شاركت في فعاليتين في الأردن ورومانيا أخيراً. أخبرينا عنهما، وما الذي أضافتاه إليك؟

شاركت في سمبوزيوم «بنك القاهرة عمان الدولي» بالأردن وكانت تجربة شديدة التميز، لا سيما عبر ما حققته لي من احتكاك دولي وعربي، حيث اقتربت أكثر من مشاهدة جانب من الحراك الإقليمي للفن التشكيلي ووجدت أنه مشابه لنظيره المصري. أكثر ما عدت به هو الانفتاح على تجارب فنانين بارزين من بلاد اعتصرت ألماً ودماً كالعراق وسورية وفلسطين. أما الجانب الدولي في الملتقى فكان من دون شك إثراء الرؤية والفكر والتقنية والأداء. الأمر نفسه عايشته عند مشاركتي في سمبوزيوم «جرنيك» برومانيا، ولكن فيه اختلفت التجربة قليلاً كونها اعتمدت على الحياة التي تعود إلى الطبيعة والفطرة والبساطة، وكيف يحتاج الفنان إلى الانعزال والتطهر ولو لفترات قصيرة ليعاود تقييم ذاته وتجربته. كذلك، رجعت من التظاهرتين التشيكليتين محملة بصداقات فنية دولية أفعّلها للتواصل مرات أخرى في المستقبل.

Ad

تشاركين راهناً في «آرت فير» في غاليري «أرتسمارت» في القاهرة. ماذا عن هذه المشاركة؟

أشارك في «أرتسمارت» منذ بدايته، وأرى أنه حقق نجاحاً ملحوظاً. في كل موسم يقيم الغاليري معرضاً كبيراً كنوع من المهرجان الفني المتنوع يضمّ أكثر من مئة فنان في الحركة الفنية التشكيلية، من بينها أسماء كبيرة فعلاً، ومن خلاله يمكن رصد جانب كبير من حركة فناني مصر في مكان واحد. شاركت فيه هذا العام بثمانية أعمال.

المرأة والحدود

تستحوذ المرأة على جانب كبير من أعمالك. هل هي أيقونة لوحاتك أو بطلتها؟

المرأة بطلة أعمالي الفنية وأجُري إسقاطاً كبيراً على أية رؤية فنية شخصية من خلالها، فهي تستطيع أن تعبر عني كإنسانة، وأنا غير منفصلة عن كيان المرأة وأحلامها ومشاكلها. كذلك أتخذ الرجل رمزاً أو فكرة مجردة تقبل التأويل. أشير هنا إلى أن المرأة والرجل يدوران دائماً في مدارات متشابكة، فكثيراً ما يشعر المتلقي بدوره في أعمالي حتى وإن لم يكن واضحاً أو متشكلاً فيها. وثمة لوحات تحمل تمرداً على مجتمع ما زلت أرى فيه كثيراً من التعصب الذكوري. عموماً، أرسم وأصور ما في داخلي والذي تأبى بعض النساء البوح به، وكثيرات منهن يجدن لوحات لديّ تعبر عنهن وتشاركهن مشاعرهن.

لكنك تقدمين المرأة بجرأة شديدة. ما هي حدودك كفنانة، خصوصاً أن ثمة رأياً يقول إن المبدعة تلجأ إلى الجرأة للفت الانتباه إلى منتجها؟

الجسد العاري وجهة نظر فنية موجودة عبر العصور كافة وفي أشكال ومدارس الفن الغربي والعربي كلها. كذلك لا أعتبر أن رسمه يشكّل جرأة ما، خصوصاً أنه لا يتسم بالفجاجة، فجسد المرأة بمنزلة الجمال المطلق وأصبح أيقونة ورمزاً لإبداع الخالق في الفن، وحول جمالياته وخطوطه كُتبت دراسات كثيرة.

