بحسب بعثة «اليونسكو»، تعرضت أماكن أثرية كالجامع الأموي والقلعة والمساجد والكنائس والأسواق والخانات والمدارس والحمامات والمتاحف وباقي مباني حلب الأثرية إلى خسائر جسيمة. وأشادت المنظمة بصمود أهالي حلب وبالجهود التي بذلها العاملون في مجال التراث لأجل حماية هذه الأماكن التراثية في وقت النزاعات، واتخاذهم إجراءات طارئة لترميم الآثار المدمرة (كتقدير حجم الخسائر، وإدارة أطلال التراث). ودُرست هذه الإجراءات خلال اجتماعات استشارية مع المجلس البلدي لمدينة حلب والإدارة العامة للآثار والمتاحف والمنظمات غير الحكومية بهدف تحديد الإجراءات الطارئة والحلول المناسبة الواجب تطبيقها.

وتخلّل الاستشارات اقتراح بإعلان مدينة حلب القديمة كـ«منطقة طوارئ»، وتعمل «اليونسكو» على مبادرة طارئة لتنسيق الإجراءات والشركاء الدوليين.

Ad

أما بالنسبة إلى مجال التعليم، فقيّمت المنظمة حالة المؤسسات التعليمية التي تعرضت لتدمير جسيم، فالمدارس الواقعة في شرق حلب والتي تفقدها فريق اليونسكو كانت إما مدمرة كلياً أو تحتاج إلى ترميم كامل. مثلاً، مدرسة عثمان النذير الابتدائية لم يتبق منها إلا ما يسمح بتمييزها عن باقي الأبنية، ومعهد التعليم المهني في حلب، المعروف على المستوى العالمي، لم تنج منه إلا كومة من الركام. أما المدارس القليلة جداً التي ما زالت تستقبل تلامذة، فتعمل في ظروف مأساوية وغير أمنة على الإطلاق، إذ إنها غير مزودة بشبكة للكهرباء أو للمياه، وتتناثر في كل مكان بقايا زجاج الأبواب والنوافذ وأجزاء من شظايا القذائف.

وضع مأساوي

قالت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا: «إنه لوضع مأساوي للشعب السوري والعالم أجمع أن تتعرض أحدى أكبر وأقدم مدن العالم للخراب والدمار، وهذا الموقف يتطلب من الشركاء المعنيين بالأمر كلهم التحلي بقدر عال من تحمل المسؤولية، ويتطلب أيضاً التدخل الفوري».

كذلك أشارت إلى أن أهالي حلب والشعب السوري بأكمله يعون تماماً أهمية التعليم والثقافة في تعزيز الصمود وبناء السلام، وتقف «اليونسكو» بجانبهم لأجل تسريع وتيرة ترميم المؤسسات التعليمية وحماية التراث، وفتحت نحو 20 مدرسة أبوابها منذ ديسمبر الماضي، وكانت طلبات التسجيل كثيرة جداً، لذلك ينبغي، على وجه السرعة، توفير مناطق تعليمية بديلة، كالفصول المتنقلة مثلاً.

ولاحظ فريق «اليونسكو» في المدارس كافة التي تفقدها أن الجميع يريد العودة إلى الوضع الطبيعي بأسرع وقت ممكن، فالأطفال يرغبون في التعلم، والمدرسون يدبرون أمورهم بما يتوافر لديهم من إمكانات. ويعد التعليم حجر الزاوية للجهود المبذولة كافة بهدف إعادة البناء، لذا ينبغي علينا توفير الدعم الكامل في مجال التعليم والمعارف والمؤهلات في الوقت الذي تستمر فيه النزاعات، كما قالت المديرة العامة.

واختتمت حديثها قائلة: «كما ذكرت مراراً وتكراراً، أكرر دعوتي إلى جميع الأطراف بعدم استهداف الآثار الثقافية والمؤسسات التعليمية، طبقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني، فتدمير آثار سورية بمثابة طعنة ثانية توجه إلى الشعب السوري، ونسيان تاريخه هو إنكار لقيم هذا التاريخ وحقوقه، والحرب لا تحافظ على الأرواح ولا على الحجارة، ولهذا فأن البحث عن السلام يعني إنقاذ الأرواح والحفاظ على المدارس والتراث. وإن اليونسكو لمصممة أشد تصميم على القيام بدورها تجاه الشعب السوري عن طريق التنسيق الوثيق مع شركائنا».