مع إصداره الدفعة الأخيرة من قراراته الرئاسية هذا الأسبوع، يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب حقق القسم الأكبر من وعوده الانتخابية، قبل مضي المئة يوم الأولى من حكمه بأشواط.

تعليقات ساخرة أشارت إلى أن ترامب بإمكانه بعد اليوم أن يأخذ إجازة طويلة ويترك تسيير أمور الدولة لمساعديه. لكن المؤشرات توحي بأن الأمور تتجه نحو الصدام، مع تصاعد التوتر السياسي والاجتماعي داخلياً وعبر الحدود.

Ad

وإذا كان ترامب الذي يصر على عدم التغاضي عن أي إساءة أو انتقاد أو تشكيك، تدخّل شخصياً حتى مع مدير هيئة الإشراف على مواقف السيارات في واشنطن لدعم ادعائه عن حجم الجمهور الذي حضر احتفالات تنصيبه، فما بالك بالقضايا الكبرى التي ضاعفت الاعتراض على إجراءاته!

ومع إعلان حكام العديد من المدن الأميركية الكبرى رفضهم ترحيل المهاجرين، كشفت أوساط عدة عن وجود بنود سرية وغير معلنة في القرار الرئاسي الذي منع دخول مسلمي 7 دول. وتعتقد أوساط مطلعة أن قرار تجميد دخول المسلمين قد يشمل حتى أولئك الذين يحملون تأشيرات من بلدان لم يرد ذكرها، وتجميد إصدار تأشيرات دخول جديدة لجميع المسلمين وتأخيرها إلى أكثر من ثلاثة أشهر.

وكشفت وزارة الأمن الوطني أنها أوقفت إرسال محققيها إلى الخارج للتحقيق مع طالبي اللجوء إلى الولايات المتحدة، ما اعتبرمؤشراً جدياً عن عمق الإجراءات التي ترغب إدارة ترامب في تنفيذها بهذا المجال.

وترافق الأمر مع إعلان إدارة ترامب استبعادها 13 من كبار موظفي وزارة الخارجية من احتلال مناصب أساسية، ونية وزير الخارجية ريكس تيلرسون استبدالهم بشخصيات مرتبطة مباشرة بالبيت الأبيض. كما أعلن أربعة من رؤساء الأقسام المعنيين بملفات حساسة استقالاتهم، فضلاً عن تقديم باتريك كينيدي مدير شؤون موظفي الوزارة استقالته، وهو الذي تولى الرد على تحقيقات الـ"إف بي آي" في ملفي الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي وبريد هيلاري كلينتون الإلكتروني. وأعربت أوساط مطلعة عن تخوفها من أن تطول حالة الفراغ في الوزارة قبل تعيين بدلاء، خصوصاً أن تلك المناصب لا تشهد عادة تغييرات كبرى مع تغير العهود الرئاسية.

إلى ذلك تصاعدت خلال اليومين الماضيين المواجهة المفتوحة بين الإعلام الأميركي المصنف بمعظمه ليبرالياً وإدارة الرئيس ترامب، مع تهديد كبير مستشاريه الاستراتيجيين ستيف بانون الإعلام، طالباً منه "إقفال فمه"!

تصريحات بانون أثارت موجة من الانتقادات، محذرة من أن السياسات التي تحاول إدارة ترامب اتباعها مع الإعلام تشبه أساليب الأنظمة القمعية، في الوقت الذي تخوض فيه مواجهة شاملة مع أقسام كبرى من الشعب الأميركي، على رأسهم النساء وذوو الأصول اللاتينية، وصولاً إلى الهنود الأصليين، بعد توقيع ترامب أمراً رئاسياً يسمح ببناء خطين لأنابيب النفط تمر في أراضيهم ومنعزلاتهم.

