فرص الابتكار
إليكم قصة نجاح صاحب موقع "علي بابا" للتسوق، أحد أهم مواقع الشراء في الإنترنت حول العالم جاك ما، الذي بدأ حياته من لاشيء بعد محاولات، أقل ما يقال عنها إنها بائسة، فلك أن تتصور شخصاً بهذه القدرات الإبداعية رفضته جامعة هارفارد عشر مرات، وأنه الوحيد الذي رُفض بين 24 شخصاً تقدموا للعمل في مطاعم كنتاكي، لكنه اليوم يمتلك أحد أهم مواقع الشراء في العالم، ويجلس على إمبراطورية مالية، ويعمل لديه آلاف الموظفين... كل هذا النجاح بدأ من لا شيء، فلا موارد مالية متاحة أمامه، ولا نفوذ عائلياً يخدمه ويقدمه للمجتمع، وما نجاحه إلا بفكرة أصر على تنفيذها جعلته يتربع على إمبراطورية مالية. قد تكون حكايات النجاح أبسط بكثير من قصة جاك ما، وقد لا يتطلب ذلك الجهد كما حدث مع موظف يعمل بإحدى الشركات العقارية الكبيرة بمدينة نيويورك، بعد أن أوجد حلاً لمشكلة تذمر الموظفين والمراجعين من طول الانتظار لمصاعد في أحد المباني الكبيرة التابعة للشركة. حل تلك المشكلة لم يكن بإضافة مصاعد أخرى أو زيادة كفاءتها، بل جاءت الفكرة من خارج المفهوم الهندسي بتحقيق مفهوم الإرضاء النفسي عبر إضافة بعض المرايا لشغل الموظفين وإلهائهم بالنظر إلى أنفسهم وإلى الآخرين لبضع دقائق بدلاً من التذمر. قصص الابتكار لا تقف عند حد، فها هو صاحب موقع "طلبات" الذي استغل إقبال الناس على استخدام الإنترنت، فبدأ بجمع قائمة مطاعم مختلفة وعرضها عن طريق موقع إلكتروني، ثم صمم تطبيقاً (Application) للأجهزة الذكية ليحقق بعدها أحد أهم مواقع الخدمات الغذائية، فاستطاع تغيير الفهم التقليدي للبحث بين قائمة المطاعم، وكذلك أتاح لها الانتشار على حساب وسائل الإعلان المتعارف عليها كالصحف والقنوات التلفزيونية.
هناك الكثير من القصص تدل على أن النجاح يمكن أن تصنعه الفكرة، والتي عرفها جيمس يونغ بأنها "ليست سوى مزيج لعناصر قديمة"، أما روبرت فروست فيقول إن "الفكرة هي عمل ترابط". فرص النجاح متاحة مع كل تجربة جديدة ومبتكرة تعيشها البشرية يومياً، وقد يكون دافع الابتكار حاجة أو رغبة فردية أو مجتمعية يتحقق من خلالها عائد مادي أو معنوي لصاحب الفكرة المبتكرة، وقد تكون قيمة مضافة للمؤسسة أو للشركة. اليوم نقرأ كثيراً عن مبادرات تقودها بعض البلدان العربية، وقد تكون دولة الإمارات الأكثر تفاعلاً مع مفهوم الجودة الإدارية والأكثر استخداماً للتكنولوجيا الحديثة، وبذلك أصبحت دبي تنافس أكبر المدن العالمية جذباً للمستثمرين والسياح، فلك أن تتخيل دولة سمحت للمبادرين بتطبيق أفكارهم، وأوجدت وزارة للسعادة مهمتها قياس ومتابعة راحة المواطن والمقيم والزائر كإضافة لمفهوم جودة الخدمة..* نور فيصل الشريفي باحثة دكتوراه بجامعة الخليج العربي