تحاول سنغافورة جاهدة أن تصبح وجهة للتقنية المتقدمة التي تعزز وتدفع نشاطها المصرفي الى الأمام في وقت تبرز هندسة العمارة سمتها الجلية في الجهود الرامية الى الخروج من صورة "شكل الصندوق" الذي اشتهرت به أبنيتها في الماضي. وتقع مكاتب هيئة النقد في سنغافورة، وهي الجهة التي تضم البنك المركزي وسلطة التنظيم في ذلك البلد، في برج الى الجنوب من المنطقة التجارية والمالية، ولكن واحدة من زوايا ذلك المبنى تشتمل على قاعة تعكس محاولة يائسة للتحول الى وجهة تحاكي وادي السليكون في الولايات المتحدة بكل ما فيه من أنشطة وفعاليات.
هذه هي صورة هيئة النقد في سنغافورة التي تهدف الى التحول الى محور للتقنية المتقدمة من خلال التقنية في القطاع المالي، وقد حذر تقرير صدر عن "سيتي غروب" في سنة 2016 من أن التقنية الفنية سوف تمكن العملاء من القيام بمزيد من العمليات "أون لاين" والتدخل في نوعية الأنشطة المصرفية المتمثلة في عمليات الاقراض والدفعات المالية. وتشير معلومات ميدانية الى أن البنوك الأميركية والأوروبية يمكن أن تخسر حوالي مليوني فرصة عمل خلال الأعوام العشرة المقبلة، وتتوقع سنغافورة أن ينسحب ذلك عليها أيضاً، لاسيما أنها تحتضن أكثر من 200 بنك، كما أنها تعتمد على القطاع المالي في تحقيق 12.6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، بحسب الأرقام الرسمية.وفي لندن وبرلين وسان فرانسيسكو يراهن العديد من مبتكري ومخترعي التقنية الفنية ضد البنوك الكبرى، وتحاول سنغافورة بشكل نموذجي القيام بالعملين معاً في ذلك الرهان المحموم، وهي تسعى الى تحقيق صناعة تقنية فنية مزدهرة ونشيطة من شأنها دعم، لا تقويض، البنوك الكبرى الحالية. وقد تعهدت هيئة النقد في سنغافورة باستثمار ما يصل الى حوالي 225 مليون دور سنغافوري (158 مليون دولار أميركي) في ميدان التقنية الفنية بحلول نهاية عام 2020، كما أن سوبندو موهاني، وهو مرشد وموجه التقنية الفنية في ذلك البلد، يقول انه يسعى الى اجتذاب عدد أقل من "المعرقلين" وبقدر يفوق "الميسّرين" ويقول إنه يأمل في أن تسهم التقنية الفنية في المساعدة على خفض النفقات وفتح الأبواب أمام موارد جديدة للدخل، وذلك عن طريق طرح منتجات تلائم الأنظمة المصرفية. وتهدف هذه الفكرة الى الجمع بين التقنية الفنية وبين قاعدة العملاء القوية والموثوقة في البنوك، ويمكن ترجمة ذلك في الفكرة القائلة: "حتى اذا كنت قادراً على هزيمتهم فانضم اليهم".
رواد الأعمال
ويتمثل أحد عوامل الجذب بالنسبة الى رواد الأعمال في ميدان التقنية الفنية في سنغافورة من خلال ما يدعوه موهاني "صندوق الرمل" الذي يدعو إلى تخفيف وتسهيل البعض من متطلبات التنظيم بحيث يسمح بتحقيق تجارب من المستوى الصغير، ومن شأن ذلك تمكين الشركات من اختبار الأفكار في سنغافورة الغنية والقليلة الخطر قبل تصدير تلك الأفكار الى أسواق أكبر، وتركز سنغافورة أيضاً على برامج تنظيم التقنية التي تساعد البنوك على التقيد بالأنظمة المعقدة بازدياد.ولكن السيد موهاني يشدد على أن هيئة النقد في سنغافورة خففت من اجراءات التنظيم المتعلقة بتجارب التقنية الفنية الصغيرة، ويذكر أن أوكسفام وهي هيئة خيرية قد صنفت سنغافورة كخامس ملاذ للضرائب في العالم.