سعى مستشار للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى طمأنة كندا بشأن إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية الذي يضم ايضا الولايات المتحدة والمكسيك التي أكد رئيسها انه لا يريد "مواجهة"، بينما تتضح تدريجيا معالم السياسة الحمائية للجارة الشمالية.

وكان ترامب أعلن انه سيعيد التفاوض على اتفاق التبادل الحر في اميركا الشمالية مع مسؤولي كندا والمكسيك الذين سيلتقيهم قريبا.

Ad

والاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 1994 يجمع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك في اطار منطقة واسعة للتبادل الحر. ويشكل احدى اولويات دونالد ترامب الذي يحمله مسؤولية التشجيع على انتقال المصانع الاميركية الى المكسيك.

وقال ستيفان شوارزمان مدير المنتدى الاستراتيجي الذي انشأه الرئيس الاميركي في ديسمبر لتقييم السياسة الاقتصادية انه "من الامور المهمة الرأي الايجابي جدا" لترامب بشأن كندا.

وكان شوارزمان رئيس مجلس ادارة الشركة الاستثمارية "بلاكستون غروب"، يتحدث في كالغاري (غرب كندا) بعد لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

وقال المسؤول الاميركي إن "كندا شريك كبير للولايات المتحدة منذ فترة طويلة"، مضيفا "قد تجري بعض التعديلات لكن، في الجوهر، الامور ستكون على ما يرام بالنسبة لكندا"، معتبرا انه "نموذج لما يجب ان تكون عليه العلاقات التجارية، لعبة يخرج منها الجميع رابحين".

وعبر ترودو عن ارتياحه لهذه التصريحات ووضع على "تويتر" صورة مع شوارزمان ووزيرة الخارجية الكندية المكلفة العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة كريستيا فريلاند وسفير كندا في واشنطن ديفيد ماكنوتون.

وقال شون سبايسر الناطق باسم ترامب ان "اعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر" سيكون احد المواضيع الرئيسية التي يريد الرئيس الاميركي بحثها خلال لقاءات مع رئيس الوزراء الكندي ورئيس المكسيك انريكي بينيا نييتو.

وكانت الإدارة الجمهورية الجديدة اكدت من قبل ان الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق اذا رفض شركاؤها مفاوضات "تؤدي الى اتفاق عادل بالنسبة الى العمال الاميركيين".

وقال سفير كندا في واشنطن انه يخشى ان تتكبد بلاده "خسائر جانبية" بسبب السياسة التجارية الحمائية التي يدعو اليها الرئيس الاميركي.

إلا ان شوارزمان أكد ان هذه الفرضية غير مرجحة، وان اعترف بأن الادارة الجمهورية تنوي فرض رسوم على متشريات الطاقة من الخارج، وهو احتمال يثير قلق كندا سادس دولة مصدرة للنفط في العالم.

وكانت وسائل إعلام كندية ذكرت ان صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر سيحضر الندوة الحكومية الثلاثاء في كالغاري. لكن ذلك لم يحصل.

وقال ناطق باسم ترودو: "يمكننا الآن ان نؤكد انه لن يحضر اي ممثل للحكومة الاميركية باستثناء شوارزمان"، مؤكدا في الوقت نفسه ان "العمل بين حكومتنا والادارة الاميركية مستمر على كل المستويات".

وكندا والولايات المتحدة من أهم الشركاء التجاريين في العالم اذ بلغت قيمة المبادلات بينهما حوالي 500 مليار دولار في الشهور الـ11 الأولى من 2016.

وقع ترامب أمس الأول ايضا قرار انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق التبادل الحر عبر المحيط الهادئ الذي وقعه في 2015 لتحقيق توازن مع النفوذ المتنامي للصين، 12 بلدا من آسيا والمحيط الهادئ تمثل 40 في المئة من الاقتصاد العالمي، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ.

ووصف ترامب هذا الاتفاق خلال حملته الانتخابية بانه "رهيب" ويمكن ان يضر بمصالح العمال الاميركيين.

وأكد الرئيس المكسيكي متوجها الى ترامب انها لا يرغب "لا في مواجهة ولا في خضوع" واعلن عن مفاوضات ثنائية مع الدول الموقعة لاتفاق التبادل الحر عبر المحيط الهادئ. وقال بينا نييتو "لا مواجهة ولا خضوع. الحل في الحوار والتفاوض".

وأضاف الرئيس المكسيكي الذي سيزور واشنطن في 31 يناير الجاري للقاء ترامب ان بلاده ستبدأ "فورا" مفاوضات ثنائية مع الدول الموقعة للاتفاق.

وأعلن بينيا نييتو الذي يثير مستقبل بلاده الاقتصادي شكوكا وتضرر بتراجع سعر البيزو- التاريخي مقابل الدولار منذ منتصف يناير الجاري، عن توجه جديد للسياسة التجارية للمكسيك.

وقال "سنواصل تعزيز علاقاتنا مع الدول الاخرى"، مشددا على اهمية تنويع الشركاء بينما تصدر المكسيك حاليا 85 في المئة من منتجاتها الى الولايات المتحدة.

ورأى المحلل لدى مجموعة "كريدي سويس" الونسو سيرفيرا في تصريحات لوكالة فرانس برس ان "الشركات المكسيكية معتادة على العمل مع شركائنا الاميركيين بمعظمهم. سيكون عليها الآن فتح اسواق جديدة".

وكان ترامب اقترح بناء جدار على الحدود بين البلدين لمنع الهجرة السرية تموله المكسيك. لكن بينيا نييتو قال أمس الأول ان "المكسيك لا تؤمن بالجدران بل بالجسور"، مضيفا "سنعمل من اجل حدود توحدنا ولا تقسمنا".

ودعا الولايات المتحدة الى "تأمين معاملة انسانية واحترام حقوق المهاجرين المكسيكيين"، وخصوصا في ما يتعلق بإرسال اموال الى عائلاتهم في المكسيك.