وحذرت أوساط سياسية من تصاعد التوتر في صفوف الحزب الجمهوري نفسه الذي انعقدت خلوته على وقع تصريحات ترامب النارية من المكسيك، ومن انفجار الصراعات داخله بطريقة غير متوقعة، خصوصا أن في صفوفه القيادية والشعبية أعداداً كبيرة من اللاتينيين.

وأشارت تلك الأوساط إلى الانتقادات التي بدأت توجه إلى رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب ميتش ماكونيل وبول راين بسبب تراجعهما أمام ترامب، والتعليقات الساخرة على بول راين، خصوصاً، الذي تراجع عن مطالبة ترامب بوقف استخدام "تويتر".

ترامب وبوتين

يتحدث ترامب هاتفيا اليوم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس.

وصرح بيسكوف، في مؤتمر صحافي: "أؤكد أن اتصالا هاتفيا مقرر السبت" بين بوتين وترامب، موضحا أن الاتصال سيتم في المساء بتوقيت موسكو.

وهذا هو الاتصال الرسمي الأول بين الرئيسين منذ تولي ترامب مهامه الرئاسية رسميا في 20 يناير.

كما يتحدث ترامب أيضا مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل اليوم أيضاً.

تحدي أوروبا

من جانبه، اعتبر هولاند، أمس، أن إدارة ترامب تشكل تحديا للاتحاد الاوروبي، خصوصا في ما يتعلق بالاقتصاد.

وقال هولاند، في مؤتمر صحافي خلال زيارة إلى برلين للقاء ميركل إنه "علينا بالطبع التحاور مع دونالد ترامب، بما أن الشعب الأميركي اختاره رئيسا، لكن علينا القيام بذلك أيضا بقناعة اوروبية والترويج لمصالحنا وقيمنا".

كما أعربت ميركل بشكل ضمني عن قلقها من التطورات الاخيرة في الولايات المتحدة. وقالت: "نلاحظ أن الإطار العام الذي نعيش فيه في العالم يتغير بسرعة وبشكل جذري وعلينا النهوض بهذه التحديات الجديدة".

وتابعت ميركل: "الأمر يتعلق بالدفاع عن مجتمع حر وعن التبادل الحر في آن".

ابنة القس

من جهة أخرى، استقبل ترامب، أمس، رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي للتباحث في العلاقات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وإعطاء دفع مختلف للعلاقة الخاصة بين البلدين.

وتسبب خطأ مطبعي في مذكرة للمكتب الإعلامي الخاص بالبيت الأبيض في تندر وسائل الإعلام البريطانية، أمس، من أن ترامب قد يعتقد أنه يلتقي عارضة فاتنة، بعدما تم كتابة اسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي خطأ.

وبذلك، تكون ماي أول مسؤول أجنبي يستقبله الرئيس الجديد في البيت الأبيض منذ انتخابه، مما يشكل ضربة دبلوماسية موفقة لها.

ورغم أن القواسم المشتركة بين ابنة القس المحافظة ماي وترامب قليلة، فإنها قالت على متن الطائرة التي أقلتها إلى الولايات المتحدة، إنه "في بعض الأحيان تتجاذب الأضداد".

وأثار قرار ماي بالتوجه إلى واشنطن بعد أيام فقط على أداء ترامب، قطب العقارات السابق، اليمين الدستورية جدلا في بريطانيا، إذ لا تزال تصريحاته حول المسلمين والنساء والتعذيب موضع استنكار شديد.

إردوغان لتطبيع العلاقات

يعتزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب دون تأخير، وتقييم العلاقات التركية- الأميركية وتطبيعها.

ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن إردوغان قوله: "نحن بلدان عضوان في حلف شمال الأطلسي، ولا يمكن القول إن مستوى علاقاتنا الحالي يلبي مستوى علاقات دول أعضاء حلف "الناتو"، معلناً نيته بحث مسألة تسليم رجل الدين التركي المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتنظيم تحركات الجيش التي شهدتها تركيا في يوليو من العام الماضي.