علي جناح التبريزي رواية مشهورة من الأدب العربي، يقال إن أصلها موجود في كتاب ألف ليلة وليلة، وعلي جناح التبريزي هذا رجل فقير قدم إلى مدينة، واستطاع أن يكذب على أهلها، فزعم أنه تاجرٌ كبيرٌ وأن له قافلة كبيرة ستصل إلى المدينة بعد أيام قليلة، وكان بارعاً في تصوير ثرائه وتجارته المزعومة إلى درجة أن أهل المدينة وتجارها صدقوه ورحبوا به.

فمنهم من أعطاه بضاعته بدون ثمن، ومنهم من أهداه منزله، ومنهم من زوّجه ابنته، وكلهم يطمعون أن يكون لهم نصيب دسم من القافلة القادمة المحملة بالذهب والفضة والحرير والتوابل، وكلما تأخر وصول القافلة وبدأ أهل المدينة بالتذمر اخترع جناح كذبة جديدة، وصدّقه الناس أيضاً وحصل بعدها على عطايا وأموال إضافية، أما القافلة فلم تصل أبداً.

Ad

حال بعض مرشحي وأعضاء المجلس والحكومة كحال علي جناح التبريزي، وحال أهل المدينة كحال بعض الناخبين، والأمثلة كثيرة منها أن علي جناح الكويتي يزعم أنه لا عجز في الميزانية لدينا، وأن قافلة احتياطي الأجيال المقبلة وما فيها من خيرات كفيلان باستمرار الرخاء والبذخ، وأن قافلة النفط ستكفي وستدوم، وأن على المواطن أن يستمر في انتظار الوعود والأحلام.

فلنتامل كم وعد قطع بقانون أو لجنة أو قرار لحل مشكلة البدون، وكم قانون استبدل بقانون سابق لمعالجة الخطوط الجوية الكويتية، وكم حل (قافلة) تم التبشير به للإسكان وتعديل التركيبة السكانية والإصلاح الاقتصادي وفساد البعارين وإصلاح الصحة والتعليم والإدارة وسوق العمل، ولكن كلما اكتشف الناس أن جميع قوافل هذه الحلول لم تصل عندها يتم الوعد بحلول أو قافلة جديدة، وما زال الكثيرون يصدقون وينتظرون.

ومن الأمثلة التي يمكن أن ننسبها إلى التبريزي أيضاً ترديد بعض السياسيين الكويتيين على سبيل التخويف من الانصراف عن قافلتهم قول منسوب إلى سفيرة سابقة أن الكويت لن تبقى إلى سنة 2021، يعني بقي 3 سنوات ولم تصل القافلة!

يا جماعة إن الحقيقة مهما كانت صعبة أو غير شعبية أفضل وأبقى من قوافل محملة بوعود لكنها لا تصل أبداً.