أجمعت قيادات اقتصادية ومصرفية واستثمارية على أن صحوة سوق الكويت للأوراق المالية مستحقة، بعد ثماني سنوات عجاف، مشيرين إلى أنه على مدار السنوات الماضية حققت أسواق العالم مكاسب، ودخلت في موجات تصحيح، ثم عاودت الصعود والارتفاع، لكن سوق الكويت للأوراق المالية ظل يغرد خارج السرب في منظومة أداء منفردة تماما، حتى خالف الارتباط النفسي التاريخي مع أسواق الخليج.

وقالوا إنه «في الوقت الذي كان السوقان السعودي والإماراتي يحققان أداء أفضل، كانت بورصة الكويت تسير في اتجاه مغاير».

Ad

وأضافوا أن الصحوة التي بدأها سوق الكويت للأوراق المالية من بداية 2017 جاءت مدعومة بإشارات كانت شرارتها الأولى دخول المحافظ الثلاث التي منحتها الهيئة العامة للاستثمار لثلاث شركات مدرجة، وبدأت في التحرك على اقتناص الفرص وبناء مراكز في الشركات التشغيلية القيادية بالسوق، ثم جاء تطبيق الهيئة أيضا لمؤشر «إس آند بي» العالمي، والذي حدد نسبا ومستويات في قائمة من الشركات تضم نحو 43 شركة تقريبا، لتعطي البورصة جرعة ثقة، ثم جاءت الدفعة الأكبر من تباطؤ وتراجع سوق العقار، فارتفاع أسعار النفط».

وذكروا أنه ليس مستغربا أن يحقق السوق مكاسب إيجابية، لكن بورصات وأسواق العالم لا يمكن المقارنة معها، وهي التي حققت في السنوات السابقة أداء أفضل بكثير وبعشرات المرات خلال السنوات الثماني الماضية، متسائلين: «لم لا وسوق الكويت يضم عشرات الشركات مستوياتها السعرية دون 100 فلس، علما بأن تأسيس شركة جديدة يكون سعر السهم فيها 100 فلس، وهي لم تبدأ التشغيل أو تلمس طريقها بعد، فكيف بشركات قائمة ولديها أنشطة وتعمل وتحقق أرباحاً؟!»، وفيما يلي التفاصيل:

البدر: عوامل إيجابية

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الأسبق علي البدر، أنه بجانب العوامل النفسية الإيجابية، هناك عوامل أخرى شجعت الكثيرين على العودة للاستثمار في السوق مرة أخرى، أبرزها: تحسنات أسعار البترول، واتجاهها التصاعدي، إضافة إلى التفاؤل بقرب انتهاء المرحلة الثانية من الاستحواذ الإلزامي على «أمريكانا»، ودخول نحو 325 مليون دينار جديدة من خارج السوق إلى المستثمرين، و«حتما جزء من هذه الأموال سيعاد استثماره في السوق».

وأضاف: «هناك أيضا المزيد من الأدوات المالية الجديدة في السوق، والتي تؤشر إلى زيادة مستويات السيولة، كالمارغن على سبيل المثال، وأدوات أخرى يتم الترتيب والتحضير الفني لها.

وتابع: «استمرار زخم السوق وقوة السيولة المدورة يوميا لفترات أطول من 5 جلسات عمل متتالية شجعا المتخوفين والمترددين على العودة للسوق من جديد».

وذكر أنه على مدار السنوات الثماني الماضية، التي تراجع فيها السوق تراجعات حادة بسبب أزمات شركات الاستثمار ومخصصات المصارف، عالجت كثير من الشركات أوضاعها، وكذلك المصارف باتت تتمتع بأقوى وأفضل رسملة على مستوى المنطقة.

وأشار إلى أن المكاسب الحالية للسوق ستكون لها انعكاسات إيجابية على كثير من الوحدات المالية والمصرفية.

وتوقع البدر أن تقل المخصصات وتتحسن بعض الأرباح، وأن يستمر زخم السوق إلى نهاية الربع الأول، لتبدأ مرحلة جديدة من التقييم والتحرك على أرباح ونتائج الشركات، وقياس ما إذا كانت هناك تحسنات إيجابية، حيث إنه في هذه الحالة ستمثل دفعة أخرى للسوق.

