حرب استنزاف على «خط الجبهة» في الموصل
قوارب خشبية وقذائف هاون وقناصة تسبق «عبور دجلة»
تتخذ قوات الرد السريع العراقية مواقعها على سطح أحد المنازل مع تخطيط خصومها من تنظيم "داعش" لتحركهم القادم على طول خط الجبهة بين شرق الموصل وغربها.ففي بعض الأحيان، يجدف الإرهابيون بقوارب صغيرة عبر نهر دجلة ليلاً لشن هجوم مباغت أو يطلقون قذائف مورتر يمكن أن تزلزل أحياء بأكملها.ويشكل قناصة الإرهابيين تهديداً دائماً، إذ يتمترسون على طول صف من الأشجار على بعد نحو 600 متر.
ويشن الجانبان حرب استنزاف مع استعداد القوات الحكومية للتوغل في غرب المدينة، بعدما استعادت السيطرة على معظم جانبها الشرقي خلال الأشهر الثلاثة الماضية.وقبل ليلتين تقريباً، كان الحظ حليفاً للقوات العراقية، فقد تمكنت باستخدام مناظير الرؤية الليلية من رصد 20 إرهابياً عبروا النهر في قوارب خشبية، وأخذوا في الزحف عبر حقل صوب معسكر صغير للجيش.وفتحت قوات الرد السريع النار عليهم وقتلتهم جميعاً وتم تعريفهم أنهم مقاتلون أجانب وهم الفئة الأشد صلابة في صفوف "داعش".وقال الجندي بوحدة الرد السريع ظافر عظيم، وهو يقف وسط فوارغ طلقات تناثرت على السطح إلى جوار صواريخ وبندقية قنص "يحاولون فعل كل ما يمكنهم فعله"، مضيفاً: "هؤلاء الرجال لديهم كل أنواع الأسلحة... قنابل يدوية وبنادق وذخائر كثيرة".وتوشك معركة الموصل آخر معقل كبير للتنظيم في العراق على دخول مرحلة حاسمة. واكتسبت القوات العراقية الثقة والقوة الدافعة بتقدمها في شرق الموصل غير أن القتال على الجانب الآخر من النهر قد يكون أشد تعقيداً.فالدبابات والعربات المدرعة لا تستطيع السير في شوارع غرب الموصل الضيقة، فيما يحرم القوات الحكومية من ميزة كبيرة.وفي الوقت الحالي يبدو أعضاء وحدة الرد السريع العراقية متفائلين، وإن كان ذلك بشكل حذر وهم يواجهون نحو 50 إرهابياً فقط متمركزين على الجانب الآخر من نهر دجلة. وحدق جندي في منظار روسي الصنع يستخدم لتوجيه الصواريخ صوب جرافة يستخدمها التنظيم لإقامة حواجز أرضية، فدمرت الجرافة في إطار لعبة القط والفأر، التي قد تمنح أي طرف اليد العليا مع بدء الحملة في غرب المدينة.وتتفوق وحدة الرد السريع من حيث الأسلحة كونها تمتلك عربات "همفي" ودبابات وصواريخ وطائرات استطلاع دون طيار يتم التحكم فيها بأجهزة الكمبيوتر في عربة ذات تقنية عالية، كما تتمتع بدعم من ضربات جوية من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.ويبدو أن مقاتلي التنظيم يعولون على العزم والدهاء وهم يحملقون من داخل الخنادق ومن بين الأعشاب في عدوهم على الجانب الآخر من نهر دجلة.وقال الضابط لؤي عباس، إن قواته تطلق نيران الدبابات أو قذائف المورتر والصواريخ على أي نقطة يرصدونهم فيها.ومن على سطح مبنى آخر فتحت القوات العراقية نيران البنادق الرشاشة وبنادق القنص لمنع الإرهابيين من إطلاق النار على أسرة كانت تفر من المنطقة سيراً على الأقدام، وشوهدت الأسرة بعد نحو 30 دقيقة من ذلك وهي تدخل منطقة آمنة.في السياق، صوت البرلمان العراقي أمس، على مشروع قانون يعتبر مناطق سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية منطقة منكوبة على خلفية الدمار، الذي تعرضت له بعد سيطرة تنظيم داعش منذ أكثر من عامين.وقال النائب المسيحي يونادم كنا، إن "المجتمع الدولي والحكومة العراقية مطالبون بدعم عودة المسيحيين إلى منازلهم وإبعاد مخاطر التغيير الديمغرافي لهذه المناطق وإعادة إعمارها ومعالجة كل السبل من أجل إعادة الأهالي إلى منازلهم".إلى ذلك، أعلنت خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة عن عثور القوات العراقية على أكثر من 100 قطعة أثرية بالموصل، تعود للعصور الآشورية والإسلامية حيث كانت مخبأة وفقاً لمعلومات استخبارية في منزل أحد قادة "داعش" في منطقة الزراعي شرقي مدينة الموصل، مضيفة: "كما تمكنت القوات من القبض على اثنين من كبار قيادات التنظيم في نفس المنطقة".على صعيد آخر، أكد النائب في البرلمان العراقي مشعان الجبوري أمس، أن وزير الدفاع المقال خالد العبيدي سيعود إلى منصبه مطلع الشهر المقبل، موضحاً، أن"وزارة العدل كذّبت ما قلناه بعودة وزير الدفاع المقال في بيان حزبي وليس لمؤسسة تنفيذية"، وبين الجبوري في مؤتمر صحافي عقده في البرلمان، أن "قرار إعادة وزير الدفاع إلى المنصب على أساس، أن هناك خصومة بين النائبة عالية نصيف ووزير الدفاع".وأوضح أن "المحكمة الاتحادية أعلنت أنه ليس من اختصاصها بل من اختصاص المحكمة الإدارية، التي ستنظر بها في الأول من فبراير المقبل".وأشار إلى "أننا لا نتكلم بإفتراءات ونحن مع وزير الدفاع، وهذه حالة طبيعية في العمل السياسي"، مؤكداً أن "التسوية يجب أن تكون مع حملة السلاح، والذين بسببهم وبسبب المحرضين وجدت داعش".ولفت الجبوري إلى "أننا بحاجة لزعيم تاريخي يتبنى هذه التسوية، وأن يكون هناك زعيم يستطيع ضبط إيقاع الشارع وبالتالي نحتاج الى ظهور زعيم مقتدر للإعلان عن تسوية تاريخية".