحة، وتمتد لان تتجاوز احيانا اداراتها المعنية (ادارة الشؤون القانونية) داخل الوزارة قبل ابرام اعمالها، علما ان كل العقود المتجاوزة للرقابة بها خلل حقيقي.وكذلك عدم عرض الكثير من الاستمارات على المراقب المالي ومنها ما يخص تحويلات للمكاتب الصحية الخارجية وبعضها بها خلل حقيقي، ولا تتمكن الوزارة مع معرفة الوضع المالي فيه (المكتب الصحي بواشنطن).
قضية العلاج بالخارج
وفيما يتعلق بالعلاج في الخارج قال التقرير: بلغت مصروفات العلاج بالخارج خلال السنوات الـ 8 الماضية ما يجاوز المليار دينار بخلاف 654 مليون دينار محولة للمكاتب الصحية الخارجية لا تتمكن الوزارة من تسويتها محاسبيا لسنوات طويلة، وتلقي وزارة الصحة باللائمة على وزارة المالية لعدم توفيرها الاموال اللازمة لتغطية ما تجاوزته. وأدى استمرار عدم "ميكنة حسابات المكاتب الصحية بالخارج مع الوزارة" الى تعرض الاموال المحولة لشبهات مالية ولخطر الاختلاس والتزوير.وقال التقرير إن "المكتب الصحي بواشنطن لا يقوم بدوره نتيجة تعاقده مع شركة هناك دون موافقة ديوان المحاسبة المسبقة، ولا تقوم الشركة بتزويد المكتب بما يلزم، للتحقق لما يدفع للمستشفيات، كما لا تتوافر خدمة الوصول الإلكتروني لدى المكتب للاطلاع على الإجراءات الطبية المقدمة للمرضى، حيث تم سداد 83 مليون دولار دون إرفاق ما يؤيد صحتها".ولفت إلى أن التحويلات المالية للمكتب ارتفعت بعد العقد مباشرة، رغم تناقص اعداد المرضى لتصل إلى 324 مليون دينار دون تسويات محاسبية، فضلا عن قيام محاسبين وافدين بالمكتب الصحي بلندن، بالتعاون مع اطباء وصيدليات في بريطانيا، بتزوير كتب علاج مرضى كويتيين منذ سنة 2009 استطاعوا من خلالها سرقة 13 مليون باوند (5 ملايين دينار)، واكتشفتها الشرطة البريطانية بعد اشتباهها في تضخم ارصدة المحتالين. أما داخل الكويت قال التقرير "إن الوزارة لم تتحقق من استصدار تذاكر سفر لمرضى بقيمة 3 ملايين دينار أوفدوا عن طريق مكتب سفريات تم التعاقد معه دون موافقة ديوان المحاسبة المسبقة، وتعويض آخرين عولجوا على نفقتهم دون أن تتحقق من وجودهم فعليا في بلد العلاج، واكتشفت بالتدقيق المستندي وجود مئات الحالات لم تغادر البلاد أصلا، وحصلت على مخصصات العلاج، كما اثبت ذلك كشف المنافذ، وفتحت الوزارة تحقيقات حول 70 مليون دينار يشتبه في انها للعلاج الوهمي".الأجهزة الطبية
وذكر "تعاقدت الوزارة سابقاً مع الشركات المختصة بالأجهزة الطبية، ولم تلتزم بتوفير العديد من الأجهزة المطلوبة منها طوال مدة العقد، وتزويد الوزارة بـ30 جهازا عاطلا، ولا تقوم باستبدال الأجهزة المتقادمة، وتستخدم مواد منتهية الصلاحية اثناء اجراء الفحوصات، وتطالب الوزارة حاليا بـ 22 مليون دينار نظير خدماتها بخلاف 22.5 مليونا قيمة العقد نفسه".وأضاف التقرير: "كما لوحظ وجود العديد من الأجهزة المتقادمة والمتعطلة في عدة مستشفيات، يعود بعضها لسنة 1981، في ظل صرف الوزارة 274 مليون دينار خلال 8 سنوات على الأجهزة الطبية، ووجود اجهزة بقيمة 8 ملايين دينار في المخازن لم تستخدم".التشريعات الطبية لا تواكب التطورات
قال التقرير إن التشريعات الطبية منذ استقلال الكويت وحتى تاريخه لا تواكب التطورات ودون مستوى الطموح.ولعل أبرز الجوانب المستحقة التي يجب تغطيتها تشريعيا ما يلي:• الأمور التي يجب أن تتولاها وزارة الصحة لتحقيق الرعاية الصحية، وفق متطلبات القرن الـ 21، حيث أصبحت الصحة تعرف حاليا باكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، وليس مجرد انعدام المرض أو العجز.• قانون متكامل للأطباء يضمن فيه حقوقهم، ويبين فيه واجباتهم ويحميهم من الاعتداءات ويشجعهم على الإقبال في التخصصات الطبية النادرة.• قانون متكامل للمرضى يضمن فيه حقوقهم، ويبين فيه التزاماتهم، ويكفل لهم حق المساءلة الطبية في حال وجود تقصير أو إهمال أو ما شابه.• إعادة النظر بالتشريعات الطبية فيما يخص المتقاعدين، وربطها بالأمراض التي قد يتعرضون لها في هذه المرحلة من حياتهم وسبل توفيرها لهم.• إعادة تنظيم البيئة الطبية اداريا وماليا وعمرانيا وبشريا وتقنيا، وجعلها تحت إدارة كويتية من الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات.• قانون يوفر تهيئة البيئة المناسبة للأبحاث الطبية والإنتاج الدوائي، وتعزيزها وسبل تمويلها وتطبيقها لتحسين النظم الصحية.