استهداف مخيم "الركبان"، داخل الحدود السورية، وعلى هذا النحو المتواصل، مقصود به الأردن، فالجهة التي ارتكبت جريمة أمس الأول، والتي كانت حصيلتها أكثر من عشرة قتلى وأكثر من ضعف هذا العدد من الجرحى، أرادت دفع اللاجئين السوريين في هذا المخيم إلى اجتياح الحدود الأردنية، والانتقال إلى الداخل الأردني، ولإضافة مزيد من الضغط والأعباء على الأردنيين، لإجبارهم على الاستنجاد بنظام بشار الأسد، لفتح حدود سورية، وإعادة استيعابهم في مناطقهم الأساسية، أو في أي مكان على الأراضي السورية.والمعروف أن هذه العملية الإجرامية التي استهدفت هذا المخيم واستهدفت معه حرس الحدود الأردنيين، لم تكن الأولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، ففي 21 يونيو 2016 كانت هناك عملية إرهابية دموية أدت إلى استشهاد وجرح عدد من الجنود الأردنيين، وحيث ثبت تجهيزها تم داخل مخيم الركبان هذا، فإنه تم تحميل المسؤولية لتنظيم داعش الإرهابي، الذي ستثبت الأيام أنه بصورة عامة "اخترع" اختراعاً، لتحميله مسؤولية إن ليس كل فمعظم هذه المذابح التي ترتكب في سورية وخارجها وبنفس طريقة اختراع "راجح" في مسرحية بياع الخواتم للفنانة المبدعة فيروز، التي لن يجود الزمان بمثلها.
كان بعض "المؤلفة قلوبهم" وأصحاب المصالح الخاصة، ومعهم بعض المصابين بالحول السياسي من الأردنيين بالطبع، بدأوا "يطرحون"، وإن همساً ومواربة، ضرورة "انفتاح" الأردن على هذا النظام السوري، وإعادة كامل العلاقات السابقة معه، وذهب بعض "المتفلسفين" إلى المطالبة بتوجيه دعوة لرئيسه بشار الأسد لحضور القمة العربية التي ستنعقد بعد أسابيع في منطقة البحر الميت الأردنية.وبالطبع، فإن هؤلاء، الذين يعتبر بعضهم أنفسهم رجال دولة من "العيار الثقيل"، من المفترض أنهم يعرفون أن هناك قراراً عربياً لم تتحفظ عليه سوى دولتين عربيتين بتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية، ما يعني أن دعوة بشار الأسد لحضور قمة البحر الميت تتطلب إلغاء هذا القرار الآنف الذكر، وهذا غير معقول وغير ممكن، وخاصة أن هناك الآن مساعي جدية لحل الأزمة السورية وفقاً لـ"جنيف1" وقرارات مجلس الأمن الدولي، التي تنص على مرحلة انتقالية لا دور ولا مكان لرئيس هذا النظام السوري فيها.لقد انسجم الأردن مع نفسه، وتلاءم مع مصالحه، وانحاز إلى الشعب السوري الشقيق فعلاً عندما اتخذ الموقف الصحيح الذي اتخذته غالبية الدول العربية الشقيقة، والذي لا يزال ساري المفعول حتى الآن، وسيبقى ساري المفعول إلى أن تحل هذه الأزمة الحل الذي تم الاتفاق عليه في "جنيف1"، ما يعني أنه على أصحاب مواقف التجارة السياسية الرخيصة ألا يعتقدوا أن المعادلات في هذه المنطقة حسمت لمصلحة إيران، وبالتالي لمصلحة بشار الأسد، فهذه إما أحلام يقظة، أو أوهام بلا أي أساس، أو الاثنان معاً... والآن وقد بدأ اجتماع "أستانة"، فإن الأيام ستثبت ذلك.
أخر كلام
لماذا عملية «الركبان» الجديدة؟!
23-01-2017