لبنان ينجو من مجزرة «داعشية» في مقهى بالحمرا
• الأمن يوقف «انتحارياً» قبل تفجير نفسه في «الكوستا»
• المهاجم تلقى تعليماته من الرقة
تمكنت القوى الأمنية اللبنانية من إحباط عملية انتحارية كانت ستودي بعشرات القتلى، استهدفت مقهى في شارع الحمرا ببيروت، وتم القبض على المهاجم الذي اعترف بأنه ينتمي إلى «داعش» وتلقى تعليماته من مدينة الرقة.
نجا لبنان من مجزرة دموية ليل السبت - الأحد، بعد جهود أمنية أحبطت عملية انتحارية كانت في طريقها الى التنفيذ بمقهى "الكوستا" في الحمرا ببيروت، إذ تم توقيف المنفذ قبل تحقيق مخططه الإجرامي. واعتقل الانتحاري عمر حسن العاصي (مواليد مدينة صيدا عام 1992) بعد عملية أمنية معقدة أسفرت عن إنقاذ أرواح العشرات قبيل لحظات من تنفيذها. وقالت مصادر أمنية إنه "عند العاشرة والنصف من مساء السبت، دخل الانتحاري مقهى كوستا في وسط شارع الحمرا. وقف عند قسم المحاسبة وطلب قهوة وشوكولا. ودردش مع الموظفة، وفيما كان يهم بدفع ثمن ما اشتراه سألها: كيف الشغل؟ هل كل الأمور على ما يرام؟".
وأضافت: "اختار احتساء قهوته داخل المقهى وجلس وحيدا مرتاحا لا يشبه هيئة انتحاري. وبعد مضي 20 دقيقة، توجه العاصي بعدها نحو الخارج، أجرى اتصالا هاتفيا ثم عاد إلى الداخل، وما إن بدا أنه يهم بالخروج وقبل أن يرتدي سترته، سارع رجلان نحوه موجهين ضربات قاسية وقاضية الى العاصي من الخلف، ففقد وعيه وباشر الأمنيون فورا في فك حزام المتفجرات الذي كان يخفيه تحت ثيابه".ولفتت المصادر إلى أن "العاصي اعترف بانتمائه إلى تنظيم داعش، وبتلقيه تعليمات من الرقة لتنفيذ هجوم في بيروت، وأنه قرر تفجير نفسه داخل مطعم في الحمرا لقتل عدد كبير من الناس، وإنه جاء بسيارة نيسان مع رفيقين اثنين له وخبأ الحزام الناسف تحت المقعد"، مضيفة: "جاء قبل يوم واستطلع شارع الحمرا، حيث وجد أن مطعم الكوستا يوجد فيه أكثر من 50 شخصا على الأقل، فقرر أن يأتي يوم السبت ويفجر نفسه، وبات ليلته في مخيم برج البراجنة، وفي اليوم التالي لبس الحزام الناسف وتوجه نحو شارع الحمرا، لكنه لم يكن يعرف أن 3 سيارات من مخابرات الجيش والمعلومات تراقبه".وتابعت: "نزل في منطقة شارع الحمرا، بعدما لبس الحزام الناسف الذي فيه 8 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار، وتوجه نحو مطعم الكوستا ليدخله ويفجر نفسه، ولم ينتبه إلى أن 7 من قوى الأمن كانوا يمشون على الرصيف متفرقين وعلى مسافة متر أو مترين منه، واعتبرهم من مشاة شارع الحمرا، وكان أمامه 4 عناصر من قوة المخابرات في الجيش يلبسون لباسا مدنيا".ووصفت المصادر العملية بـ "النوعية من حيث التخطيط والتنفيذ والقدرة على شل حركة الانتحاري قبل إقدامه على أي عمل كان سيودي بحياة رواد المقهى ومن هم بقربه".وفور إلقاء القبض عليه، أوقف الجيش خلال مداهمة منزله في منطقة شرحبيل في صيدا اثنين من أشقائه هما محمد وفاروق وشخصين آخرين من آل البخاري والحلبي كانا موجودين في المكان.
