نقطة: اللي خرب التركيبة ما يصلّحها...
توضيح الواضحات يزيدها إشكالاً، كما يقال، إلا أنه يبدو أنه من الضروري إعادة تأكيد وتوضيح بعض البديهيات والمعلومات العامة هذه الأيام مع تنامي موجة تحميل الإخوة الوافدين مسؤولية أخطائنا المالية والإدارية مع زيادة ملحوظة في جرعة التقليل من قيمتهم وإنسانيتهم، إضافة إلى معايرتهم بشرف دخول الجنة الكويتية المحروسة! لذا ومن هذا المنطلق أود أن أؤكد لمن نسي أو تناسى أنهم بشر مثلنا، إي والله مثلنا تماماً، فهذا البنغالي أو المصري أو الهندي وكل وافد من الذين تراهم في الشارع أو المقهى أو تزامله في العمل أو يخدمك في بيتك، هو إنسان حالك حاله، يتمتع بعشرة أصابع في يديه ومثلها في قدميه، هذا إن لم يكن مصاباً بإصابة عمل قطعت إحداها، ومازالت قضيته "تتجرجر" في المحاكم لمطالبة رب عمله الكويتي بتعويضه عن فقدانه لقطعة من جسده على هذه الأرض، كما أن له مشاعر وأحاسيس وأحلاماً وهواجس وطموحات، وليس مجرد كومبارس زائد عن اللزوم يمارس عمله ليكتمل مشهد "فيديو كليب" حياتك الجميلة.
الدستور ينص على أن الناس سواسية لا الكويتيين فقط، فإذا لم تحثك أخلاقك وتربيتك على احترام الآخرين مثلما تريد منهم أن يحترموك حين تسافر لبلادهم فمن الواجب والقانون أن تحترمهم وتكف أذاك عنهم، والإخوة الوافدون موجودون هنا للعمل وأخذ الأجر مقابله، فإذا لم يعجبك عمل أحدهم فستستبدله بوافد آخر أيضاً، وهو كذلك إن لم تعجبه معاملتك له وأسلوبك معه فسيجد مكاناً آخر يعمل به، هذا هو الدفع التاريخي للبشر بعضهم ببعض، ولا أحد متفضل على الآخر بشيء، وكلنا في النهاية وافدون على هذه الدنيا، أما إذا كانت التركيبة السكانية مختلة فاذهبوا وفتشوا عمن أخلّ بها، ومن كان يوزع الإقامات على الشركات الورقية وتجار الإقامات والنواب والسياسيين لبيعها بدلاً من تسليمهم الأموال المكشوفة، ولا تظلموا الآخرين معكم بسبب سوء إداراتكم وطمعكم، وإن كنتم تقصدون العمالة السائبة، إن صحت التسمية، فهؤلاء بالذات مظلومون معنا أكثر منا، فهم أتوا لبلادنا تحدوهم الآمال التي دفعوا من أجلها ربما كل ما يملكون، والأسهل من طردهم والأكثر استحقاقاً هو محاسبة من أتى بهم وقبض منهم الأموال ومازال يقبضها سنوياً عند تجديدهم لإقاماتهم المشتراة، لذا دعونا ونحن في طريقنا لتعديل التركيبة السكانية، كما نزعم كل بضع سنوات، ألا نثير الكراهيات والحزازيات ونعدلها بطريقة حضارية، ووفق خطة مدروسة وواضحة تلبي مصالح الجميع، وتضمن ألا يتكرر اختلالها مرة أخرى إذا ما عدلناها فعلاً هذه المرة.