نقطة: الكويت تتنقب!
لست من هواة التسكع بالأسواق، كما أني من كبار كارهي إنجاز المعاملات في الأجهزة والدوائر الحكومية، لكن الحاجة أم الازدحام، إلا أن ما لفت انتباهي في الآونة الأخيرة كثرة عدد النساء المنقبات، وربما طغيانهن في المشهد الاجتماعي، حتى على البقية من السافرات والمحجبات، السواد يملأ مجال الرؤية، قد تسرح قليلاً فتظن نفسك لوهلة أنك تعيش في «الشقيقة الكبرى»، لولا أن تتذكر الدستور فيعيدك إلى واقعك، وربما حتى الدستور لم يعد يفرق كثيراً بعد أن كان مطلوباً منه أن يكفل ويوازن بين الحقوق والواجبات، فضاعت الواجبات وانتُهبت الحقوق. قد يكون انتشار النقاب مرجعه التدين، لكني لم ألحظ شيئاً في السلوك العام والأخلاقي للمجتمع أو في الأداء الإداري والحكومي يشير إلى تحسنه عن سابقه، فالأخذ بالرأي الأحوط والمتشدد من حيث الشكل لم يُجارَ بذات القياس، من حيث الموضوع والأخلاق، مما قد تصل معه إلى استنتاج غير مبني على دراسة علمية إلى أن النقاب قد فرض جبراً على جزء كبير من نصف المجتمع، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً ما فرض بسيف الحياء، وحين تعرف ذلك لن ينفعك بعدها أن تتذكر الدستور الذي يُفترض منه كذلك ضمان الحريات الشخصية والسياسية والفكرية، ونحن «نشبنا» بالسياسية وحرقنا الباقي، نريد أن نقفز لننتقد شيخ الدولة ولا نجرؤ على شيخ قبيلة أو طريقة أو حزب، أقصى اليسار والتمرد في السياسة، وأقصى اليمين والمحافظة والعيب مع البيت و»الأهل»، يبحث عن كرامتنا بالشوارع وينتهك كرامة زوجته وأبنائه وخدمه في المنزل، لا يريد أن يسمح للكبار بالعبث، لكنه يعبث بمن هم أصغر منه! نمثل ببراعة أدوار النضال ضد استبداد الحكومات، ونحن مستبدون أنكى وأشد خلف أسوار بيوتنا، «تشي غيفارا» بالسكة و»أبولهب» بالحوش، مايرحم، لا تغيير من دون تَغيُّر، السخط المتواصل والتذمر من كل شيء ليسا عملاً سياسياً ولن يؤديا إلى مكان آخر، الخلل في المنظومة الاجتماعية قبل السياسية، حتى يغيروا ما بأنفسهم، هذه الشيزوفرينيا الاجتماعية/ السياسية لن تغير حالنا للأفضل. أُختاه.. ليكن عن قناعة شخصية تامة وإرادة حرة خالصة أو اخلعيه .. واستنشقي هوا «بلادچ» وغباره ... فالتغيير يُشرق من وجهكِ.