إذا كان صحيحاً أن مشروع الدستور، الذي يقال إنَّ خبراء روس قد صاغوه وقدموا نسخة منه إلى نظام بشار الأسد ونسخة أخرى إلى المعارضة، قد حُذفت كلمة العربية من اسم الدولة فيه ليصبح "الجمهورية السورية"، فهذا انتقاص من مكانة العرب في هذا البلد العربي الذين يشكلون أكثر من ثمانين في المئة من أهله لا سكانه، لأن هناك فرقاً كبيراً بين الأهل والسكان، وحقيقة إنْ صح هذا فإنه أمر في غاية الخطورة وبادرة لا يجوز السكوت عنها على الإطلاق.إنه لا إنكار أن هناك أقليات قومية صغيرة في سورية لا تتجاوز نسبتها بالنسبة للعرب، أهل البلاد التاريخيين، خمسة في المئة في أحسن الحالات، ومع العلم أن نسبة الكرد في هذا البلد العربي هي أقل نسبة لهؤلاء الإخوة والأشقاء، الذين لهم كل الاحترام والتقدير، قياساً بالعراق وإيران وتركيا وربما أيضاً قياساً حتى بلبنان.
ربما أنَّ روسيا عندما كلفت خبراءها بصياغة دستور لهذه الدولة العربية قد أخذت بالاعتبار وضع الأكراد في هذه الدول الآنفة الذكر، أي العراق وتركيا وإيران، لكنها لم تأخذ بالاعتبار أن العرب هم أهل سورية الفعليون التاريخيون، وأنَّ العلويين أيضاً هم الأكثر إصراراً على عروبة بلدهم ومعهم بالتأكيد الدروز والإسماعليون وأيضاً الأقلية الشيعية.ولعل ما يجب أنْ يُسأل الأصدقاء الروس عنه هو الجهة التي كلفتهم بهذه المهمة التي هي أولاً وأخيراً مهمة الشعب السوري الذي لديه من الكفاءات من أبنائه ما يجعله ليس بحاجة إلى الاستعانة لا بروسيا ولا بغيرها من أجل صياغة دستور لدولته الجديدة، التي من المفترض لا بل يجب أن تكون دولة علمانية ديمقراطية وتعددية ولكل أبنائها، وفي مقدمتهم أبناء المجموعات القومية والمذهبية الصغيرة الذين من حقهم أن يتساووا مع إخوتهم وأشقائهم الذين يشكلون الأكثرية في هذه الدولة.وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه هو أن سورية لم تعرف "النعرات" المذهبية والدينية والقومية إلا منذ بدايات ستينيات القرن الماضي فصاعداً، إذْ إنّ المعروف أن فارس الخوري اللبناني المولد، حسب الجغرافيا الحالية، والمسيحي (البروتستانتي) قد احتل في هذه الدولة العربية في فترة ما بعد الاستقلال مواقع رئيسية من بينها إضافة إلى رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة ووزارة المعارف والداخلية ووزارة المالية وزارة الأوقاف الإسلامية، وإذْ إن المعروف أيضاً أن حسني الزعيم (الكردي) الذي قام بأول انقلاب عسكري في هذا البلد الذي أصبح بلد الانقلابات العسكرية قد اختار عبد المحسن البرازي، الكردي أيضاً، رئيساً للوزراء وبدون أي رفض أو اعتراض من قبل أيٍّ كان في الأكثرية العربية.وهكذا فإن سورية، التي هي عربية وستبقى عربية، ليست بحاجة إلى أن يتبرع الروس، كثَّر الله خيرهم، بإعداد دستور لها، فأهلها أولى بهذه المهمة وبخاصة أنهم لا تنقصهم الكفاءات وأنَّ ماضيهم الذي من المفترض أن يتكئوا عليه الآن لا يعرف أياًّ من هذه الأوباء المذهبية والطائفية والعرقية التي تضرب هذه المنطقة بكل هذا العنف الأهوج للأسف.
أخر كلام
سورية أولى بصياغة دستورها!
27-01-2017