ذكر تقرير الشال ان بورصة الكويت حققت في 14 يوم عمل منذ بداية العام الجاري حتى نهاية الأسبوع الفائت مستوى سيولة بلغ نحو 595.7 مليون دينار، بمعدل يومي للسيولة وصل إلى نحو 42.5 مليون دينار، أو نحو 3.7 أضعاف معدل قيمة التداول اليومي لعام 2016 البالغ نحو 11.6 مليون دينار، ونحو 2.7 ضعف مستوى عام 2015 البالغ نحو 15.9 مليون دينار. وذكرنا في أكثر من مرة في تقريرنا، أن المتغير الأهم للبورصة، الذي يؤثر إيجاباً وسلباً في كل ما عداه، هو متغير السيولة، والارتفاع الكبير في سيولة بورصة الكويت منذ بداية العام الجاري تطورٌ إيجابي إن كان تطورا أصيلا قابلا للاستدامة.
وكنا قد ذكرنا في تقريرنا (رقم 35/2016)، أن نحو 80 في المئة من الشركات المدرجة تُباع بخصم على قيمتها الدفترية، وضمنها نحو 45.4 في المئة من عدد الشركات المدرجة، تُباع بخصم على قيمتها الدفترية يراوح ما بين 50 في المئة و90 في المئة، ونصحنا الأسبوع قبل الفائت بالتدخل الحكومي لخفض معروض الأسهم المدرجة والتربح من تلك العملية، أي الاستثمار المدروس لا دعم البورصة. والارتفاع مؤخراً في سيولة البورصة، قد يكون إيجابيا ومستداما إن كانت السيولة الحالية التي توجهت إلى البورصة أموال قطاع خاص، هدفها الإفادة من ضعف متصل هبط بالأسعار إلى مستوى غير مبرر في أغلبيته، وخلق فرصا استثمارية مجزية، ودخول القطاع الخاص في هذه الحالة يُغني عن تدخل الحكومة. ويدعمه- ربما- أن حقبة الهبوط المتصل في سيولة البورصة، تزامنت مع سخونة في سوق العقار المحلي، وتحديداً النشاط الاستثماري ضمنه، وبعد بدء تصحيح أسعاره مؤخراً، وبداية ارتفاع أسعار الفائدة بما تعنيه من مزيد من الضغط على أسعاره وسيولته، توجهت تلك الأموال إلى الأصل الوحيد والرخيص المتاح، وهو الأسهم في البورصة. ويدعمه أيضاً الارتفاع في أسعار النفط بعد اتفاق المنتجين نهاية العام الفائت، وارتفاع سيولة وأسعار بورصات الإقليم، وتحديداً السوق السعودي الذي عوض في آخر شهرين من عام 2016 خسائر كبيرة، وانتقل مع نهاية العام لتحقيق مكاسب. على النقيض من ذلك، قد تكون تلك سيولة مؤقتة، إن كانت ناتجة عن ضخ أموال عامة لشراء أسهم تشغيل مرتفعة القيمة، وكان غرضها تعزيز جانب الطلب لدعم الأسعار. وعادة ما يصاحبها دخول أموال مغامرة خاصة، تراهن على أسهم رخيصة من تلك التي يحقق أي ارتفاع فيها أرباحا آنية كبيرة، واستمرار الارتفاع في السيولة بضعة أسابيع، يدفع بأبرياء لمحاولة اللحاق بمن سبقهم لتحقيق أرباح سريعة، ثم تبدأ لعبة الكراسي الموسيقية. مثل تلك السيولة تستمر فترة محدودة، يستفيد خلالها حملة الأسهم الغالية من تسييل أسهمهم وتسوية أوضاعهم المالية، أي تتحول السيولة العامة إلى أموال خاصة وتذهب خارج البورصة، ثم يبدأ المغامرون على الأسهم الرخيصة بالانسحاب أيضاً تاركين خلفهم ضحايا جددا، وتتضرر سيولة البورصة ويهبط مستوى الثقة فيها مجدداً. ويبدو من تحليل توجهات السيولة منذ بداية العام، أن احتمال كونها سيولة مستدامة أو سيولة مؤقتة انتهازية، متساو أو ربما مشترك، فلو أخذنا عينة بحدود 10 في المئة من الشركات المدرجة التي حظيت بأعلى سيولة، أو نحو 18 شركة، نجدها استحوذت على نحو 52.1 في المئة من كل سيولة البورصة. تلك الشركات الـ18، توزعت على 10 شركات قيمتها السوقية 100 مليون دينار وأكثر، و8 شركات راوحت قيمها السوقية بين 17.7 و99.9 مليون دينار، أي خليط من شركات كبيرة وصغيرة، أو خليط من الاستثمار الذي لا نعرف مصدره، وهوس المغامرة. ومازال الانحراف الكبير جداً بين الشركات السائلة وتلك غير السائلة مستمراً، حيث حظيت 92 شركة مدرجة -50 في المئة من عدد الشركات المدرجة- على 97.5 في المئة من سيولة البورصة، بينما 92 شركة أخرى، استمرت عبئا على البورصة وغير سائلة، وحظيت بنحو 2.5 في المئة فقط من تلك السيولة. ولابد من الاعتراف، بأن ما ذكرناه مجرد مؤشر، وليس فيه حكم على توجهات سيولة البورصة، فالوقت مازال قصيراً جداً لاستخلاص أحكام، ولكنه يظل مؤشرا يستحق المتابعة.
اقتصاد
احتمالية أن تكون توجهات سيولة البورصة مستدامة أو مؤقتة انتهازية... متساوية
22-01-2017