بعد توقف دام ستة أشهر تم السماح للمصارف الإيرانية «ملت» و«صادرات» و«تجارت» بعرض أسهمها في بورصة طهران مجدداً.وكان «ملت» أول مصرف يكشف أسهمه في البورصة الثلاثاء الماضي، ولكن واجهه انهيار أسعار الأسهم في السوق للتخوف من سياسات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الاقتصادية.
وتزامن الكشف عن أيقونة «ملت» مع أنباء عن اعتقال رسول دانيالي، الذي كان قد اقترض مئات الملايين من الدولارات من هذا المصرف، واعتبر المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، في تصريح له، أن هناك اختلاساً يقدر بنحو 1200 مليار تومان (ما يعادل 350 مليون دولار) من «ملت»، و800 إلى 850 ملياراً من مصرف ملي.وردّ مساعد وزير الاقتصاد الإيراني للشؤون المالية والمدير العام لـ«ملت» على كلام المدعي العام بسرعة، معتبرَين أن هذا لم يكن اختلاساً، بل إن بعض الأشخاص استدانوا من هذه المصارف التي تمتلك ضمانات تزيد على هذه المبالغ تستطيع تحصيلها في حال عدم تسديد الديون، ولكن يبدو أن كلام المدعي العام كان له تأثير أكبر على أصحاب الأسهم في «ملت».وأثار تأييد المحكمة العليا إعدام الملياردير الإيراني بابك زنجاني مخاوف أصحاب الأسهم، من جهة ثانية، ولم تتم إزالة الغموض عن كيفية إعادة ديونه للمصارف، والتي تزيد على ثلاثة مليارات دولار.وزاد الطين بلة الكشف عن اختلاس في صندوق التوفير الخاص بالمعلمين بأكثر من 8000 مليار تومان خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي تسبب في استقالة وزير التربية والتعليم.ولما كانت كل هذه الأموال مودَعة في مصرف ملت أصدرت النيابة العامة قراراً باعتقال عدد من كبار مديريه للتحقيق معهم بتهمة التعاون مع المختلسين.وقال عضو اللجنة العليا المشرفة على البورصة الإيرانية حسين عبده تبريزي، إن حسابات «ملت» الأولية عكست أرباحاً تزيد على 2000 مليار تومان خلال العام الإيراني السابق، الأمر الذي تسبب في سماح «المركزي» لهذا المصرف بعرض أسهمه في السوق مجدداً، ولكن «المركزي» أعلن أنه وجد مغالطات في الحسابات بعد عرض الأسهم في السوق مباشرة، وعكس نحو 3000 مليار تومان خسائر لـ«ملت»، مما تسبب في سقوط سريع لسعر أسهمه من 240 توماناً للسهم الواحد بتاريخ 18 يوليو 2016 إلى 124 توماناً في 26/1/2017، وتسبب في خسائر تعادل 3600 مليار تومان (نحو مليار دولار) لأصحاب الأسهم.وتوقع العديد أن يعلن «المركزي» إفلاس «ملت» لهذا السقوط الحاد في سعر أسهمه حسب القوانين التجارية الإيرانية، حيث هجم عدد كبير من تجار البازار في طهران على فروع هذا المصرف في مركز طهران لسحب ودائعهم أمس الأول، فقامت القوات الأمنية بإقفال أبواب جميع فروع «ملت» بسبب الازدحام، ولكن «المركزي» أعلن في اللحظة الأخيرة حذف بنود من ضمانات كان قد فرضها على المصارف الإيرانية خلال العام الحالي، وإعادة محاسبة أرباح المصرف، حيث عكس أرباحاً تزيد على 39 مليار تومان لـ«ملت»، و473 ملياراً لمصرف تجارت (الذي كان قد أُعلِن عن خسائر له بلغت نحو 3007 مليارات تومان).ورافق هذا السقوط هبوط البورصة الإيرانية كلها بنسبة 1.7 في المئة، واحتشد عدد كبير من أصحاب الأسهم فيها معترضين على عدم إعلان إعادة المحاسبة من «المركزي» قبل الكشف عن الأسهم في السوق.ويعود هذا التغيير في هذه المحاسبة إلى تغيير شكلية محاسبة الديون الحكومية لهذه المصارف (كنا قد أشرنا إليها في «الجريدة» منذ شهرين، حيث قامت الحكومة الإيرانية بمحاسبة ديونها بالعملة الصعبة للمصارف بالتومان الإيراني وعلى أساس سعر الصرف يوم سحبها، في حين هبط سعر العملة المحلية حالياً إلى الثلث).واتخذت الحكومة أمس الأول قراراً يفرض على وزارة الاقتصاد و«المركزي» إيداع 20 ألف مليار تومان في كل مصرف حكومي، و15 ألف مليار في كل مصرف غير حكومي كضمان لديونها في هذه المصارف.كل هذه الخطوات لـ«المركزي» أدت إلى إيقاف انهيار قطاع المصارف الإيرانية وإعلان إفلاسها، والذي كان يعتبر الأكثر أماناً للاستثمار في البورصة، خلال اليومين الأخيرين، والجميع ينتظرون الأسبوع المقبل، الذي من المنتظر أن يكشف فيه «تجارت» و»صادرات» عن أسهمهما، ليروا مدى تأثير خطوات الحكومة على البورصة.
أخبار الأولى
«المركزي الإيراني» تدخّل لوقف إفلاس مصرف ملت
28-01-2017