في مستهل لقاء جمعه مع ثمانية أشخاص فقط من أصل 25 معارضاً سورياً تمت دعوتهم لإجراء محادثات في موسكو، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، أن محادثات السلام المقررة في جنيف في الثامن من فبراير أرجئت إلى نهاية ذلك الشهر، معتبراً أنه «بمجرد الإعلان عن لقاء «أستانة» والتحضير له حث ذلك زملاءنا في الأمم المتحدة على التحرك وإعلان محادثات سورية في جنيف ولو أن موعده أرجئ مجدداً».

وبعد محادثات «أستانة»، التي انتهت الثلاثاء وشاركت فيها للمرة الأولى حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وفصائل من المعارضة المسلحة، اعتبر لافروف أن تباطؤ ممثلي الأمم المتحدة في استئناف مفاوضات تسوية الأزمة أمراً غير مقبول، مطالباً بالبدء في مناقشة هذه القضية بشكل محدد على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 بما في ذلك إعداد الدستور.

Ad

واتهم لافروف، الهيئة العليا للمفاوضات، التي رفضت مع ائتلاف المعارضة تلبية دعوته لزيارة موسكو، بوضع شروط مسبقة قبل أي حوار سوري - سوري، مؤكداً أنه «إذا لم نقدم مقترحات ملموسة على طاولة المفاوضات فلن نبدأ أبداً العمل فعلياً»، معتبراً أن مشروع دستور الذي أعدته بلاده وعرضته في «أستانة» ورفضته المعارضة، «يجب أن يطلع عليه كل السوريين قبل اللقاء في جنيف».

«مشروع بريمر»

ورفض لافروف أي «محاولة للمقارنة بين مشروع الدستور الروسي ومشروع الحاكم الأميركي بريمر في العراق» معتبراً أن «المشروع الروسي يتضمن اقتراحات لا يحاول أحد أن يفرضها على السوريين».

أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زخاروفا، أن المشروع، الذي حدد قواعد لانتخاب رئيس الجمهورية تسمح ببقاء الأسد فى السلطة حتى عام 2035، «لا يحدد شكلاً معيناً لبناء الدولة السورية.

وقف النار

في المقابل، أعلنت الأمم المتحدة، أن إرجاء مفاوضات جنيف غير مؤكد، موضحة أن موفدها ستيفان ديميستورا سيزور نيويورك الأسبوع المقبل وسيقدم لمجلس الأمن إحاطة حول الوضع، وسيتم تحديد موعد المحادثات بعد مشاوراته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس».

ووفق الناطقة باسم موفد الأمم المتحدة يارا شريف، فإن «مفاوضات أستانة ساهمت مساهمة كبيرة في دفع المحادثات السورية إلى الأمام»، مشيرة إلى أن «منظمة الأمم المتحدة، مستعدة لدعم الآلية الثلاثية، لمراقبة وقف إطلاق النار».

إلى ذلك، دعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين أعضاء مجلس الأمن إلى بذل جميع الجهود الممكنة لضمان استمرار اتفاق وقف إطلاق النار، معتبراً أنه يعطي «وميض أمل» بأن معاناة الشعب السوري ربما ستنتهي قريباً.

اقتتال الفصائل

وعلى الأرض، تواصلت الاشتباكات بين مسلحي «صقور الشام - حركة أحرار الشام» وجبهة «فتح الشام» قرب إحسم بريف إدلب الجنوبي، في محاولة من النصرة السيطرة على البلدة.

لا يزال التوتر سيد الموقف بين «فتح الشام» من جهة وفصائل المعارضة الأخرى من جهة، ففي ريف حلب الشمالي أفادت وكالة «سمارت نيوز» أن ما يعرف باتحاد «ثوار الشمال» وهو تشكيل جديد يضم مقاتلين من فصائل معارضة، هاجم مواقع لجيش الشمال المقرب من الجبهة.

وأفاد ناشطون بتوصل وجهاء قرية الحلزون بإدلب إلى اتفاق يقضي بتسليم القرية إلى أهلها بعد أن اقتحمها مقاتلو جبهة فتح الشام «جفش» (النصرة سابقاً) بعد اشتباكات مع جيش المجاهدين، الذي أعلن أخيراً انضمامه مع خمسة فصائل أخرى إلى حركة أحرار الشام.

معارك موازية

وبالتوازي مع معاركها في الشمال، تخوض فصائل المعارضة معارك أخرى مع النظام في ريف دمشق رغم الهدنة المخترقة، خسرت على إثرها السيطرة على بلدة القاسمية والبحارية في منطقة المرج بريف دمشق.

فيما خسر النظام عدداً من المواقع أمام «داعش»، الذي سيطر على قرى الشلالة والراهب والمزرعة وغيرها بريف حلب الجنوبي وقطع على النظام مجدداً طريق إمداده من حلب بعد أن أصبح طريق خناصر أثريا في مرمى نيرانه.

غارات مشتركة

في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأول، أن المقاتلات الروسية والتركية شنّت مجدداً غارات مشتركة استهدفت مواقع لتنظيم «داعش» في مدينة الباب بمحافظة حلب، موضحة أن هذه «العملية الجوية نفذت بالتوافق مع الجانب السوري وشاركت فيها قاذفات سو-24 إم ومقاتلات سو-35 إس من الطيران الروسي مع مقاتلات إف-16 واف-4 من الطيران التركي»، لافتاً إلى أن الطائرات الروسية «دمرت ثلاثة مراكز قيادة واتصالات والعديد من المواقع المحصنة».

في غضون ذلك، أكد المستشار العسكري لمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي اللواء يحيى رحيم صفوي أنه لولا الدعم الاستشاري من جانب طهران لسقطت دمشق وبغداد، مؤكداً أن مدرسة المقاومة التي تبلورت في إيران خلال فترة الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي السابق قد أصبحت مصدر إلهام لشعوب سورية والعراق واليمن.

وقال صفوي: «في ظل هذه المدرسة، تمكن الشعب اليمني من المقاومة وتمكنت سورية من المقاومة المستمرة أمام داعش منذ 68 شهراً، وفي العراق تبلور الأمر في إطار الحشد الشعبي، الذي يعمل الآن إلى جانب سائر صنوف القوات المسلحة العراقية لتحرير الموصل».

(عواصم وكالات)