من هو عمر العاصي؟
انشغل الشارع الصيداوي، أمس، بمتابعة الأخبار والمعلومات المتعلقة بالانتحاري الصيداوي عمر حسن العاصي (مواليد عام 1992).وأجمع أصدقاء العاصي ومعارفه في صيدا على أمور كثيرة أهمها أنه كان فعلا من أتباع امام مسجد بلال بن رباح في عبرا سابقا الموقوف في سجن روميه الشيخ احمد الاسير، وأنه شارك في معظم الأحداث الأمنية والاعتصامات التي كان ينظمها الاسير، وخلال الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحي الاسير في عبرا، اصيب بجروح، وأدخل المستشفى، علما انه يعمل حالياً ممرضا في مستشفى حمود الجامعي بقسم الاطفال.وقالوا إن "عاصي من عائلة فقيرة، والده حسن العاصي توفي قبل نحو 12 عاما اثناء قيادته شاحنة على طريق سبلين في اقليم الخروب الساحلي بعد تعرضه لنوبة قلبية نجم عنها انقلاب الشاحنة ووفاته، أما والدته لطيفة البخاري فهي امرأة ملتزمة ومحافظة، ولديه شقيقان احدهما يعمل في مجال الادوات الصحية، والثاني يعمل في محل للعصير في صيدا".وذكر احد اصحاب محال بيع الساعات في ساحة النجمة بصيدا أن عاصي حضر الى محله قبل يومين وهو يقود دراجة هوائية، وقام بتغيير بطارية ساعته. ونقل عن والدته ان عمر خرج المنزل قرابة الساعة السابعة مساء امس الأول، من دون ان يقول أي شيء.
الجيش
في المقابل، أعلن الجيش، في بيان مساء أمس الأول، أنه "في عملية نوعية ومشتركة بالتنسيق مع فرع المعلومات بقوى الأمن الداخلي، أحبطت قوة من مديرية المخابرات، عملية انتحارية في مقهى كوستا في منطقة الحمرا، أسفرت عن توقيف الانتحاري المدعو عمر حسن العاصي الذي يحمل بطاقة هويته، حيث ضبطت الحزام الناسف الذي كان ينوي استخدامه ومنعته من تفجيره".وأضاف البيان: "حاول الموقوف الدخول عنوة إلى المقهى، ما أدى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية، ونقل على الأثر إلى المستشفى للمعالجة". تساؤلات «لوجستية»على وسائل التواصل
في موازاة العملية الأمنية، التي وصفها أركان الدولة بالنوعية، والتي أنقذت لبنان من كارثة، طرح البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات عن كيفية إثارة الموضوع والتعاطي معه إعلامياً.ومن هذه التساؤلات، بعض الأمور اللوجستية المتعلقة بتصرفات الانتحاري، وتحديداً اصطحابه هويته إلى مكان من المفترض أن ينفذ فيه عملية انتحارية، وثانياً عن غايته من دخول المقهى، وطلب القهوة والشوكولاتة، بدلاً من تفجير نفسه فوراً. والسؤال الثالث عن كيفية تمكّن العناصر الأمنية من انتزاع الحزام الناسف منه، من دون أن يبادر إلى تفجير نفسه، كي لا يسمح لأحد بتوقيفه.كما توقف البعض عند الروايات المتضاربة، ففي وقت قال الجيش في بيانه، إن "الموقوف حاول الدخول عنوة إلى المقهى ما أدى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية"، يقول الشهود، إن "عاصي دخل المقهى وجلس فيه مدة 10 دقائق، قبل أن يقوم الأمن بتوقيفه".
تهنئة
ونوه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، بالعملية الأمنية التي نفذتها قوة من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني ليل أمس الأول. وهنأ القوى "التي نفذت العملية الاستباقية، ما أنقذ رواد المطعم من مجرزة محققة".وسارع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى توجيه التهنئة لكل من مخابرات الجيش وشعبة المعلومات على هذا الإنجاز النوعي الذي نجح في "إحباط عملية انتحارية وشيكة في شارع الحمرا في بيروت"، مضيفا في تغريدة عبر "تويتر" مساء أمس الأول: "وحدتنا تحمي الوطن والمواطنين".كما رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "الأجهزة الأمنية نجحت مرة جديدة في إحباط عملية تفجير داخل أحد مقاهي شارع الحمراء، ونجا لبنان من كارثة، ما يثبت أن الدولة قادرة قديرة عندما يكون هناك قرار سياسي واضح بشأن ما".وقال في بيان أصدره مكتبه الإعلامي أمس: "هذا ما هو الأمر عليه بما يتعلق بمواجهة الإرهاب في لبنان، الى حد أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إنجاز ما عجزت عنه أعتى أجهزة الأمن المشهود لها في كثير من دول العالم".
الجيش يدهم منزله في «شرحبيل» بصيدا ويوقف اثنين من أشقائه