في معرضها الجديد، تصور كريستين كتانة حركة النمل وتستكشف الأشياء والمواد المحيطة بنا (صابون، سكر...) وكل ما يطاول الحواس من الذوق إلى الشم ثم اللمس، معتبرة أن هذه الأشياء تتطوّر باستمرار، ولا يمكن زيادة أي شيء على هذه الحقيقة التاريخية إلا في نطاق ضيّق. وبسبب هذا التفاوت في المستويات بين الكلي والجزئي، يشعر الإنسان بأنه جاهل، وهذا الجهل بالذات يجعله منعزلاً. لكن من خلال التفتيش في التاريخ أكثر فأكثر، يمكنه معالجة هذه العزلة، مع العلم أن في حقيقة الأمر تعكس تجربتنا ونظرتنا إلى الحقيقة، دائماً أكثر مما نعرف، ولا شك في أن فهماً أكثر شمولية، يتطوّر مع إعطاء ثقة لشعور العزلة في تجربتنا مع الواقع. انطلاقاً من ذلك، تهتمّ كريستين بالاحتكاك اليومي مع المواد، على غرار صابون المغاسل والسكر الذي يوضع على الطاولات في المطبخ، وحركة النمل في الحديقة، وخصوصاً طريقة كلامنا. بالنسبة إلى هذا الخيار، تبحث دائماً عن الأشياء التي تبدو لها قابلة للتحولات المجازية.
لغة تشكيلية
في معرضها تتطرّق كريستين كتانة إلى الذكاء الناشئ، إلى التعقيد، إلى علم إعادة تنظيم الذات، إلى الطريقة التي يمكن أن ينظِّم جهاز نفسه فيها من دون أستاذ. تحدّد كلمة الناشئ بأنها مرور القواعد من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى المعقد، وهي مساحة يمكن أن تحدث أشياء غير منتظرة من خلال خلق شيء ما أكبر من مجموع الأقسام المختلفة. يختبر الجهاز الناشئ، يتعلّم ويكبر من خلال التفاعل مع ردة فعل معينة. لا تعتبر كريستين كتانة أن رسمها يحمل رسائل، بل هو مساحة للبحث والتفاعل وطرح علامات استفهام، من خلالها تفكّر وتدعو المهتمين بالتفكير أيضاً. تحاول طرح أسئلة حول الأساليب واللغات التي نبنيها لننتظم، وهي مهتمة بشكل خاص بالفوضى التي نسعى إلى ترويضها ونسيانها من خلال هذه الأنظمة. لا تنكر كتانة أن تخصصها في الاقتصاد أغنى لغتها التشكيلية وعمق تجربتها الفنية، فالمنطق الذي تعلمته يطاول طريقة التفكير والطريقة التي تفهم من خلالها الواقع الذي نعيش فيه. أحياناً يتصارع الجانب الشعري مع الجانب المنطقي لديها، لكنها تحاول إيجاد مكان ملائم تنفّذ فيه رسمها، لذا تبدو في بحث دائم عن كلمات لاستعمالها بطريقة مجازية ووضعها كعلامة على الأشياء. مع كريستين كتانة تبدو للواقع نكهة خاصة، ليس الواقع الذي يؤثر في حياة الإنسان بل التفاصيل الصغيرة التي لا يعطيها أهمية مع ذلك هي مهمة في يومياته. من هنا تكمن أهمية المعرض في أنه يلفت الانتباه إلى الأشياء الصغيرة ويمنحها أبعاداً تجعلها في قلب الحياة وليس على هامشها. نبذة
ولدت كريستين كتانه في بيروت عام 1982. نالت الماجستير في العلوم المالية والاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد والماجستير في الفنون الجميلة في سنترال سانت مارتينز. درّست الفن في الجامعات في لبنان وطورت لغتها الفنية كفنانة بصرية. شاركت في معارض جماعية في لبنان والمملكة المتحدة، وتعاونت مع فنانين عالميين في مشروع «كوين: هدية للثروة»، بإدارة كلير ويسلر في شرق سوسكس (Sussex) في عام 2014. كذلك شاركت في «معرض «2013» في مركز بيروت للفن، وفي معرض كامبردج (2013). في عام 2015، حازت جائزة النحت والتجهيز في البندقية. مع غاليري جانين ربيز، شاركت في معرض «نظرة عين» (2014)، في بيروت آرت فير (2014)، وفي الجناح اللبناني في سنغافورة آرت فير(2014).