افتتح مؤتمر «العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف» مدير مكتبة الإسكندريةد. إسماعيل سراج الدين، وقاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطيني د. محمود الهباش، ونائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي بالبحرين د. خالد بن خليفة آل خليفة، ورئيس معهد الدراسات العربية في الصين
د. لي شياو شيان، وترجم كلمته الخبير في الشؤون الصينيةد. أحمد السعيد.أشار سراج الدين إلى أن عنوان المؤتمر هذا العام يعبّر عن الانتقال من ظاهرة التطرف في المجال العربي إلى الأفق العالمي، فهي لم تعد ظاهرة محصورة في المنطقة العربية، أو كما يحلو للبعض أن يلصقها بالمجتمعات الإسلامية وحدها، بل باتت ظاهرة كونية تؤرق دول العالم شرقاً وغرباً، ما يستدعي أن نكون جميعاً متحدين في مواجهتها.وقال الدكتور خالد بن خليفة آل خليفة إن الظروف التي تمرّ بها المنطقة تضعنا إزاء حقائق تجب مراجعتها في مواجهتنا التطرف والإرهاب، لأنهما مزقا هذا الكيان العظيم من الداخل، ورغم الجهود المبذولة ما زالا يخطفان أرواحاً كثيرة، مؤكداً أن أحد أسباب انتشار هذه الآفة التدخلات الخارجية السافرة في شؤون دولنا، وطبيعة بيئتنا المليئة باحتقانات أعاقت جهود تشخيص الواقع العربي ومواجهة المشكلات جذرياً.وفي كلمته، لفت الدكتور لي شياو شيان إلى أن الإرهاب بدأ في ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان عندما دخل الاتحاد السوفياتي إليها، من ثم ظهرت قوى جهادية بحجة مكافحة الإرهاب، ذلك بتخطيط وتنظيم أميركي. وأنشأ الجهاديون قاعدة لهم وشبكة اتصالات دولية كبرى وانتقلوا إلى دول متعددة، مشدداً على أن الإرهاب الدولي تطوّر عن طريق ممارسات الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان ثم العراق.
التطرّف ظاهرة عالمية
في جلسة «التطرف ظاهرة عالمية: رؤًى متنوعة» وصف المفكر والسياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي الإرهاب بـ«وباء العصر» الذي بات يؤرق الأمم والشعوب بشكل غير مسبوق، ما أحدث خللاً اجتماعياً على نحو يدعو إلى مواجهته لأنه لا يستند إلى فكر أو عقيدة أو أيديولوجية محددة. كذلك أوضح أن الإنسانية شهدت موجات من الصعود والهبوط لجماعات إرهابية، وأنه آن الأوان، بعد انقضاء عقد ونصف العقد من القرن الواحد والعشرين، للتكاتف لمواجهة تلك الظاهرة التي أكّد أنه لا يمكن القضاء عليها إلا بالقضاء على الظلم وعدم تكافؤ الفرص، مشيراً إلى أن جماعات إرهابية عدة اتخذت من القضية الفلسطينية سبباً وذريعة لممارسة الإرهاب، وأنه لا بد من وجود حد أدنى من العدل في العلاقات الدولية والسياسة المزدوجة للمعايير، محذراً من تصاعد المواجهات والصراعات في الفترة المقبلة التي وصف مواجهتها بـ«فرض عين» لكل من يريد بقاء الجنس البشري.وقال الكاتب الصحافي اللبناني عبدالوهاب بدرخان إنه لا توجد آلية معينة لمواجهة التطرف، بل أفكار واقتراحات لما يجب أن نفعله من دون تنفيذ حقيقي على أرض الواقع، وأن المشهد خال في هذا المجال إلا من العامل الأمني الذي بدأ مع بداية العمليات الإرهابية. كذلك دعا إلى ضرورة إصلاح المناهج التعليمية، وتطوير الخطاب الديني، وإصلاح العلاقة بين السلطة والمجتمع، وتعديل القوانين، مشيراً إلى أن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو «من أين يجب أن نبدأ؟».وشهدت جلسة «استراتيجيات مواجهة التطرف: خبرات متعددة» نقاشات ودراسات لخبراء أمنيين. قال الدكتور سعيد شحاتة، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في مصر وبريطانيا، إن تنظيم «داعش» نجح في إيصال رسائل إعلامية إلى الأفراد داخل تلك الدول، بينما فشلت الأخيرة في استخدام الوسائل الإعلامية المتقدمة في مقابل ذلك، مبيناً أن المنع والإغلاق ليسا كافيين لمواجهة التطرف بل يجب إيجاد خطاب بديل لخطاب العنف. وشدّد في الختام على أن عنصر الأمن وحده لا يكفي في مواجهة التطرف والإرهاب، فيجب الاهتمام بالترويج الإعلامي للمبادرات الناجحة في هذا الصدد. وقال الخبير الأمني الكويتي العقيد الدكتور ظافر العجمي إن منطقة الخليج العربي تتضمّن أكثر الدول المستهدفة من الإرهاب، لذلك أعلنت هذه البلاد الحرب على الإرهاب. وأوضح أن الأخير سيصبح هاجساً أمنياً في المستقبل لأن ثمة صعوبة في التحكم في اقتصاد الإرهاب بعدما أصبح جزءاً من الاقتصاد العالمي.وفي إطار الاستراتيجية الخليجية لمكافحة الإرهاب، شدّد العجمي على أهمية التوقف الفوري لنسخ تجارب الدول الأخرى، وضرورة التمسك بالتعامل مع الأزمة وإدارتها، موكداً ضرورة التوقف عن إجراءات أمنية لا تخدم الهدف الأساسي مثل عسكرة الشارع العشوائية، وأهمية محاربة الإرهاب كفكرة وخطاب.وتحدث الخبير الأمني التونسي العميد مختار بن نصر عن الجهود التونسية في مكافحة التطرف، والتي تمثلت في إصدار قانون مكافحة الإرهاب، واستراتيجية مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال التي تركز على الوقاية والتصدي لمخاطر الاستقطاب، فضلاً عن بناء ثقافة الحوار، والمنع القانوني للتحريض، وإعطاء أمل للشباب وتعميق دور المجتمع المدني وتشجيع الأسرة للقيام بدورها في التعليم والتربية، وعدم تغليب الحل السياسي.«التطرف: أساليب التجنيد وضرورات التحرير»
اختتمت أعمال المؤتمر بجلسة بعنوان «التطرف: أساليب التجنيد وضرورات التحرير»، أدارها الدكتور محمد أبو حمور، أمين عام «منتدى الفكر العربي» في المملكة الأردنية الهاشمية. أشار في هذا السياق، إلى أن التطرف بدأ مع الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي ثم انهيار النظام الاشتراكي، ثم كان التوجّه إلى الهدف الجديد وهو الإسلام عن طريق ثلاثة موضوعات رئيسة هي الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والإصلاح الاقتصادي، مبيناً أن الأخير سار باتجاه مصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية، خصوصاً العربية منها. وأشار إلى استخدام الديمقراطية وحقوق الإنسان ذريعتين للتدخل في شؤون المجتمعات النامية، لافتاً إلى أن الأسباب الرئيسة للربيع العربي اقتصادية، وأن الفقر أساس التطرف والإرهاب، وأن شعور الشباب بالتهميش وعدم تحقيق الذات يولدان لديهم الشعور بالإحباط، ما يؤدي إلى اعتناق الفكر المتطرف.