وأعرب عن أمله ألا يتراجع الإنفاق الحكومي، الذي يمثل محور ارتكاز مهما لنتائج وأعمال كثير من الشركات وتحريك الاقتصاد، وحدوث دورة اقتصادية عامة، مرورا بحركة التمويل والاقتراض.

زينل: نجني ثمار الاستقرار السياسي

قال رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة مجموعة أرزان المالية للتمويل والاستثمار جاسم زينل، إن صحوة البورصة الكويتية جاءت نتاجا طبيعيا ومتأخرا، مؤكدا أنها صحوة مستحقة، بعد أن استمرت لسنوات تغرد خارج السرب نزولا.

وأشار إلى أن بورصات العالم أجمع طيلة السنوات الثماني الماضية تباين أداؤها، وحققت أداء إيجابيا، وصححت أوضاعها، فيما ظلت بورصة الكويت في أطول موجة تصحيح لحوالي 8 سنوات.

ولفت زينل إلى أن البورصة حاليا تجني ثمار الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتقرأ وتعكس الحالة الاقتصادية، المدعومة بتحسن أسعار النفط.

وذكر أنه في السنوات السابقة كانت الحكومة غير مهتمة أو معنية بالسوق، وهذا وضع غير صحيح، فالبورصة من المؤشرات الصحية للدولة، وتعكس الواقع الاقتصادي، وبالتالي إذا كان أداؤها سيئا، فهذا يعني أن هناك خللا على الحكومة إصلاحه، لإصلاح الاقتصاد، وإعادته إلى وضعه الطبيعي.

وتابع: «ليس بالضرورة أن تتدخل الحكومة في البورصة، بل تتبنى إصلاحات اقتصادية يكون لها انعكاس إيجابي على البورصة».

وأضاف: «أما إذا تجاهلت الحكومة أو تناست أن هناك اقتصادا وسوقا ماليا وقطاعا خاصا، فذلك أمر غير صحي، فالسوق المالي يمثل الكويت، وليس أشخاصا، فعندما تتدفق استثمارات إلى أوروبا وأميركا، فهذا معناه أن هناك ثقة في اقتصادات تلك الدول، وبالتالي يجب أن نتعلم من الدرس، ونعي أن السوق يمثل الكويت واقتصادها».

وقال زينل: «لا ندعو للتدخل في السوق، لكن على الحكومة تلمس أسباب أي خلل اقتصادي، وتحدد معالجاته، وتقوّم الأمر المعوج، والسوق كفيل بأن يقرأ هذه الإجراءات، وهو مطلب عادل، خصوصا أن الحكومة تسيطر على 80 في المئة من حجم الاقتصاد».

وأشار إلى أنه على المستثمر أن يعي اختياراته وفق أساسيات صحيحة، وألا يكون الأداء مضاربيا فحسب، لافتا إلى أن شركات التوزيعات وذات الأداء التشغيلي هي التي تقود المشهد، وبالتالي السوق ينتظر أن يبدأ في التعايش مع الوضع الطبيعي، ما بين الأداء الجيد، والتصحيح المنطقي المعقول غير المبالغ فيه.

العميري: السيولة مستحقة

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الوطنية حمد العميري: «أعتقد أن استعادة البورصة للثقة وعودة السيولة أمران مستحقان، في ظل استقرار سياسي نوعا ما محليا وإقليميا، مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرا إلى أن هذا الاستقرار أعطى دافعا للمستثمرين لاستغلال الهبوط الكبير في أسعار الأسهم، والتي استمرت 8 سنوات بشكل مبالغ فيه.

وقال إن الصحوة الحالية للبورصة دعمتها عدة عوامل ومعطيات، أبرزها انعكاس ارتفاع أسعار النفط المتوقع الإيجابي على الميزانية العامة للدولة، وتقليص العجز، والمؤمل أن تكون نتيجته زيادة الإنفاق والاستثمار الحكومي الرأسمالي بالكويت.

وأضاف: «إذا انعكس الاستثمار الرأسمالي على قطاعات اقتصادية داخل البلاد، فإن عامي 2017 و2018 سيكونان إيجابيين».

