في ختام يومين من المحادثات غير المسبوقة بين وفدي الرئيس السوري بشار الأسد وفصائل المعارضة المسلحة، اتفقت الدول الثلاث الراعية لمحادثات السلام في أستانة، روسيا وتركيا وإيران، أمس على إنشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار وضمان الامتثال الكامل له، وحمايته من أي استفزازات.

وشدد البيان الحتامي، الذي تلاه وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرت عبدالرحمنوف، على عدم وجود حل عسكري للنزاع وضرورة تحقيق تسوية سياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 تضمن احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، مؤكداً عزم الدول الثلاث الضامنة للاتفاق مواصلة التصدي لتنظيم "داعش" وجبهة "فتح الشام" وعزلهما، وتأييدها الكامل لمشاركة الفصائل المسلحة في مفاوضات جنيف المقررة في 8 فبراير المقبل.

Ad

واعتبر رئيس وفد النظام بشار الجعفري أن المحادثات "ناجحة والمجموعات الإرهابية اختارت نبذ العنف"، وعبر عن دعمه للبيان المشترك، الذي لم يوقع من الطرفين، مشيراً إلى أنه أخيراً أصبح هناك وثيقة توافقية تحظى بقبول من جميع الأطراف.

وفي حين أكد رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرينتيف أنه "سنعاقب كل من ينتهك اتفاق وقف النار"، أعلن الجعفري استمرار الحملة على وادي بردى طالما ظلت العاصمة دمشق محرومة من المياه.

وإذ اعتبر الجعفري أن إيران طرف ضامن ولعبت دوراً إيجابياً في التوصل إلى الصيغة النهائية للبيان الختامي، أشار إلى أن "هناك فقرة تقول إن الدول الموقعة عليه تتشارك في محاربة الإرهاب ونفترض أن هذا الكلام سيتم تطبيقه عملياً من تلك الدول وتركيا من بينها"، داعياً الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة مسمياً تركيا وقطر والسعودية بـ"الكف عن اللعب بالنار، وأن الوقت متاح لها لتغير سياساتها تجاه سورية".

تحفظ الفصائل

وبعد تحفظ وفد الفصائل عن البيان النهائي "لعدم إشارته لدور إيران العسكري"، أكد رئيسه محمد علوش تحول روسيا من طرف يشارك بنشاط في العمليات القتالية إلى ضامن محايد يؤثر على مواقف إيران والنظام، مبيناً أنه قدم لها اقتراحاً لوقف شامل لإطلاق النار ويتوقع رداً خلال أسبوع.

وأوضح علوش أنه طالب "الجانب الروسي بالتحدث مع النظام لإخراج المعتقلات من السجون"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن تحقيق الأهداف إلا من خلال جهود دولية لإخراج الميليشيات من سورية".

ودعا مجلس الأمن الى "أخذ الإجراءات اللازمة لاتفاق وقف اطلاق النار، والوصول الى الحل السياسي العادل برحيل الأسد والحاكمين معه، ومحاسبة كل من تلطخت يده بدم الشعب السوري".

واعتبر مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديمستورا أن "جلوس وفدي المعارضة السورية والنظام السوري مع بعضهم في محادثات أستانة هو إنجاز يؤسس لعملية سياسية تشمل الجميع بجنيف"، مشيراً إلى أن "أولوية اللقاء القصوى كانت وقف إطلاق النار، ووضع آلية لمنع حدوث انتهاكات، وبعد تثبيته يبدأ العمل على استئناف المساعدات الإنسانية".

«فتح الشام»

وعلى الأرض، هاجمت جبهة "فتح الشام" وسيطرت على بعض مواقع جماعات تنضوي تحت لواء الجيش الحر وتشارك في محادثات السلام في أستانة.

ووفق قيادي في "الجبهة الشامية"، فإن أول هجوم نفذته "فتح الشام" استهدف مناطق ريفية غربي حلب ليل- الاثنين- الثلاثاء. وأكد قائد "جيش المجاهدين" أنها استهدفت القضاء على الثورة بسيطرتها على بعض المناطق البعيدة عن مقرها.

وحذّر المجلس الإسلامي السوري "فتح الشام" و"جند الأقصى" من الاعتداء على الفصائل المشاركة في مؤتمر أستانة، معتبراً ذلك بغيا وعدوانا واستباحة للدماء بغير وجه مشروع، داعياً كل الفصائل إلى التكاتف لرد أي عدوان أو بغي يقع على أي منها.

حشود متبادلة

وفي حماة، أفاد المرصد السوري بوجود حالة من التوتر وحشود متبادلة في الريف بين حركة "أحرار الشام" وتنظيم "جند الأقصى"، وذلك عقب إعلانهما التوصل إلى وقف لإطلاق النار بضمانة "فتح الشام" التي فصلت أمس الأول هذا الفصيل عن صفوفها، لعدم انصياعه لبنود "البيعة".

ولليوم الـ34 على التوالي يواصل الطيران قصفه لوادي بردى بريف دمشق الغربي، وسط محاولات متكررة لقوات النظام للتقدم على عدة محاور باتجاه قرية عين الفيجة مع استمرار الميليشيات الشيعية بمنع إدخال أي نوع من المساعدات الإنسانية سواء غذائية وطبية.

دير الزور

وفي دير الزور، التي شهدت غارات روسية لليوم الثاني على التوالي، أرسل النظام قوات من الحرس الجمهوري من دمشق إلى دير الزور، لتقديم المساندة والمؤازرة لمن تبقى على قيد الحياة من جنوده وميليشياته في مواجهة الحملة العسكرية الشرسة لتنظيم "داعش" على المدينة ومطارها العسكري.

وتم استقدام عناصر الحرس بطائرات "اليوشن" من دمشق إلى مطار القامشلي بريف الحسكة، ليتم إرسالهم على دفعات بالطائرات المروحية إلى دير الزور، حيث فقدت قوات النظام أعداداً كبيرةً من ضباطها وعناصرها وميليشياتها، كان آخرهم عمر خطاب الجازي أحد عناصر الحرس الجمهوري في منطقة المقابر.

واشنطن وموسكو

وتزامناً مع نفي وزارة الدفاع (البنتاغون) إجراء أي "عملية مشتركة" مع موسكو في سورية، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استعداده للتعاون العسكري مع كل الدول، بما فيها روسيا، لمكافحة "داعش".

وفي أول مؤتمر صحافي له، قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ردا على سؤال عما إذا كان هذا الانفتاح ينطبق على نظام الأسد، "الأمر يتعلق بالتأكد من أن الدول تأخذ في الاعتبار مصالح الولايات المتحدة فيما تفعله، لذا، لن نتحالف مع آخرين بذريعة محاربة تنظيم داعش إذا لم تكن المصالح الأميركية ضمن أولوياتهم".

قوات شيشانية في حلب

بعد نفيه على الدوام مشاركة جمهوريته المضطربة في النزاع السوري، أكد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف أمس، أنه أرسل جنوداً في إطار كتيبة شرطة عسكرية نشرتها روسيا لتأمين حلب.

أما في أنقرة، فقد أعلن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش أن بلاده لا تنوي تسليم مدينة الباب لحكومة الرئيس بشار الأسد، وأنها نفذت عملية "درع الفرات" لحماية أمنها القومي وحدودها، متهماً التحالف الدولي بعدم تقديم الدعم الكافي لها، والإدارة الأميركية السابقة بعدم وجود خطة لديها لحل الأزمة في سورية.