مجازفة جديدة بالمليارات!
أنباء تسييل أصول الدولة وسحب أموالنا من الخارج بذريعة التنمية أمر بحاجة إلى وقفة جادة ومسؤولة، وأن تكون هناك درجة عالية من الشفافية والمصداقية، لأن الخطوة المرتقبة قد تكون بداية لتجفيف منابعنا المالية.
تداولت الأخبار قرار الحكومة تسييل 32 مليار دولار من أصولنا المالية في الخارج؛ لصرفها على مشاريع التنمية الداخلية، وتزامن مع هذا الخبر تقرير صندوق النقد الدولي بأن دولة الكويت لا تعاني أي عجز حقيقي في الفترة الحالية.قد لا يختلف اثنان على تعطش الكويتيين، ومن مختلف الفئات العمرية، لبرامج التنمية ومشاريعها وتطبيقاتها، ولعل كل مواطن كويتي يشعر بحالة من الإحباط على أوضاعنا المختلفة مقارنة مع جيراننا رغم إمكاناتنا الهائلة والسبق التاريخي الذي حققناه في مختلف المجالات مع بداية الاستقلال وحتى قبيل الغزو العراقي عام 1990.إلا أن الأنباء حول بدء تسييل أصول الدولة، وسحب أموالنا من الخارج، بذريعة التنمية أمر بحاجة إلى وقفة جادة ومسؤولة، وأن تكون هناك درجة عالية من الشفافية والمصداقية، لأن الخطوة المرتقبة قد تكون بداية لتجفيف منابعنا المالية، فمجرد فتح هذا الباب لا يمكن إغلاقه بسهولة خاصة تحت عذر تراجع أسعار النفط واستمرار بقائه دون المعدل لفترة قادمة.
كما يجب أن تكون هناك تساؤلات كبيرة لها إجابات واضحة، وأولها كشف بحساب المبلغ الكبير الذي تم رصده لخطة التنمية عام 2009، والذي بلغ 36 مليار دينار، فأين نتائج هذه الخطة؟ وأين الميزانية الهائلة وأوجه صرفها حتى تاريخه؟بعد ذلك وقبل الموافقة على تخصيص مبالغ جديدة لأية مشاريع قادمة لا بد أن تقدم الحكومة خطة شاملة تبدأ بتعريف التنمية المنشودة ومتطلباتها، والمشاريع المدرجة فيها وفلسفتها، ومحورية الإنسان الكويتي فيها وبرنامجها الزمني، وبدون ذلك نكون أمام مجازفة أخرى تضاف إلى سجلنا السيئ، لذلك على أعضاء مجلس الأمة المسؤولية التاريخية والأخلاقية والدستورية بمطالبة الحكومة، وتحديداً رئيس مجلس الوزراء، ببيانات تفصيلية ومباشرة حول هذا الموضوع.من جانب آخر، وبحسب تجاربنا المريرة في السابق سواءً على مستوى المناقصات أو التنفيذ أو عقود المقاولات أو البرامج التغييرية، يجب أن تسد هذه الثغرات إما عبر التشريع أو غربلة اللوائح والقرارات الإدارية، بما في ذلك مبدأ المحاسبة والمتابعة، حيث نفذ كل من أساء للكويت ومشاريعها بجلده رغم حالات الفشل والتلاعب التي شهدناها في كل شيء تقريباً.أخيراً، يجب إصلاح الوضع القانوني والإداري لجهاز مكافحة الفساد، فهذه الهيئة قد ولدت مبتورة أصلاً، وصلاحياتها الرقابية ضعيفة، ناهيك عن حالتها المهترئة والمشاكل الفنية والقانونية التي تعانيها، والتي أوصلتها إلى حد الغرق، فإذا كانت مؤسساتنا الرقابية بهذا الشكل، وأداء حكومتنا بالانطباع العام الذي لدى الشعب، فعن أية تنمية نتحدث؟ وما مصير المليارات المستوردة من الخارج؟!