وشدد على أنه «في حال كان هناك تحسن لأسعار النفط، صاحبه إنفاق رأسمال جدي للجهات الحكومية مع استمرارية سياسة الترشيد والتحفيز على النمو والتطوير التي أعلنتها الحكومة وأعطت إشارات وإيحاءات إيجابية وتترجم جديتها بأفعال تجاه المشاريع التنموية، مع استقرار سياسي عالمي وإقليمي ومن دون مؤثرات سلبية خارجية، فإن الأوضاع ستستمر في جو من الإيجابية».

وتوقع العميري أن تحافظ مستويات السيولة العالية على زخمها، مدعومة من المرحلة الثانية من صفقة «أمريكانا»، التي تتخطى 300 مليون دينار، المنتظر أن يُعاد استثمار أجزاء من المبالغ التي ستدخل للمستثمرين، إضافة إلى توزيعات الأرباح النقدية خلال فبراير ومارس من البنوك والشركات الجيدة.

صرخوه: السوق يزخر بالفرص

من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي لشركة كامكو للاستثمار فيصل صرخوه إن صحوة البورصة الحالية مستحقة «بحذر»، معتبرا أن البناء يجب أن يكون تدريجيا وخطوة خطوة، لكن طول فترة ركود السوق خلال السنوات الماضية من أبرز أسباب قوة الدفع.

وذكر أن السوق يزخر بالعديد من الفرص، مؤكدا أنه «رغم الصعود والمكاسب، لا يزال «يمدي» الاستثمار والانتقاء ما بين الأسهم المستحقة والتشغيلية.

وعبَّر عن تفاؤله، خصوصا أن الفرص على الأسهم التشغيلية قائمة وموجودة، وكانت مظلومة كثيرا في السابق، معربا عن أمله أن يكون الصعود معقولا ومتزنا، من دون عجلة في الأمر.

وأضاف: «السوق حاليا في أفضل أحواله، بعد مشوار طويل من المعالجات والهيكلة، واستقرار كثير من الأمور المحيطة التي كانت تؤثر في نفسيات المتعاملين».

وأوضح صرخوه أن «السيولة متوافرة بقوة، لكن الظروف وكثيرا من المعطيات اليوم تغيرت عن بدايات سنوات الأزمة المالية».

الشطي: مستويات مغرية

بدوره، اعتبر رئيس اتحاد مصارف الكويت الأسبق رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الكويتي الأسبق عبدالمجيد الشطي، أن صحوة السوق الحالية متأخرة، قائلا: «الكويت فيها خير، والناس عندها خير. المشكلة في السابق كانت في عدم الثقة، وابتعاد المستثمرين عن السوق، بسبب تخوفات وهواجس عامة».

وأوضح أن الدفعة الحالية التي شهدها السوق أعطت ثقة كبيرة في السوق، مشيرا إلى أن البورصة فيها مستويات أسعار مغرية ومحفزة للاستثمار وبناء مراكز.

وذكر أن السوق يضم شركات جيدة، لكن ضعفه لفترات طويلة منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية أدى إلى اضمحلال كثير من الشركات، التي تأثرت بالبيئة التشغيلية والأوضاع المحيطة بها أكثر من العوامل الفنية لديها، والاستقرار الحالي سيعيد الكثير من الأوضاع إلى طبيعتها.

الحميضي: التوزيعات المنتظرة

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمار المالي عادل الحميضي، إن صحوة البورصة واستعادة الثقة أمران مستحقان، حيث يعد سوق الكويت من أرخص الأسعار، رغم تحسن أوضاع الكثير من الشركات، واستمرارية شريحة من الشركات بالتوزيع النقدي، فضلا عن أنها تحملت ضيق الفرص التشغيلية، واستمرت في تحقيق نتائج إيجابية لم تعتمد على أداء السوق.

وأفاد بأن السوق خلال السنوات الثماني الماضية لم يحقق أي نتائج إيجابية، والنتائج المالية المقبلة، سواء عن العام الماضي أو أرباح الربع الأول، ستكون أكبر العوامل المؤثرة في دعم السوق خلال المرحلة المقبلة.

