أفاد تقرير "الشال" بأنه صدر تقريران في يناير الجاري لكل منهما رؤيته للنمو المحتمل للاقتصاد العالمي، الأول من البنك الدولي ويتوقع نمواً بحدود 2.7 في المئة في عام 2017، والثاني لصندوق النقد الدولي ويتوقع نمواً بحدود 3.4 في المئة، لافتاً إلى أن الاختلاف بينهما بحدود 0.7 في المئة، وهو اختلاف كبير، والاختلاف يمتد ليشمل كل مكونات الاقتصاد العالمي من دول متقدمة وناشئة ونامية. مثال على الاختلاف، تقدير البنك الدولي لنمو الاقتصاد السعودي أكبر اقتصادات المنطقة البالغ 1.6 في المئة لعام 2017، وهو 4 أضعاف تقديرات صندوق النقد الدولي له البالغة فقط 0.4 في المئة.

وذكر أن الاختلاف الكبير في التقديرات ناتج عن أن المتغيرات الكلية، وأغلبيتها سياسية، أصبحت ذات تأثير كبير على أداء الاقتصاد العالمي، بينما تقدير وزنها الصحيح ومسارها بات صعبا، وهو ما يسبب التفاوت بين تقديرات الجهتين.

Ad

وأشار إلى انه في عام 2016، وكان عاماً ضعيف النمو، كانت التوقعات الغالبة بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، وكانت أيضاً ترجح عدم فوز دونالد ترامب، والوقائع جاءت مخالفة للتوقعات، وتأثيراتها كانت سلبية. وعام 2017 حافل بمثل تلك القضايا، على مستوى العالم وعلى مستوى الإقليم، فالرئيس ترامب بدأ حقبة حكمه، وأدخل مصطلحا جديدا على السياسات الاقتصادية سمه تأثير "ترامب".

وقال التقرير إن التخوف من العودة إلى الحمائية، وبدء حرب باردة جديدة مع تغير في أقطابها، بات أمراً واقعاً، وشهر مارس القادم بداية محادثة نفاذ برنامج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والفارق في تأثيراته شاسع، فيما إذا كان خروجاً آمناً أو خروجا عاصفا، بتدخل من الإدارة الأميركية الجديدة.

وأضاف أن قطبي الوحدة النقدية الأوروبية، أي ألمانيا وفرنسا، سيخضعان لانتخابات عامة، والخوف من تكرار التجربة الأميركية، أي فوز اليمين المتطرف احتمال قائم، ونتائجه على أداء الاقتصاد العالمي إن تحقق، وخيمة. ذلك إضافة إلى تأثير كل ما تقدم، وغيره، على أحداث العنف الجيوسياسية في منطقتنا، ومستوياتها أصبحت لا تحتمل التصاعد، بغض النظر عن موقع أي طرف منها، وسيكون لنتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية خلال العام الجاري أثر عليها.

وأشار التقرير إلى أن الغرض مما تقدم هو ان نمو الاقتصاد العالمي مؤثر إيجاباً إن ارتفع، وسلباً إن انخفض على جانب الطلب على النفط، وهو أمر من الواضح أنه بات من الصعب التوافق على مستوياته، أو ضمان أي مستوى له، وتقرير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مؤشران على ضعف القدرة على التنبؤ. وأحداث المنطقة الجيوسياسية، عامل مؤثر على جانب العرض في سوق النفط التقليدي، ومن الصعب جداً التنبؤ بمسار تلك الأحداث، واحتمالات أثرها إيجاباً أو سلباً على تماسك أسعار النفط في زمن عجوزات مالية ضخمة.

لذلك، نعتقد أن المنطق يدعونا إلى الحذر الشديد، فالإصلاح المالي والاقتصادي يعتمد فرضيات قابلة للتحقق في زمن عادي، بينما أوضاع العالم والإقليم تفرض اعتماد الفرضيات الأسوأ لبرامج الإصلاح، لأن الاستقرار لا النمو بات على المحك.