كذلك إذا وضع الفنان أية حدود أثناء تناوله العمل الفني يفقد من روحه ودهشته الكثير، ما يتنافى بشدة مع الإبداع الذي لا تدخل في تركيبته القيود. أعتز بالفطرة في لوحاتي وبتلك الذات الإنسانية المجردة غير الملوثة، وأنا كفنانة وإنسانة منغلقة على فني إلى حد كبير ولست في حاجة إلى لفت الانتباه، بل أنا شديدة الفخر بالمرأة ودورها وروحها وقوتها في مجابهة الحياة وفطرتها السخية في تقبل الحياة والعطاء والحب. المرأة الفنانة تحارب للحفاظ على حريتها ومكانتها في ظل ضغوط كثيرة قد تؤدي بها إلى فقد كثير من مبادئها رغبة في ما قد يصفه البعض بلفت الانتباه. ولكن هذا ليس فناً بالمقاييس كافة. لذا سأكمل تمردي وحربي على التابوهات كافة في شكل المرأة الفنانة رغم المؤثرات السلبية والأفكار والنفوس المشوهة.

من خلال متابعتك الحركة الفنية. هل ثمة ملمح للمرأة في الفن التشكيلي أثبتت من خلاله وجودها؟

في حديث مع عدد من الفنانين والنقاد، ترددت عبارة «أن للمرأة الفنانة الآن حضوراً قوياً وملحوظاً. أوافق بشدة على هذا الرأي، ولا يعود ذلك إلى عدد الفنانات فحسب بل إلى المستوى الفني والمنهجية والاتجاهات المتعددة لديهن. وبقراءة تجارب التشكيليات المعاصرات والأجيال السابقة، لم أجد أن المرأة اكتفت بملمح واحد في أعمالها كالاتجاه الأنثوي في الفن، إن صح التعبير، بل تعددت التجارب والرؤى لديها وزادت الأعمال الجريئة والمختلفة ومتنوعة الأداء، ما جعلها تشكّل ثقلاً لا يُستهان به في المشهد.

قدّمت أولى تجاربك في مجال التجهيز في الفراغ بعنوان «اللحظة الأخيرة في الجنة» بصالون القاهرة الـ57. أخبرينا عن هذه التجربة.

تأتي فكرة اللوحة في خيال الفنان مجسدة في صورتها النهائية أحياناً، وهذا ما حدث عندما تشكّلت الفكرة لديّ ثلاثية الأبعاد. وهي ترمز إلى تجميد لحظة من الزمن، من خلال تصميم إحدى قاعات العرض المتحفية.

تضمنت عناصر العمل عدداً من موروثات بصرية ومفردات تشكيلية كانت وما زالت وستظل الترجمة اللصيقة بالمفاهيم المتعارف عليها لدى المرأة والرجل، وتمثلت العناصر في علاقة الفستان بجسد المرأة، وجمال الفراشات المحلقة في طريق محفوف بالمخاطر نحو الضوء حتى وإن احترقت. كذلك استخدمت القلب والزهور واليد ومفردات تشكيلية أخرى لم ولن ينضب استلهامها.

اتجاه تعبيري

تنتمي الفنانة إيمان أسامة إلى الاتجاه التعبيري أو ما تُطلق عليه «التعبيرية التشخيصية»، وتقول عنه: «هو اتجاه سائد في أعمالي الفنية، وجاء كثير منها محملاً بالرمز، ومستوحى من التراث والتفكير الجمعي والتجارب الشخصية. كذلك تحمل لوحات عدة لي أسلوب الفن الجديد Art Nouveau».

د. إيمان أسامة أستاذة في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم الغرافيك، وشاركت في معارض مصرية مشتركة عدة، كذلك في ورش عمل وطباعة.

قدمت معارض فردية من بينها: «الزنابق الحمراء»، «إسكتش نحات وغرافيكي»، «حُرّ... متجمد»، «فن الحروف الاستهلالية»، «تشويش».