التخريبة السكانية بين «الحمار والبردعة»
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
ما نخشاه هو أن ما سينتج عنه الضجيج "السكاني" ليس إلا لوماً لضحية، وتبرئة لجان، ونفض اليد من المسؤولية بضرب الحلقة الأضعف، الوافدين، وربما تغيير اسمهم، ويتم صرف النظر عن تجار إقامات، وفاسدين، ومرتشين، ومتنفذين. إنها حكاية "الحمار والبردعة"، فحين لا تقدر على الحمار تلوم البردعة.فلنأخذ مثالاً على ذهنية التفكير بالعلاج. برز لنا منذ سنوات مصطلح الشركات الوهمية، وهو مسلسل مكسيكي طويل، ربما نعرف خلاصته في الحلقة ٢٧٣. شركات ذات ترخيص "ملعوب به"، لكنها قادرة على جلب أعداد كبيرة من البشر، وبالذات العمالة الدنيا الفقيرة، ورميهم بالشارع مقابل أموال طائلة، فماذا كان الإجراء؟ العلاج كان بقيام السلطات الأمنية بتهديد المساكين الذين جلبتهم تلك الشركات بالإبعاد الفوري، دون أي اعتبار لكونهم ضحايا، وأن كل أوراقهم وإقاماتهم سليمة. بالطبع لم يتضمن العلاج الشركات الوهمية وأصحابها، أو الأجهزة التي سمحت. على أثر ذلك نظمت حملة إنسانية سريعة، تطالب بإعطاء الأشخاص المتضررين وعددهم بالآلاف فرصة زمنية كافية لتعديل أوضاعهم، ولم تتم الاستجابة لتلك المطالب البسيطة والمنطقية إلا بعد تهديد أحد النواب باستجواب وزير الداخلية.حقيقة الأمر هي أن تخريب التركيبة السكانية نتج عن السياسات العامة عبر السنين الطويلة، والتغاضي عن تجار الإقامات إن لم يكن تشجيعهم، وصرف النظر عن ممارسات الاتجار بالبشر، وعدم الجدية في الخطط التنموية. هي الخلاصة لنظام ريعي غير منتج.إن الإصلاح منظومة متكاملة، والتركيبة السكانية جزء منها، وحتى اللحظة، لا توجد هناك جدية في ذلك، دع عنك وجود الرغبة. أما إن وجدت فالطريق واضح ومكتوب وموضوع بالأدراج، انفضوا عنه الغبار ونفذوه، بلا صراخ ولا عويل ولا إهانة لكرامات البشر.