رياح وأوتاد: ليس بأمانيّكم تعديل التركيبة السكانية
من الأمانة أن نقول اليوم للإخوة النواب ليس بأمانيكم ولا أماني الوزراء أن تعدل التركيبة السكانية مع وجود كل هذه الأخطاء واستمرارها، ولكن إذا أردتم صادقين تعديلها فعليكم إصدار القرارات الصحيحة وتنفيذها وتطبيقها حتى لو كانت غير شعبية.
يقول الله تعالى "ليْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ، مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ"، وذاك رد على الذين يطمعون بدخول الجنة وكسب الخيرات وهم يعملون السوء، وأماني هؤلاء تشبه أماني بعض الأعضاء في مجلس الأمة وبعض أعضاء الحكومات الذين يقررون القرارات المخلة بالتركيبة السكانية، ثم يتمنون أن تتعدل التركيبة بقدرة قادر. أذكر أن أول خطة تنموية أقرت بقانون كانت في مجلس 85، وكانت تهدف إلى أن تصل نسبة الكويتيين في نهايتها إلى 45% من مجموع السكان، ولكن النسبة لم تتجاوز في النهاية 30%، وكذلك فشلت الخطة التنموية الثانية التي أقرت في 2010 وما زالت الخطة الحالية تتمنى تعديل التركيبة بالأماني لكي تصل نسبة الكويتيين إلى 34% فقط، وهكذا تتضاءل الطموحات مع ازدياد الحاجة للوافدين الذين اخترق عددهم لأول مرة منذ تأسيس الكويت حاجز الثلاثة ملايين نسمة، والسبب هو السبب نفسه أي وضع الأمنيات ثم نسفها بالقرارات السيئة.
الخطة التنموية الأولى شخصت المشكلة، وأوصت بإصلاحات مهمة مثل توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل ليحل الكويتيون محل الوافدين، وتشجيع دور المرأة في العمل والدوام الجزئي لعدم إهمال البيت، وكذلك أوصى البنك الدولي بأن يشارك الوافدون في جزء من كلفة الخدمات التي تقدم لهم في البلاد، وأوصى كذلك بأن تقدم الحكومة بعض العلاوات التي تقدمها للكويتيين في الحكومة للعاملين منهم في القطاع الخاص. وتقدمت شخصيا بقانون التأمين الصحي للوافدين من قبل صاحب العمل في مجلس 99، وكذلك تقدمت مع كثير من الإخوة الأعضاء بقانون دعم العمالة الكويتية في القطاع الخاص (19/ 2000) ولكن للأسف لم تساهم هذه التوصيات والاقتراحات في إصلاح التركيبة السكانية؛ لأنها ببساطة لم تنفذ أو جاء تنفيذها قاصرا، فلم تطبق الخطة ولم يطبق القانون 19 بشكل كاف، وتم التلاعب عليه، وكذلك الحال مع قانون التأمين على الوافدين. والأخطر من ذلك تم إصدار قوانين وقرارات نسفت الخطة وزادت من الاختلال في التركيبة السكانية، وزادت من اعتماد القطاع الخاص على الوافدين، مثل قرارات الكوادر والقرارات الشعبوية الخاصة ببعض الموظفين والمرأة بالذات، وازدادت مخرجات التعليم سوءاً، خصوصاً مع دخول الشهادات المضروبة من الخارج والشهادات الفائضة عن حاجة سوق العمل من الداخل والخارج. لذلك من الأمانة أن نقول اليوم للإخوة النواب ليس بأمانيكم ولا أماني الوزراء أن تعدل التركيبة السكانية مع وجود كل هذه الأخطاء واستمرارها، ولكن إذا أردتم صادقين تعديل التركيبة السكانية فعليكم إصدار القرارات الصحيحة وتنفيذها وتطبيقها حتى لو كانت غير شعبية.