وتابع: «توزيعات الأرباح المنتظرة ستمثل أكبر دعم، وإذا ما جاءت النتائج جيدة، فسيستمر الأداء القوي للسوق».

وليد الحوطي: معدلات السيولة أهم المؤشرات

أكد رئيس مجلس إدارة شركة الدرة للخدمات النفطية وليد الحوطي، أن تصحيح السوق لاتجاهه بعد 8 سنوات من التذبذب والتراجعات جاء مدعوما بعدة أسباب وأسس، وهي إجمالا مستحقة الآن.

وبيَّن أن أحد العوامل الرئيسية هي «الجانب النفسي»، الذي حدثت فيه انفراجة منذ منتصف ديسمبر الماضي عندما بدأت العديد من المحافظ وبعض الشركات التي حصلت على جزء من المحفظة الوطنية التحرك على الأسهم التشغيلية، ولاحظ المراقبون والمهتمون شراء ملموسا على أسهم البنك الوطني وبيت التمويل وأجيليتي وزين، وتحسنت مستويات القيمة تدريجيا إلى 10 ملايين، وصولا إلى 15 و20، وهذه الحركة أعادت الثقة التي كانت مفتقدة.

ولفت إلى أن السيولة والتوزيعات ومعدلات الأرباح التي تغيرت بالإيجاب كانت حاضرة قبل فترة، لكن لم يكن يقابلها تفاعل.

ونوه الحوطي إلى أن أسواق الخليج تحسنت منذ سنوات، وتحديدا أسواق السعودية والإمارات، وحققت نتائج إيجابية، وسوق الكويت متراجع، ومستويات النزول بلغت حدودا متدنية ومبالغا فيها، وباتت مستويات الأسعار والعائد الممكن تحقيقه إيجابيا، ويفوق بعض الفرص الأخرى.

واعتبر أن أحد أهم المؤشرات التي تعطي اطمئنانا أكبر، هي معدلات السيولة، التي بلغت مستويات لم يشهدها السوق منذ 8 سنوات، حيث سجلت أكثر من 75 مليون دينار في الفترة الماضية، ما يعطي إشارات إيجابية لمدى بعيد، حتى وإن حدث تصحيح عابر أو عمليات جني للأرباح، فلن يجزع منها أحد، وربما تكون فرصة لزيادة القيمة وضخ مزيد من السيولة.

وقال إن السوق المالي حاليا يعد وجهة استثمارية مناسبة، حيث يحوي العديد من الفرص الاستثمارية فنيا، والتي يمكن اقتناؤها على أسس استثمارية بحتة، خصوصا في ظل الآتي:

- ضيق الفرص الأخرى المتاحة، إضافة إلى تصحيح سوق العقار، والتراجعات التي يشهدها.

- نفسيا، يوجد ارتياح عام، إضافة إلى أن السيولة في البنوك عالية جدا، ولا توجد أزمة سيولة.

- تراجعات السوق السابقة كانت كبيرة وبكميات صغيرة وضئيلة لا تعكس أو تعبر عن واقع حقيقي.

وأضاف أن هناك ترقبا كبيرا أيضا لدخول جزء كبير من السيولة التي ستنتج عن استكمال استحواذ «أمريكانا»، والتي ستجد طريقها للسوق، في ظل محدودية الفرص، ووجود مستويات أسعار أقل من القيمة الحقيقية، نتيجة البيع العشوائي والمبالغة في النزول سابقا.

وأعرب الحوطي عن أمله وتطلعه لأن يكون هدف هيئة أسواق المال والبورصة بشكل مشترك تشجيع وتنمية الفرصة الحالية، وكذلك تشجيع المستثمرين على الاستثمار في السوق والعودة إليه.

وقال إن القرارات الأخيرة والاستعدادات الفنية من جانب البورصة لتطوير الأدوات وإتاحة أدوات جديدة، سواء الأوبشن، أو تطويرات السوق الآجل والمارجن، وغيرها، تعكس حافزا كبيرا مستقبلا للدخول، مشيرا إلى أن مجمل القرارات الأخيرة كانت تصب في نفس الاتجاه.